أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن نور - سيناريو الدوال














المزيد.....

سيناريو الدوال


فاتن نور

الحوار المتمدن-العدد: 8514 - 2025 / 11 / 2 - 15:08
المحور: الادب والفن
    


لا أعرف من أنت، ولا من ستكون، ولا كيف جئت إلى هذه الأرض الواطئة، التي انخفض منسوبها عن سجية الإنسان، وتعبت مدنها من النوم في قيعان الجشع والخديعة.
حدثتني كأنك نزلت لتوّك من هدهدة حافلة فارغة، عن نفسك الآيلة إلى إشراق خافت، ورحت ترسم بألوان غروبك الساحر هوية السبيل ووحشة الوسيلة، وتهجو أولئك الذين تضافروا وانضفروا حبائل شرسة لا تقرضها الفئران.
همست في أذني، كيلا تسمعك غيلان الصدفة، همسة شقية الانكفاء، تشي بزيغك اللونيّ، وروحك الهائمة بعقارب زمن داسته خيول مسرعة.
تحدثت بفتور من شاخوا نادمين، عن تقصّف المسافات، وعن نوافذ مشرعة لطلاوات مؤجلة، ومزالق مع ذكور وإناث تشتهيهم، أو خيل إليك هكذا.
عن أبواب مؤممة الإغلاق بالمزاليج، تكاثفت عليها أبخرة السرابات وأنفاس الذات الماراثونية الركض.
أسهبت عن أفواه متعطشة لرغوة البحر، متعففة بودائع الجزر، عن ألسنة الخذلان والمؤازرة، وشفاه نديّة الهمس، عفوية الغواية، توشوش محار لا يتوب، وتودع أشرعة مغادرة لا تعود بعد اجتيازها خط الأفق الأحمر.
حدثتني عن أصابع مولعة بلمس أشياء لا تصدأ، وبملامسة أمكنة فقدت ذاكرتها، وما زلت مولعًا بها بلا روح.
عرجت على الأقدار المفضوحة بطباشير سابلة بلا سبيل، يخدشون حياء جدران لا تستحق الخدش، ويهرولون كأطفال الشوارع متسخين بمطبات أحلامهم المشوشة.
وحدّثتني عن رقاب تتدلّى من قلنسوات صوف ثقيل، وعن وجوه متشابهة الملامح، تزأر بالثلج والنار، وتذوب بلمح البصر وملحه الغزير.
تحدثت بالمتيسر من رهاب الفطنة، عن شاشات نفيسة تحاول سد فم الكون المصرّ على النطق بلغته، وعرجت على المخبوء من المحنة، على مكبرات صوت الشائعات، ومحفزات الاحتباس اللفظي، وتسمين سيولة الأشياء الهرمة دون مساومة.
لكنك حدثتني ولأول مرة بشغف؛ شغف الملهم بسواد الصدق وبياض الكذب، عن مطهرات الأرواح التي لا تهيم، وعن محفزات النسل والأنساب بغسل واحد انتهت صلاحيته.
حدّثتني عن كل شيء موجود وغير موجود، عن أشياء تتناهى في الصغر، سيبتكرها هواة محطمون أو مترفون، وعن عباقرة ينقرضون بسرعة هائلة تحت جلودهم.
وأسرفت في هامش الحديث عن ألوان قزحية يتشكل منها العراء والعراء المضاد، عن الريش المنقوع بالأحبار، لتدوين مظاهر الأفعال والافتعال، ورسم كل ما لا نراه بالفطرة المجرّدة، أو نستثقل أن نراه مرسومًا في بيوتات البصيرة.
حدّثتني عن كل هذا، وكل ما لم يحدثني عنه قرأته بفراسة قارئات الفنجان وضاربات الودع.
وظل السيناريو، الذي أردت توظيفه لحكاية ما، ومع اتساع رقعته بعيدًا عن آلية الحقيقة..الفاقدة ل لام تعريف..وظل رأس الحقيقة بعيدًا عن مسقط رأسه، وظل المسقط بلا رائحة أو دوال.
هكذا ظل المكان الذي حدثتني فيه مهجورًا بلا ذاكرة.
ومع أنني لا أعرف من أنت، ومن ستكون لاحقًا، إذا كنت ستكون،
ما لبث قلبي الممسوس بما حدثتني عنه يحدثني الكثير عنك، كما لو أنك ممسوس بما أصاخ له حكاؤون عظماء.
وما زال ينخفض بارتياب عن منسوب خفقه الطبيعي،
ويعلو باضطراب وحكمة.. لا ريبة فيها.

November 02, 2025



#فاتن_نور (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتخابات والوهم الديمقراطي
- المحتوى الهابط بين الفرد والسلطة
- بين الكينونة والرغبة
- مساحات 5
- قصاصات الليلة الساخنة
- ثكلتكم أمهاتكم
- الخوار الوطني وركلات الجزاء
- دفاع شيطاني
- مساحات 4
- جهود
- المرجان الأزرق
- مساحات 3
- صور متخيلة لا تتحقق
- من يلوم الشمس
- لا أخلاقيات المعرفة التقليدية 2
- لا أخلاقيات المعرفة التقليدية
- مساحات 2
- محاولة الرائي
- الشيطان النبيل
- رهط من الرجال


المزيد.....




- توقيع اتفاق للتعاون السينمائي بين إيران وتركيا
- تسرب مياه في متحف اللوفر يتلف مئات الكتب بقسم الآثار المصرية ...
- إطلالة على ثقافة الصحة النفسية في مجتمعنا
- مقتل الفنان المصري سعيد مختار في مشاجرة
- الفرنسي فارس زيام يحقق فوزه السادس في بطولة الفنون القتالية ...
- الفيلم التونسي -سماء بلا أرض- يحصد النجمة الذهبية بالمهرجان ...
- الممثل بورتش كومبتلي أوغلو قلق على حياته بسبب -بوران- في -ال ...
- -أزرق المايا-: لغز الصبغة التي أُعيد ابتكارها بعد قرنين من ض ...
- وزير الثقافة الباكستاني يشيد بالحضارة الإيرانية
- تحقيق يكشف: مليارديرات يسعون لتشكيل الرواية الأمريكية لصالح ...


المزيد.....

- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاتن نور - سيناريو الدوال