أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - انطولوجيا الجسد في مجموعة أمي وذلك العشيق أشواق النعيمي














المزيد.....

انطولوجيا الجسد في مجموعة أمي وذلك العشيق أشواق النعيمي


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 8151 - 2024 / 11 / 4 - 18:17
المحور: الادب والفن
    


لم يعد الجسد في القص النسوي حيزا بيولوجيا مخصصا للرغبات وموضعا لإشباع الغرائز والميول ، بل اتسع ليأخذ أبعادا اجتماعية وثقافية تزخر بصور الحياة وتمثلاتها ، ووعيا يتحسس بمجساته الحذرة مواضع خطواته ، ويّقيم علاقته بالآخر والمجتمع . تحولات الجسد في السرد النسوي تبلورت عن هوية اجتماعية متفردة ، ترجمت القاصة فوز حمزة بعضا من ملامحها في مجموعتها المعنونة " أمي وذلك العشيق " . المنظور الذاتي كان السمة التي غلبت على المجموعة ، وإن وظفت بعضها بصوت الأنا الرجل لإيجاد معادلة اجتماعية تطرح من خلالها قضايا المرأة .
تتمحور القصص حول معاناة المرأة بوصفها هوية جسدية رقيقة قابلة للانحناء لكنها عصية على الكسر . تحاول بطلة قصة " رسالة بالصمت" الوقوف متوازنة بين حبال العقل والقلب ، فأي حبل ستختار ؟ تقول : " أقنعت نفسي بالتنازل عن أحلامي ورغباتي لأجله ، الحب من أوحى لي بإخفاء انكساراتي لأبدو أمام أبنائي كما عهدوني ، أم قوية ، وأمامه زوجة صلبة " القصص بالمجمل تراهن على قوة المرأة في النهوض مهما كانت طبيعة الظروف .
توظف القاصة أسلوب الحوار المنولوجي وهو يتخذ صورا متنوعة ومستويات متعددة . في قصة " الرسول " تنشطر الذات إلى اثنين ، الذات وذاكرتها التي تتنكر بهيئة رسول ناصح ، لتفتح رسائل تشكل أهم محاور حياتها ، تعود الرسائل لماضي البطلة وحاضرها ومستقبلها ، الحوار الصريح أفضى إلى تصالح الذات مع ذاتها . وإلى ضرة افتراضية في قصة " هلوسات ندى " ، تعاني ندى من إهمال زوجها وتجاهله المتواصل لمشاعرها ، فيبتكر خيالها زوجة ثانية تشاطرها الإهمال. تسعى ندى في حوارها المنولوجي الذي يصل حد الشجار والثرثرة بصوت مسموع عن معاناتها وخيبتها ، عن خيانة زوجها ، تحاول تبرير أفعاله لتسامحه ، فتجيب ذاتها بالصوت الآخر " لِمَ تبررين له وتجدين الأعذار ، وأنت تعلمين انه كان مخطئا "
وتختلط في قصة " أنا وبطلات قصصي " مشاعر الحزن والخوف في حوار مكاشفة تستعير فيه الكاتبة أصوات بطلاتها ، وتستدعيهم من عالم الخيال إلى الواقع . تعاتب بطلات القصص الكاتبة لتركهن في مواجهة مصائرهن دون إيجاد حلولا تنهي معاناتهن . توثق تلك الأصوات أسوء ما يمكن أن يواجهه جسد المرأة بوصفه هوية مدانة في مجتمع ذكوري متزمت ، الاغتصاب والتشرد والقتل لغسل العار مصائر بطلات القصص التي ألتزمت الكاتبة حيالها الحياد . يكشف الحوار الجدلي عن العلاقة الافتراضية بين الكاتب وشخوصه والمسافة التكتيكية بينهما والحدود الفاصلة بين صوته وأصوات أبطاله ؟ ومن يفرض سطوته على الآخر ؟
الجسد المعطوب ثيمة الحوار في قصة " فراق " بين البطلة وأحد أجزاء جسدها ، حديث حميم من طرف واحد ، والمستمع ثدي معطوب في طريقه للانفصال عن الجسد . يحاكي الحوار المتخيل معاناة المرأة النفسية مع فقدان جزء يمثل كينونتها الأنثوية ، وكمثيلاتها من بطلات المجموعة ، تحاول الاستناد على قوتها الذاتية لتجاوز شعور الفقد المؤلم .
ويمثل الحضور الانطولوجي لجسد المرأة في ثنائية الحياة والموت معادلا موضوعيا للحياة . يحاور البطل جسد زوجته الغائب بالموت في قصة " نومها المقدس " يستدعي الماضي حيث كانت في المنزل ، يتخيل زوجته في غرفة النوم ، يصغي لحديثها ، وقلقها على ابنها الوحيد الذي مات معها ، يقول البطل في خاتمة القصة " ينتابني الخوف حين أفكر بإخبارها أن أبننا قد توفي منذ ثلاثة أعوام بحادث سير ، لكن خوفي يزداد عندما أتذكر أنها قد توفيت معه في نفس الحادث " ذكر حقيقة موت الزوجة كمفارقة ختامية ، رسم حدا فاصلا بين الصور التخييلية والوعي بالموت ، تعيدنا المفارقة إلى السرد التهويمي للبطل واستدعائه لجسد الزوجة الغائب ومحاورته للتعويض عن الحرمان في الواقع .
ويحضر الجسد بوصفه سجنا للماضي بذكرياته المؤلمة في قصة " محطة وقود " حيث تلتفي البطلة بعد سنوات طويلة بالرجل الذي اغتصب جسدها في مرحلة الطفولة تاركا جرحا عميقا في الذاكرة .
تعالج أغلب القصص موضوع قمع المرأة عاطفيا ، مهملة أو مهجورة أو مطلقة . تعيش صراعا بين الاستسلام لواقع السلطة الأبوية وبين رغبتها في تحقيق ذاتها . تحاول الخروج من الصورة النمطية للمرأة المقهورة المستسلمة لتثبت للرجل أنها إنسانة وليست أداة للمتعة أو قطعة أثاث في المنزل . اتخذ السرد من العلاقة بين المرأة بالرجل فضاء للقص لكنه فضاء محدود كونه بعيدا عن الأزمات الإنسانية ، ويعد إقصاء للمرأة عن قضايا المجتمع وهمومه المعاصرة .
من المهم أن تكتب المرأة عن المرأة وتوثق همومها وهواجسها ومعاناتها الحياتية ، ولأنها النصف الآخر في مواجهة تحديات المجتمع ، لابد أن تشركها في مواضيع هي في الحقيقة جزء منها ، فلماذا لا تكون في الخيال أيضا .



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل تصدقين ؟
- قراءة في المجموعة القصصية ( أمّي .. وذلك العشيق ) للقاصّة فو ...
- ثغرها والحياة
- أربعة في الظلام
- من يوميات أبو تكتك
- هي وذلك الفستان
- نافذة من رأسي
- مكالمة بعد منتصف الليل
- مفاجأة غير متوقعة
- لوحة عائلية
- قبل المحو
- قبل البداية
- لعبة ورق
- برنامج أرواق ثقافية
- كبرتُ .. حقًا كبرتُ
- زوجة لساعة من نهار
- ركن في ساعة
- رسالة قلب عاطل عن الحياة
- حلم أخضر .. حلم أزرق
- جيل الطيبين


المزيد.....




- رغم انشغاله بالغناء.. ويل سميث يدرس تجسيد شخصية أوباما سينما ...
- قوارب تراثية تعود إلى أنهار البصرة لإحياء الموروث الملاحي ال ...
- “رسميا من هنا” وزارة التربية العراقية تحدد جدول امتحانات الس ...
- افتتاح الدورة الثانية لمسابقة -رخمانينوف- الموسيقية الدولية ...
- هكذا -سرقت- الحرب طبل الغناء الجماعي في السودان
- -هاو تو تراين يور دراغون- يحقق انطلاقة نارية ويتفوق على فيلم ...
- -بعض الناس أغنياء جدا-: هل حان وقت وضع سقف للثروة؟
- إبراهيم نصرالله ضمن القائمة القصيرة لجائزة -نوبل الأميركية- ...
- على طريقة رونالدو.. احتفال كوميدي في ملعب -أولد ترافورد- يثي ...
- الفكرة أم الموضوع.. أيهما يشكل جوهر النص المسرحي؟


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - انطولوجيا الجسد في مجموعة أمي وذلك العشيق أشواق النعيمي