أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - بين أبي وأمي














المزيد.....

بين أبي وأمي


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 8051 - 2024 / 7 / 27 - 14:21
المحور: الادب والفن
    


أغلقتُ حاسبتي والكتابَ الذي كنت أقرأ فيه وذهبتُ للنوم بعد تجاوز الليل منتصفه. بينما الأفكار كانتْ تتجاذبني، سمعتُ همسًا قادمًا من الصّالة. بدأ يعلو قليلًا. تركتُ سريري وخرجتُ من الغرفة لاستراق السمع، يؤازرني الظّلام فيما عزمتُ على فعله.
كان يبدو واثقًا من كلامه عندما تناهتْ إلى مسلمعي كلماته: لا تظني أبدًا أنكِ ستنجحينَ في إقصائي وإبعادي عنها. لطالما أفصحتْ عن راحتها معي، لن تستطيعي مهما بلغتِ من قوة، أنْ تحلي محل ذكرياتي معها. أنا الذي تلقفتها بين ذراعيّ هاتين وهي لم تزلْ طفلة. فأين كنتِ من كل هذا؟!.
صدرت منها ضحكة استهزاء قصيرة قبل أن تقول له: الغرور سيقتلكَ بعد أن أعمى بصيرتك!. لا أنكر أن سطوتكَ في الماضي كانت محكمة عليها ليس بسبب قوتك، بل لأنها لم تكن تعرف غيرك، أما الآن، عليك الاعتراف بتغير الزمن، عليكَ أنْ تطأطئ رأسكَ لرياحي التي غيرت المسار وستحمل كل ما هو قديم وترميه خارج الزمن. وجودكَ معي الآن لا يعني مساواتك لي.
صمتتْ برهة ثم قالت وكأنها تذكرت شيئًا: ثم عن أي ذكريات تتحدث؟!. إنها ذكريات من ورق!.
بحماس غير معتاد قال: لقد شاركتها الذكريات في كلِ ركنٍ من أركانِ المنزل، بل كانتْ لا تنام إلّا وهي إلى جانبي، لا أتركها إلّا بعد أن تأخذها الأحلام مني .
بتهكم أجابت: هي الآن لا تفارقني ليل نهار. تسألني عن كل صغيرة وكبيرة. الأمر وصل حدًا أبعد من ذلك حينما أصبحتُ أرافقها حتى في السّفر، اعترفْ بنجاحي في سحبِ البساط من تحتكِ
ساد صمت قصيرة بينهما قبل أسمعه يقول: ما رأيكِ في ترك أمر الاختيار لها؟.
قالت على مضض: أنا أيضًا أرى ذلك، علينا بحسم الأمر وإنهاء هذا الجدل العقيم.
جلستُ على الأرض مغتمة من حديثهما الذي يتخلله الكثير من الانفعال. أفكر هل حقًا لزامًا عليّ اختيار أحدهما. حياتي تستقيم مع الاثنين. عليهما إدراك ذلك!.
بخطواتٍ هادئة، ذهبتُ لأجلس بينهما. أخذتُ نفسًا عميقًا قبل أنْ يخرج على شكل تنهيدة طويلة. قلت له بينما يدي تمسد أعلى جبهته:
لم أعشْ مراهقة طائشة، ولم يعرف الملل طريقه إلى روحي، حصل ذلك بفضلك!. معك كنت أكبر كل يوم عامًا كاملًا. زرتُ معك عوالم كانت موغلة في القدم وأحلامي لم تعد تتسع لها ثياب الواقع، من خلال عينيك نظرت إلى الكون الفسيح وأحببته.
لبستُ نظارتي وقلت لها بحنان بينما يدي تستشعر ملمسها الناعم:
أما أنتِ، يكفي أنْ أصفكِ بالمعجزة.
ثم وأنا احتضنهما معًا قلت: هل حقًا تنتظران مني الاختيار بينكما؟!. كيف يمكن للمرء الفصل بين ماضيه وحاضره؟ ها .. أجيباني!.
نهضت من مكاني بينما الضّياء السّاطع بدأ يغمرُ المكان. نظرت إلى كتابي والحاسبة. أرسلت لهما قبلة في الهواء قبل أنْ أغيب داخل فراشي.



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيلينا
- أنا وبلي
- السحب التي أمطرت ألمًا
- النخلة العاشقة
- الجدار
- خاصرة الورد
- أمي وذلك العشيق .. تبصر وإبصار بقلم الناقد إسماعيل إبراهيم ع ...
- هواجس
- يوم آخر .. يوم أخير
- هلوسات ندى
- معطف الغياب
- مطاردة من الماضي
- محطة وقود
- أين أختفى؟
- لم يقل لي أحبك
- خلوة كاتب أحمق
- قصة غير متوقعة
- خيط حرير
- حلم المنتصف
- حدث فجرًا


المزيد.....




- التعبيرية في الأدب.. من صرخة الإنسان إلى عالم جديد مثالي
- يتصدر عمليات البحث الأولى! .. فيلم مشروع أكس وأعلى الإيردات ...
- المخرج علي ريسان يؤفلم سيرة الروائي الشهيد حسن مطلك وثائقياً ...
- فنانون سوريون ينعون ضحايا تفجير كنيسة مار إلياس
- المفكر الإيراني حميد دباشي.. التصورات الغربية عن الهوية الإي ...
- فيلم -باليرينا-.. درس جديد في تصميم الأكشن على طريقة -جون وي ...
- التشادي روزي جدي: الرواية العربية طريقة للاحتجاج ضد استعمار ...
- ما آخر المستجدات بحسب الرواية الإسرائيلية؟
- تردد قناة ماجد الجديد لأطفالك 2025 بأحلى أفلام الكرتون الجذا ...
- -أسرار خزنة- لهدى الأحمد ترصد صدمة الثقافة البدوية بالتكنولو ...


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - بين أبي وأمي