أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمة المهدي - العراق بين حلم الدولة المدنية وواقع المحاصصة














المزيد.....

العراق بين حلم الدولة المدنية وواقع المحاصصة


نعمة المهدي

الحوار المتمدن-العدد: 8516 - 2025 / 11 / 4 - 06:43
المحور: الادب والفن
    


بمناسبة الانتخابات العراقية لعام 2025
المقدمة
مع اقتراب الانتخابات العراقية لعام 2025، يعود السؤال الأكبر الذي يطرحه العراقيون منذ سنوات طويلة: هل يمكن للعراق أن يستعيد توازنه، وينهض من بين ركام الفوضى السياسية والصراعات الحزبية، ليؤسس دولة مدنية عادلة تُعلي قيمة المواطن قبل أي انتماء آخر؟
لقد أثقلت التجارب السابقة كاهل الشعب، حتى صار يطالب لا بترف الرفاهية، بل بأبسط حقوقه في العيش الكريم؛ كهرباء لا تنقطع، خدمات صحية مستقرة، أمن اجتماعي واقتصادي واضح المعايير، ودولة تحترم كرامة الإنسان.
وعليه، فإن الحديث عن الدولة المدنية اليوم ضرورة وطنية لا مجرّد شعار أو أمنية معلّقة.
العراق بين التأسيس والانهيار
مرّ العراق خلال العقود الماضية بتحوّلات حادّة تركت آثاراً عميقة على واقعه السياسي والاقتصادي والاجتماعي. فبعد أن كان يمتلك بنية مؤسسية قوية ومشاريع تنموية طموحة، تعرّضت الدولة إلى تآكل تدريجي أصاب هياكلها الأساسية.
ومنذ عام 2003، كان يفترض أن تنفتح البلاد على عهد جديد من الديمقراطية والتعددية السياسية وبناء دولة حديثة، لكن الواقع اتخذ مساراً آخر؛ إذ حلّت المحاصصة الطائفية والحزبية محلّ مبدأ الكفاءة، وتحولت مؤسسات الدولة إلى ساحات لتقاسم النفوذ لا ميادين للخدمة العامة.
الفساد ونهب المال العام
لم يشهد العراق في تاريخه الحديث توسّعاً للفساد كما عرفه خلال العقدين الأخيرين.
تحولت المناصب الحكومية إلى أبواب لجمع الثروات لا لخدمة المواطن، وضاعت مليارات الدولارات في مشاريع وهمية أو أخرى مُنجزة بشكل لا يصلح للاستخدام.
تغلغلت شبكات المصالح في الوزارات والمؤسسات، حتى انشطرت الدولة إلى تكتلات متنازعة، كلٌّ يسعى لتعظيم مكاسبه على حساب المصلحة العامة.
فانهارت الثقة بين المواطن والحكومة، وازدادت الهوّة بين الطرفين اتساعاً، حتى بات الإنسان يشعر أنه يعيش في وطنٍ لا يمنحه الشعور بالانتماء الكامل إليه.
البنية التحتية... مرآة الخراب اليومي
لا يحتاج العراقي إلى تقارير دولية ليدرك حجم ما أصاب وطنه من تراجع؛ فالأدلة واضحة في كل مكان:
شبكة كهرباء عاجزة رغم عقود من الإنفاق والوعود.
طرق وجسور تتضرر مع أول موسم أمطار.
منظومة صحية تفتقر إلى المعايير الأساسية.
مؤسسات تعليم تتراجع عاماً بعد آخر.
وصناعة وزراعة ضعُفتا حتى أصبح البلد يعتمد على الاستيراد بدل الإنتاج.
إنه مشهد يجسّد التناقض المؤلم: بلد غني بثرواته وفقير بخدماته.
المواطن بين فقدان الأمن وشحّ العدالة
الأمن الحقيقي لا يعني فقط توفر السلاح والقوة، بل يشمل:
أمن العمل والراتب.
أمن المستقبل والاستقرار.
أمن التعليم والصحة والسكن.
وأمن العدالة القانونية.
غير أن العراقي اليوم يشعر أنه يقف وحيداً أمام ضغوط الحياة اليومية.
فالشاب يبحث عن فرصة عمل فلا يجد، والعائلة تكافح الغلاء المتزايد، والمرأة تواجه تحديات اجتماعية وقانونية معقدة، والمتقاعد يطارد راتباً بالكاد يسد احتياجاته الأساسية.
هل من أمل في الدولة المدنية؟
نعم، الأمل موجود، لكنه يتطلب إرادة وجهداً وصبراً.
وهو مرهون بـ:
وعي شعبي متجدد يرفض الانجرار وراء الخطابات الطائفية.
جيل جديد من القيادات يضع الوطن فوق المصالح الشخصية.
إصلاح قانوني ودستوري يجعل المواطنة أساس الحقوق والواجبات.
إعادة بناء مؤسسات الدولة على مبدأ الكفاءة لا الولاء.
الدولة المدنية ليست مشروعاً مستحيلاً، بل مشروع يبدأ بقرار شعبي واعٍ.
الختام
إن العراق اليوم يقف أمام مفترق طرق حاسم؛ فإما أن تستمر الدائرة ذاتها:
محاصصة تُنتج فساداً، وفساد يُنتج ضعفاً، وضعف يُنتج دولة بلا هيبة ولا مستقبل.
وإما أن يختار الشعب في هذه الانتخابات أن يعيد صياغة المعادلة السياسية، ويقدم صوت الوطن على صوت الانتماء الضيق.
إن الدولة المدنية ليست مجرد شعار يُرفع، بل عقد أخلاقي بين الدولة والمواطن، أساسه العدل، وروحه القانون، وغايته الإنسان.
وغداً لن يكون مختلفاً،
إلا إذا صوّت العراقي بضمير يرى العراق أولاً… والعراق دائماً.



#نعمة_المهدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بيت الزجاج
- لم يعد… لكنه عاد
- قاربٌ من الطين
- تنّور أم زينب
- ذكرى لا تُباع
- ألمُ الفقد
- نبضٌ لا يموت
- ضجيجُ العيش وصمتُ الحكمة
- حديقة البيت رقم ١٧
- ظل الصباح
- الملفد ١٩٥٤ / ظل الجسر
- مقهى على دجلة
- كرسيٌّ فارغ… ووردةٌ على الطاولة
- مرثيّة الظلّ البعيد
- عزاء في الأزقة
- وصيّة في باص مزدحم
- رائحة الخبز في بغداد
- ساعة لا تدقّ
- مقعد في قاعة الانتظار
- حُلْمٌ يُحاكَمُ في اليقظة


المزيد.....




- عدي رشيد يدخل هوليوود بفيلم يروي حكاية طبيب عراقي
- مهرجان مراكش الدولي للفيلم يكرم أربع شخصيات بارزة في عالم ال ...
- -العملاق- يفتتح الدورة الخامسة من مهرجان البحر الأحمر السينم ...
- منصور أبو شقرا... مسيرة شعرية وثقافية تتجسد في إصدار مجموعته ...
- نردين أبو نبعة: الكتابة المقاومة جبهة للوعي في مواجهة السردي ...
- مصر: نقيب الممثلين ينفي فتح تحقيق مع عباس أبو الحسن بعد تصري ...
- جدل بعد بث أغنية أم كلثوم عبر أثير إذاعة القرآن الكريم المصر ...
- أشبه بالأفلام.. سيدة تُقل شرطيًا بسيارتها لملاحقة سارقة متجر ...
- -البيت الفارغ- والملاحم العائلية يمنحان الفرنسي لوران موفيني ...
- المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يكرّم جودي فوستر وحسين فهمي


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - نعمة المهدي - العراق بين حلم الدولة المدنية وواقع المحاصصة