أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - قبل المحو














المزيد.....

قبل المحو


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 8074 - 2024 / 8 / 19 - 23:43
المحور: الادب والفن
    


وأخيرًا، لوحتْ لي من نافذة حجرتها!.
أملٌ أزهرَ في قلبي وجعلني ألّوحُ ليس بيدي فحسب وإنما بجسدي كله. قفزتُ في الهواء فاتحًا ذراعي، أرسلتُ قبلة إلى السماء. كنتُ فرحًا، لكن في اللحظة التالية شعرتُ بالقلق!.
تلفتُ يمينًا و شمالًا خشية أن يراني أحد من أهلي أو أهلها، حمدتُ الله بعد تأكدي من عدم وجود أيّ شخص .. ربما العاشرة صباحًا وقت جيد للتلويح .
انتبهتْ لي بعد ستة أشهر من المراقبة، فعلتُ في هذه الفترة كل شيء، ساعدتُ فلاح حديقتنا الذي استغرب لأننّي لم أكنْ أهتم لتوسلاته من قبل. توليتُ مهمة تنظيف المرآب بدلًا من أختي الصّغرى. قلبي يتقطع وأنا أراها منشغلة بمشاهدة التلفاز بينما أقفُ في الحرِ تلسعني الشمس بلهيبها!.
بدأتُ أهتم بإطعام الطّيور وتنظيف أقفاصها، ارتابتْ أمي في أمري، لكنها فضلتْ الصمت ما دام الموضوع يصب في مصلحة الجميع . أخي الأكبر الوحيد الذي أدرك أن ثمة سرّ وراء تغير حالي إذ لاحظ أنني بدأت أذاكر عند عتبة الدار، فبدأ بالسخرية و إلقاء التلميحات! .
قلبي أصبح معلقًا بتلك النافذة التي تطل منها حبيبتي لتنظر إلى الزقاق أو تسقي الورود والنباتات المعلقة بحافتها. هذه المرة سأكون إيجابيًا كما سمعتُ في أحد البرامج فأحضرتُ ورقة وقلمًا وبدأت أكتب :
لقد أحببتكِ مذ رأيتكِ أول مرة، كنتِ تقفين خلف النافذة تشربين البيبسي كولا. بدأت أراقبك كل صباح أما في الليل وبعد أن أطفئ ضوء حجرتي، أختبئ خلف الستارة أختلس النظر إليكِ. أحيانًا ألمحكِ تتحدثين في الهاتف أو تذاكرين دروسكِ أو توضبين حاجياتكِ... في إحدى المرات رأيتكِ ترتدين ملابسكِ بعد خروجكِ من الحمام و...
ما هذا الجنون الذي أكتبه؟!.
سأمحو ما كتبته من ( في الليل... إلى الحمام ).
كتبتُ على سطر جديد :
كنت أتبعكِ كل صباح و أنتِ في طريق المدرسة لأحميكِ من الشباب الذين لا هم لهم سوى اصطياد الفتيات وأحذركِ من صديقتكِ البدينة ذات الشعر الأحمر التي ترسل صورها عبر الواتس آب إلى صديقي، وكنت أتفرج معه على تلك الصور واقرأ الرسائل المتبادلة بينهما و...
من أين لي هذه الأفكار السخيفة؟!.
سأمحو ما كتبته من ( أحذركِ... إلى بينهما ).
الأفضل أن أكتب :
لقد كنت أساعد والدكِ في حمل أكياس التسوق وهو عائد إلى المنزل، وكذلك قدمت له المساعدة في دهان سياج بيتكم وذهبت مع أخيكِ لشراء الكلب الذي أسمع صوته الآن. في إحدى المرات حاولت إصلاح مقبض باب المطبخ. أعترف بفشلي في إصلاحه، لكن فعلتُ كل ذلك كي أراكِ ولو مرة واحدة.
والآن، ما رأيكِ في الخروج معي لتناول الغداء، سأطلب لكِ شطائر الدجاج مع البيبسي كولا، ستسأليني مندهشة : كيف عرفت أنّي أفضل الدجاج ؟!. سأخبرك أنا من جلب لكِ الشطيرة الخميس الماضي بناءً على طلب أخوكِ، ستبتسمين بخجل، وأحاول لمس يدكِ الناعمة، بعدها أقتربُ منكِ أكثر فاحتضنك وأقوم بتقبيلك ، لا ضير من قبلة واحدة تشعركِ بلهيب قلبي و...
ما هذا الغباء الغارق فيه كمن مصاب بالهذيان؟!. سأمحو ما كتبته من ( سأحاول.... إلى قلبي ).
سنتبادل أرقام الهواتف وأقبلُ طلب صداقتها على الفيس بوك والانستغرام وتويتر. سأقول لها :
احذفي كل الشباب من صفحتكِ، جميعهم كاذبون، لا يؤتمنون على سرّ، خذي حذركِ من جاركِ الوسيم ذي العينين الخضراوتين الذي يرتدي قلادة ذهبية وسوارًا من الجلد الأسود. هذا المغرور يقضي المساء في كتابة الرسائل الغرامية وإرسالها لجميع الصديقات مع صورته وهو عاري الصدر، لذا عليكِ غلق الهاتف والأهم غلق النافذة.
يمكن للناس العيش دون نوافذ!.
ما الذي كتبته؟!.
كيف أطلب منها غلق النافذة والهاتف؟!.
يالغبائي !! سأمحو من (احذفي... إلى النافذة ).
ليبق الأمر على ما هو عليه في الوقت الحالي. في المستقبل سأجد حلًا للنافذة وستائرها البيضاء الشفافة.
عدتُ للورقة ثانية وكتبتُ : ما رأيكِ في الذهابِ معي إلى الكورنيش لنأكلَ فطائر الدجاج ونشرب البيبسي كولا؟.
هناك، سآمرها بارتداء الحجاب و عدم لبس البنطلون. الشيء الذي لا أقبل النقاش فيه هو وضع مساحيق التجميل على وجهها. أنا متأكد من قدرتي على إقناعها، وإذا لم ترضخ ستكون القوة الحل الوحيد لحسم الموقف.
ماذا .. القوة؟!. يبدو أننّي تسرعت في قراري، سأمحو من ( ارتداء... إلى وجهها ).
كتبتُ في أسفلِ الصفحة مجموعة من الأوامر وطلبت منها الالتزام بها : لا تخرجي لشراء البيبسي كولا، ليقم شقيقكِ الصغير بهذه المهمة، الامتناع عن زيارة الصديقات، موضوع الجامعة لن نتجادل فيه بعد حسم أمري بشأنه، ما حاجتك للدراسة حينما تتزوجيني؟. أنا وأولادي أولى بالرعاية. المرأة لم تخلق إلا للبيت، ومنعًا لتدخل أهلكِ في حياتنا فعليكِ الاختيار بيني وبينهم .
بعد لحظات من التفكير العميق جدًا وبعد إعادتي قراءة ما كتبتُ، محوتُ السّطور الأخيرة كلها.
سأقول لها بدلا عن ذلك : لقد قررتُ الزواج منكِ بعد سنتين، أي بعد تخرجي من الثانوية.
كم أنا أحمق؟!. سنتان فقط؟! . سأضع نفسي في ورطة كبيرة مع أهلي! .
سأكتب لها: أمامي سنوات طويلة لبناء مستقبلي، أما أن تنتظريني وإلّا لنفترق الآن.
محوتْ بغضب كل ما كتبته ونظرتُ إلى الورقة الملوثة بفعل ما كتبت ومحوت، ليس فيها سِوى أربع كلمات: شطائر الدجاج والبيبسي كولا.
رفعت رأسي صوب النافذة لأنظر إليها ثانية.
ما هذا الذي أراه؟!.
من فرط غبائي ظننتها تلوح لي .. إنها تمسح زجاج نافذتها!.



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قبل البداية
- لعبة ورق
- برنامج أرواق ثقافية
- كبرتُ .. حقًا كبرتُ
- زوجة لساعة من نهار
- ركن في ساعة
- رسالة قلب عاطل عن الحياة
- حلم أخضر .. حلم أزرق
- جيل الطيبين
- بين أبي وأمي
- إيلينا
- أنا وبلي
- السحب التي أمطرت ألمًا
- النخلة العاشقة
- الجدار
- خاصرة الورد
- أمي وذلك العشيق .. تبصر وإبصار بقلم الناقد إسماعيل إبراهيم ع ...
- هواجس
- يوم آخر .. يوم أخير
- هلوسات ندى


المزيد.....




- تحية لروح الكاتب فؤاد حميرة.. إضاءات عبثية على مفردات الحياة ...
- الكاتب المسرحي الإسرائيلي يهوشع سوبول: التعصب ورم خبيث يهدد ...
- من قال إن الفكر لا يقتل؟ قصة عبد الرحمن الكواكبي صاحب -طبائع ...
- أروى صالح.. صوت انتحر حين صمت الجميع
- السعودية تخطط لشراء 48 فدانا في مصر لإقامة مدينة ترفيهية
- هل يشهد العالم -انحسار القوة الأميركية-؟ تحليل فالرشتاين يكش ...
- التمثيل النقابي والبحث عن دور مفقود
- الفنان التونسي محمد علي بالحارث.. صوت درامي امتد نصف قرن
- تسمية مصارعة جديدة باسم نجمة أفلام إباحية عن طريق الخطأ يثير ...
- سفارة روسيا في باكو تؤكد إجلاء المخرج بوندارتشوك وطاقمه السي ...


المزيد.....

- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - قبل المحو