أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - الطريق الثالث














المزيد.....

الطريق الثالث


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 8441 - 2025 / 8 / 21 - 14:01
المحور: الادب والفن
    


كان الموعد معها يوم الأربعاء، عصرًا بالتحديد، التقيتها في بيتها في مدينة صوفيا .. سألتني ونحن نشربُ الشاي:
- ما الموضوع الذي يشغلكِ؟
وحينما وجدتْ أن سؤالها قد يشمل أشياءً كثيرة، أعادتْ صياغة السؤال بشكلٍ آخر:
- أقصد ماذا تحبين أن يكون عنوان ( الرسمة ) ؟
لم تأخذ مني الإجابة وقتًا، إذ أنني حضرتُ وفي ذهني موضوع معين قد شغلني منذ أشهر، فقلت لها وفي نبرة صوتي نوعًا من الإحباط:
- منذ وقت ليس بالقصير وأنا أعاني من فقدان شغفي في الكتابة وهذا أشد وطأة عليّ من أي شيء ثان!.
كانت ذكية في سؤالها التالي، إذ مسكت بطرفِ الخيطِ:
- هل حدثَ ذلك حين انتقلتِ للعيش في ألمانيا؟
- نعم. بالضبط ! ..
هذه المرة كان صوتي معبرًا عن إعجابي بها.
- هل تقصدين أنكِ لم تكتبي أي شيء على الإطلاق؟
- لا. لقد كتبتُ بعض النصوص، لكن وقت الكتابة ينتابني شعور كمن يجر عربة محملة بالطابوق في يوم قائظ.
ضحكتْ وهي تصف تشبيهي الغريب على حد قولها بـ ( المؤلم ) ثم أضافتْ:
- مع أن كل شيء في ألمانيا يشجع على الكتابة، الطقس، المناظر، الناس، وأشياء أخرى...
قاطعتها:
- الكتابة يا عزيزتي تفاعلات تتم داخل فكر ونفس وروح الكاتب ثم يأتي كل ما ذكرتي كي يؤطر النص ويمنحه أبعاده الخاصة وإلا لأصبح جميع سكان ألمانيا كُتابًا أو فنانيين!
ابتسمتْ لإجابتي التي نالتْ رضاها وكأنها كانت تنتظر ذلك مني ثم رفعتْ القلمَ من فوق الورقة لتحسمَ الأمر بالقول:
- عنوان ( رسمة اليوم ) الشغف، لكن قبل البدء في الرسم، سأخبركِ سرًا تعلمته من المعهد الروسي الذي تلقيتُ فيه الدورة.
وكأن الطير وقفَ على رأسي بانتظار ما ستقول.
استأنفتْ:
- بعد استيقاظكِ من النوم مباشرة، وقبل فتحكِ للهاتف، أبدأي بالكتابة على شرط أن تكتبي بالقلم.
وكأنها فهمت سر استغرابي، فأجابتْ:
- نعم بالقلم ، أعلم أنكِ ومنذ زمن تستخدمين اللابتوب للكتابة، لذا عليكِ بإعادة العلاقة التي انقطعت بينكِ وبينه ، دعي القلم يشعر بأنه سيدكِ الذي لا يُناقش ولا يُجادل ولا يرد له أمر.. اتركيه يكتب ما يحلو له حتى لو كان ما يكتبه دون هدف، بمعنى أدق.. دعيه يهذي لتستمتع الورقة بهذيانه.
ابتسمتْ بخبث ثم أضافتْ:
- تصرفي معه كأنكِ زوجة عادتْ لزوجها بعد إنفصال.
ضحكتُ فعلًا للتشبيه الذي راقني.
- والآن دعينا نبدأ في الرسم.
وبدأتْ تملي عليّ ما أفعل. لم نرسم لوحة طبيعية أو تجريدية أو سريالية، بل رسمنا لوحة نيورجرافيكية إن صح التعبير.
نسيت إخباركم ما هو فن النيورجرافيك؟
إنه باختصار طريق للتشافي، كيف ذلك؟
إنه الرسم الذي يعيد تشكيل خلايانا العصبية من جديد ويعيد علاقتنا معها من خلال استخدامنا لجهازنا العصبي بشكل واع ويعمل أيضًا على إعادة تنظيم الدماغ دون عقاقير أو كلمات.. إنه الطريق الثالث.. الطريق الذي سيعيدنا إلى ذواتنا المستقرة قبل تعرضها للصدمات والتوتر والفوضى الداخلية وأشياء أخرى لا مجال لذكرها الآن.
لقد التزمتُ بنصيحتها التي أتتْ ثمارها معي بعد اقتناعي أن الإبداع يرتبط بشكلٍ وثيق بالجهاز العصبي.. باختصار أن الرسم العصبي من خلال خطوط بسيطة يُرمم ما تحطم داخلنا خلال رحلة الحياة كي نستعيد شعور الأمان في الجسد عن طريق الإبداع اليدوي.
كل ذلك وأكثر تعلمته من الأستاذة هدف العبادي أول مدربة رسم عصبي ( النيورجرافيك ) في العالم العربي، وقد حصلتْ على شهادتها من المعهد الروسي وهي المؤسسة لمجتمع مرايا أول مجتمع عربي يعنى بوعي الجمال.



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نفسي الأمارة
- بين نسق الخيانة وهبوب الذات الأنثوية .. قراءة في رواية ( ريا ...
- واقعية المكان في رواية ( رياح خائنة ) للكاتبة فوز حمزة .. مص ...
- غباء اصطناعي
- غمزة سعاد
- من قلة الخيل
- مُلهم من ورق
- جيران آخر زمن
- ( في العمق ) محاورة بين الكاتبة فوز حمزة والناقد أحمد مبارك ...
- رسالة إلى رجل لا أعرفه
- زوجي الخامس
- على ساحل فارنا
- سياحة ذهنية في عرض النص .. دراسة نقدية لرواية ( رياح خائنة ) ...
- انطولوجيا الجسد في مجموعة أمي وذلك العشيق أشواق النعيمي
- هل تصدقين ؟
- قراءة في المجموعة القصصية ( أمّي .. وذلك العشيق ) للقاصّة فو ...
- ثغرها والحياة
- أربعة في الظلام
- من يوميات أبو تكتك
- هي وذلك الفستان


المزيد.....




- الجديد : مجموعة شعرية لمصطفى محمد غريب ( لحظات بلون الدم )
- أصيلة تكرم الفنان التشكيلي المغربي عبد الكريم الوزاني.. ناحت ...
- المصري خالد العناني مديرًا لليونسكو: أول عربي يتولى قيادة ال ...
- -نفى وجود ثقافة أمازيغية-.. القضاء الجزائري يثبت إدانة مؤرخ ...
- عودة الثنائيات.. هل تبحث السينما المصرية عن وصفة للنجاح المض ...
- اختفاء لوحة أثرية عمرها 4 آلاف عام من مقبرة في سقارة بالقاهر ...
- جاكلين سلام في كتابها الجديد -دليل الهجرة...خطوات إمرأة بين ...
- سوريا بين الاستثناء الديمقراطي والتمثيل المفقود
- عامان على حرب الإبادة الثقافية في قطاع غزة: تدمير الذاكرة وا ...
- من آثار مصر إلى الثقافة العالمية .. العناني أول مدير عربي لل ...


المزيد.....

- مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا / حسين جداونه
- شهريار / كمال التاغوتي
- فرس تتعثر بظلال الغيوم / د. خالد زغريت
- سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي / أبو الحسن سلام
- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - الطريق الثالث