أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - قرينتي السيدة ( لماذا )














المزيد.....

قرينتي السيدة ( لماذا )


فوز حمزة

الحوار المتمدن-العدد: 8443 - 2025 / 8 / 23 - 14:29
المحور: الادب والفن
    


في لحظةٍ لم يكن فيها شيئًا واضحًا، من بين الأنقاضِ والخرابِ المترامي في هذا العالم، ولِدتْ السيدة ( لماذا ).
الغريب أن ولادتها لا تشبه ولادة البشر إذ يأتون صغارًا لا يفقهون شيئًا ومن ثم تنحتهم الأيام، بل ولِدتْ كبيرة بصوتٍ مدوٍ ونظراتٍ تحدقُ في كل شيءٍ وجسد لا يهدأ.
لها ذراعان لا يتوقفان عن النمو وأقدام تسيرُ على غير هدىً وعيون لا تنام.
كانتْ تثيرُ الدهشة حقًا، لا لأنها فقط كانت مريبة في حضورها، بل لأنها تمتلكُ عشرات الأصواتِ ولكلٍ منها هيئة و وجه.
تجيدُ التعبير عن نفسها بطرقٍ شتى: مرة بالصراخِ وأخرى بالألمِ وثالثة بالتعجبِ. أما الأغرب فحين تصمت وكأن الصمت نفسه صار سؤالًا.
لم تكن تتركني لحظة، تتبعني كما تتبعُ الظلال أجسادها، تتسللُ إلى كل عملٍ أنجزه، تندسُ في تفاصيلي، سألتها بضيق:
" لماذا لا تبتعدين؟"
ردّتْ مبتسمة:
"لأننّي قرينتكِ التي لن تموت إلاّ بموتكِ، لم أولد من خرافة، بل ولِدتُ من هنا".
وأشارتْ إلى رأسي.
هربتُ إلى السرير أرجو العزلة أو هدنة قصيرة، لكن يالسذاجتي ... كانت تنتظرني هناك كعادتها تمدُ أذرعها الاخطبوطية حولي، تمنعُ النوم من الوصولِ إليّ، تهمسُ في أذني:
" النوم خيانة كبرى".
أغمضتُ عينيّ محاولة الهرب، لكنها سبقتني إلى هناك وتسللتْ إلى رأسي بخفة الدخان كأنها تعرف الطريق جيدًا، وجدتني أسألها: "أخبريني يا ( لماذا )..
لماذا كل هذه الفوضى المنبثقة من العقول والشوارع؟
لماذا كل هذا الجنون الذي يجرنا كنيام نحو المجهول؟"
لم أكنْ أنتظرُ منها جوابًا، لكنها أجابتْ بصوتٍ لا يحملٌ حكمةً ولا عزاءً:
" أنا لا أصنعُ الفوضى، ولا أشعلُ الحرائق، بل لا أعلم لِمَ تشرقُ الشمس، ولا سر هطول المطر، ولا أفقه الحكمة من وجود الإنسان أو لماذا يرحل، لأنني ببساطة أولد بعد كل شيء، بعد وقوع الأحداث، فيجعلون مني غطاءً أو عزاءً او تبريرًا.
صمتتْ...
ثم شيئًا فشيئًا بدأتْ تفكُ أذرعها من حولي كأنها تمنحني استراحة قصيرة من قبضتها اللزجة.
نظرتْ إليّ بعينينِ تخلوان من الشفقة، وبشيء يشبه المعرفة العميقة، قالتْ بنبرةٍ تشبه الهمس القديم:
" ما دامتْ الحياة تتنفس...
ستولد كل صباح ( لماذا ) جديدة.



#فوز_حمزة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطريق الثالث
- نفسي الأمارة
- بين نسق الخيانة وهبوب الذات الأنثوية .. قراءة في رواية ( ريا ...
- واقعية المكان في رواية ( رياح خائنة ) للكاتبة فوز حمزة .. مص ...
- غباء اصطناعي
- غمزة سعاد
- من قلة الخيل
- مُلهم من ورق
- جيران آخر زمن
- ( في العمق ) محاورة بين الكاتبة فوز حمزة والناقد أحمد مبارك ...
- رسالة إلى رجل لا أعرفه
- زوجي الخامس
- على ساحل فارنا
- سياحة ذهنية في عرض النص .. دراسة نقدية لرواية ( رياح خائنة ) ...
- انطولوجيا الجسد في مجموعة أمي وذلك العشيق أشواق النعيمي
- هل تصدقين ؟
- قراءة في المجموعة القصصية ( أمّي .. وذلك العشيق ) للقاصّة فو ...
- ثغرها والحياة
- أربعة في الظلام
- من يوميات أبو تكتك


المزيد.....




- مسرحية -طعم الجدران مالح-.. الألم السوري بين توثيق الحكايات ...
- مهرجان الأردن لأفلام الأطفال.. غزة وحكايا النزوح والصمود في ...
- -للسجن مذاق آخر-.. شهادة أسير فلسطيني عن الألم والأمل خلف ال ...
- المخرجة اللبنانية منية عقل تدخل عالم نتفليكس من خلال مسلسل - ...
- الذكاء الاصطناعي بين وهم الإبداع ومحاكاة الأدب.. قراءة في أط ...
- مخيم -حارة المغاربة- بطنجة يجمع أطفالا من القدس والمغرب
- بصمة الأدب العربيّ: الدّكتورة سناء الشّعلان (بنت النعيمة)
- باب كيسان.. البوابة التي حملت الأزمنة على أكتافها
- -بدونك أشعر أني أعمى حقا-.. كيف تناولت سرديات النثر العربي ا ...
- نذير علي عبد أحمد يناقش رسالته عن أزمة الفرد والمجتمع في روا ...


المزيد.....

- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فوز حمزة - قرينتي السيدة ( لماذا )