مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 8518 - 2025 / 11 / 6 - 22:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ تُظهر نتائج الانتخابات المحلية الأخيرة في الولايات المتحدة أن الديمقراطية الأمريكية ما زالت تملك القدرة على تجديد ذاتها ، وعلى تجسيد إرادة الناخب بعيداً عن سطوة رأس المال أو ضغوط جماعات النفوذ ، ففوز زهران ممداني برئاسة بلدية نيويورك ، إلى جانب فوز كل من غزالة هاشمي وعبد الله حمود ومو بيضون في ولايتي ميشيغان وفرجينيا ، لا يُعد حدثًا عابراً ، بل تحوّلاً اجتماعياً وسياسياً لافتاً ، يعكس تنامي حضور الهويات المتعددة في الفضاء الأمريكي العام .
ومن الحكمة ، في ضوء هذه المتغيرات ، أن يبادر الرئيس دونالد ترمب بتهنئة الفائزين وتحديداً بعمدة مدينة نيويورك الجديد ممداني ، لا بوصفها مجاملة سياسية فحسب ، بل باعتبارها رسالة إحترام للمسار الديمقراطي وإقراراً بواقع جديد يتشكل على مستوى الوعي الشعبي ، فالناخب الأمريكي بات أكثر جرأة في توظيف صوته للتعبير عن رفضه لهيمنة جماعات الضغط ومحاولاتها تكريس سرديات تزعم أن الطبقية السياسية ، لا الديمقراطية ، هي الحَكم النهائي في الانتخابات ، “فصوت المواطن ما يزال أقوى من نفوذ المال ، وأصدق من روايات الهيمنة " .
ولقد أتت النتائج لتكذّب هذه السرديات ، محققة انزياحاً واضحاً باتجاه خيارات أكثر تنوعاً وجرأة ، تُعيد الاعتبار لحق المواطنين في اختيار ممثليهم بمنأى عن الإكراه السياسي أو النفوذ المالي ، وهذا التحول لا يمكن تجاهله ، لأنه يستند إلى وعي جماهيري آخذ في التشكل ، يحمل معه مطالبة صريحة بإعادة تعريف أولويات السياسة الداخلية والخارجية للولايات المتحدة ، ومع هذا الواقع المتحوّل ، يصبح من الضروري أن تدرك الإدارة السياسية ، وفي مقدمتها الرئيس ترمب وفريقه وحزبه ، أن المرحلة المقبلة تحتاج إلى قراءة مختلفة وبعيدة عن اللوبي الصهيوني ، وأكثر انفتاحاً على المزاج الشعبي ، فالتكيف مع هذا التحول لا يقتصر على التعامل مع نتائج انتخابية مؤقتة ، بل يتجاوزها نحو فهم عميق للتغير الإجتماعي الذي يدفع نحو مسار يعزز نهجاً أكثر توازناً في السياسة الأمريكية.
إن ما تفعله صناديق الاقتراع اليوم هو إعادة رسم الخريطة السياسية في الولايات المتحدة ، وفتح الباب أمام مشاركة أوسع لمكونات المجتمع الأمريكي ، وهذا بحد ذاته يشكّل رسالة واضحة مفادها أن الديمقراطية ، مهما تعرضت للضغط ، لا تزال تقف على قاعدة صلبة ؛ وأن صوت المواطن ـ لا سواه ـ هو صاحب الكلمة الفصل .
وبقدر ما تنحاز الإدارة إلى هذا الصوت ، بقدر ما تضمن لنفسها مكانًا في المستقبل السياسي المتشكل أمام أعيننا … والسلام 🙋♂ ✍
#مروان_صباح (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟