سينما… أول مخرجة سينمائية (1-2)/ إشبيليا الجبوري - ت: من اليابانية أكد الجبوري

أكد الجبوري

الحوار المتمدن-العدد: 8515 - 2025 / 11 / 3 - 02:27
المحور: الادب والفن
    

مهمة المقال:
- يسلط الضوء على المفارقات العجيبة عن تاريخ موجز لحياة وموت وبعث المخرجة أليس غي-بلاشيه (1873-1968)().

في عام 1952()، ظهرت امرأة مسنة تقارب الثمانين من عمرها، أنيقة المظهر، لكن على طراز عصر آخر، في مكاتب مكتبة الكونغرس بواشنطن العاصمة. ورغم إتقانها للغة الإنجليزية، إلا أن لكنتها تكشف عن أصولها الفرنسية. رحب بها الموظفون بلباقة، لكنهم تبادلوا نظرات ارتياب. لو كانت بمفردها، لما أخذوها على محمل الجد، لكنها كانت برفقة ابنتها، التي أكدت كلام المرأة المسنة بجدية.

"اسمي أليس غي"، قالت لهم، "وأود أن أعرف إن كان لديكم نسخ من أي من الأفلام التي صنعتها في العقدين الأولين من القرن العشرين."()

دفعها تعبير ابنتها الصارم إلى البحث في قائمة الكتيبات والوثائق الواسعة مرارًا وتكرارًا. لكن لا. لا توجد أفلام في المجموعات باسم أليس غاي.()

"وماذا عن أليس غاي-بلاشيه؟"()
لا، ليس هناك أيضًا.
"وماذا عن سولاكس؟"()
لا، لا شيء.

تغادر المرأتان، محبطتين لكنهما غير منهزمتين، ويسمح الموظفون الآن لأنفسهم بلمسة من السخرية. مع عدد الأفلام الصامتة المفقودة، يُجادلون بأنه حتى لو كانت هذه المرأة قد شاركت في فيلم أو اثنين، فإن فرص الحفاظ عليها ضئيلة. في الواقع، تكاد تكون معدومة.

ما لم يعرفه هؤلاء الموظفون حينها هو أن أليس غاي لم تشارك في فيلم أو فيلمين فقط. في الولايات المتحدة وحدها، بين عامي 1910() و1920()، وعلى رأس شركتها الخاصة، سولاكس (التي أسستها مع زوجها، هربرت بلاشيه (1882-1953)())()، أنتجت أليس وكتبت وأخرجت أكثر من مئتي فيلم. ولم يكن ذلك سوى نصف مسيرتها المهنية: ففي موطنها فرنسا، بين عامي 1896() و1907()، وعلى رأس استوديوهات ليون غومون (1864-1946)()، أخرجت أكثر من أربعمائة فيلم().

كانت أليس غاي رائدة سينمائية حقيقية، فبدأت العمل كسكرتيرة إدارية لدى ليون غومون(). دفعها اهتمامها بالفن والتكنولوجيا إلى طلب استخدام إحدى كاميراته لإنتاج فيلم، وهو طلب وافق عليه غومون بكل سرور. فاجأته الشابة بفيلم قصير(). لم يكن بجودة كافية لعرضه فحسب، بل حقق نجاحًا باهرًا لدرجة أن غومون سمحت لأليس بمواصلة التصوير(). في الواقع، في غضون بضعة أشهر، أصبحت أليس غاي بالفعل رئيسة قسم الإنتاج في الشركة()، التي ازدهرت بفضلها. أخرجت لغومون أفلامًا كوميدية ودرامية ووثائقية()، وساهمت في تطوير اللغة السينمائية() إلى جانب أسماء أخرى معروفة اليوم، مثل جورج ميلييه (1861-1938) والأخوين لوميير. هما [أوغست ماري لويس نيكولا لوميير (1862 - 1954)() ولويس جان لوميير (1864 - 1948)().]()

في عام 1906()، أخرجت أليس أحد أوائل الأفلام الروائية في التاريخ، وأول فيلم تاريخي، "حياة المسيح" (1906)()، الذي عُرض في معرض باريس الفني في ذلك العام، ونالت عنه إشادة واسعة.

كما ابتكرت أنظمة الأفلام الصوتية المبكرة ()(حيث كان الصوت يُسجل بشكل منفصل على أقراص أسيتات)، منتجةً عشرات "المشاهد الصوتية"() في بداية القرن، التي قدّمها نجوم المسرح والأوبرا.

ومع ذلك، ورغم أن اسمها كان مرموقًا في عصرها، لم يحمل أيٌّ من الأفلام اسمها. وكما هو الحال في جميع أفلام تلك الحقبة تقريبًا، كانت بطاقة العنوان الافتتاحية تُشير ببساطة إلى عنوان العمل واسم شركة الإنتاج(). كانت السينما لا تزال في بداياتها، ولم تُعتبر فنًا بعد، ولم يكن دور المخرج قد تأسس بعد.

مع بزوغ فجر عشرينيات القرن العشرين()، أجبر طلاقٌ مؤلمٌ وفجرُ العصر الصناعي في هوليوود (مع تأسيس شركاتٍ عملاقةٍ مثل مترو وفوكس، التي احتكرت التوزيع واستقطبت أو أغرقت صانعي الأفلام المستقلين)() أليس على تصفية شركة سولاكس والعودة إلى فرنسا مع أطفالها().

هناك، تلاشى اسمها بعد غيابٍ طويل، ولم تتمكن من العمل خلف الكاميرا مرةً أخرى. كرّست نفسها لتربية أطفالها، ودون أن تفقد الأمل، كتبت سيناريوهاتٍ وكتب أطفال.()

أثار نشرُ أولى كتب تاريخ السينما في أربعينيات القرن العشرين، وخاصةً كتاب "تاريخ السينما العالمية"() لجورج سادول (1904-1967)()، دهشة أليس غاي ودفعها إلى رفع صوتها احتجاجًا غاضبًا. لم يذكرها أيٌّ من هذه الكتب تقريبًا. مع ذلك، تضمنت أسماء رواد آخرين، جميعهم رجال، بل ذهب سادول إلى حدّ نسب كتاب "حياة المسيح" المهم إلى مساعد مخرج أليس()، الذي كان رجلًا بالطبع. برأي المؤرخين، كان من المستحيل أن تكون امرأة وراء فيلم ضخم كهذا... أو أي فيلم آخر. نُسبت أفلام غومون في تلك الكتب إلى ليون غومون نفسه (الذي لم يُخرج أي شيء قط)، وجميع أفلام سولاكس إلى زوج أليس، هربرت بلاشيه.()

يتبع….
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
Copyright © akka2025
المكان والتاريخ: طوكيــو ـ 11/03/25
ـ الغرض: التواصل والتنمية الثقافية
ـ العينة المستهدفة: القارئ بالعربية (المترجمة).

#أكد_الجبوري (هاشتاغ)      

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل