أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مروان فلو - الجذور التاريخية: بين -التركية- وتعددية الهويات














المزيد.....

الجذور التاريخية: بين -التركية- وتعددية الهويات


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8512 - 2025 / 10 / 31 - 06:56
المحور: القضية الكردية
    


إن فكرة "الدولة القومية" التركية التي بُنيت على أسطورة "اللاتجزيء" و"اللغة الواحدة ، والقومية الواحدة لغة واحدة ،علم واحد" تتجاهل تعقيدات التاريخ والجغرافيا.

البناء فوق طبقات من التاريخ: كما أشرت، فإن الأرض التي تقوم عليها تركيا الحديثة هي نتاج تراكم حضاري لعديد من الأمم، كالكُرد والأرمن واليونانيين واللاز والشركس..وغيرهم. لقد كانت هذه الأرض موطنًا لهم لآلاف السنين قبل الوجود التركي الذي بدأ مع هجرات القبائل التركية من آسيا الوسطى قبل حوالي ألف عام . إن تجاهل هذا الإرث المتعدد هو إنكار لجوهر التاريخ نفسه.

اختراع الهوية و"خليط اللغات": فاللغة التركية هي "خليط لغات" تحمل في طياتها حقيقة مهمة. فجميع اللغات الحية هي نتاج تفاعل وتأثر مستمر. ومع ذلك، فإن فرض اللغة التركية كلغة وحيدة للتعليم والإدارة على مدار عقود، وقمع التعبير باللغات الأم للمكونات الأخرى، كان أداة قوية لصهر الهويات في بوتقة "التركية" المفترضة، مما أفقر المشهد الثقافي واللغوي للبلاد.

الواقع الحالي: بين القمع السياسي وبوادر التغيير

يشهد المشهد التركي الحالي تناقضات صارخة؛ فبينما تستمر سياسات التهميش، تظهر مؤشرات على أن هذا النموذج أصبح تحت اختبار شديد.

تسييس القضاء وتهميش المعارضة: وصلت سياسات تهميش الأصوات المختلفة ذروتها مع التحقيقات القضائية والاعتقالات التي طالت شخصيات معارضة بارزة، وكان أبرزها اعتقال أكرم إمام أوغلو، عمدة إسطنبول، في مارس 2025 . هذه الإجراءات، التي يُنظر إليها على نطاق واسع بأنها ذات دوافع سياسية، أثارت احتجاجات شعبية عارمة في جميع أنحاء البلاد، عبّر فيها المتظاهرون عن رفضهم لما وصفوه بمحاولات "تقويض الأسس الديمقراطية" وتهميش أي صوت معارض .

الحراك الشعبي والصحوة المدنية: أظهرت الاحتجاجات الواسعة التي اندلعت بعد اعتقال إمام أوغلو أن شرائح كبيرة من المجتمع لم تعد تقبل منطق القمع والإنكار . وقد لعب الطلاب، الذين يشكلون 8.2% من إجمالي السكان، دورًا محوريًا في هذه الاحتجاجات، معبرين عن رغبة جيل كامل ولد ونشأ في ظل حكم حزب العدالة والتنمية في التغيير . هذا الحراك يؤشر إلى بداية انهيار الصيغة القديمة للسياسة في تركيا.

مفارقات السلام الكُردي وانعكاساته: في واحدة من أكثر المفارقات إثارة، شهدت تركيا حديثًا عن مبادرات لإنهاء الصراع المسلح مع حزب العمال الكردستاني (PKK)، بل إن زعيم حزب الحركة القومية المتطرف، دولت بهتشلي، هو من طرح فكرة "الحل السياسي" للمسألة الكُردي . هذه التطورات، رغم تعقيدها، تؤكد بشكل غير مباشر وجود "قضية كُردية" تحتاج إلى معالجة سياسية وليست أمنية فقط. إن فشل أو نجاح هذه العملية سيكون محكًا حاسمًا لإمكانية المصالحة الوطنية الحقيقية التي تعترف بالكُرد كشريك وليس كمشكلة .

طريق المستقبل: نحو عقد اجتماعي جديد

الاعتراف الدستوري ليس شكليًا، بل هو عملية شاملة لإعادة تعريف الهوية الوطنية لتكون هوية جامعة.

الاعتراف الدستوري: من دولة الشعب الواحد إلى دولة المواطنة المتساوية: يتطلب التغيير الحقيقي إصلاحًا دستوريًا يعترف صراحة بالتعددية القومية والثقافية والدينية التي تشكل نسيج البلاد. هذا يعني الاعتراف بالكُرد واللاز والشركس… وغيرهم كمكونات تأسيسية للجمهورية، وليس مجرد "أقليات" يتم التسامح معها. يجب أن يكفل الدستور الحق في التعليم باللغة الأم، واستخدامها في الحياة العامة، والمشاركة السياسية العادلة.

العدالة الانتقالية والمصالحة مع التاريخ: جزء أساسي من أي حل دائم هو مواجهة الماضي بصدق، بما في ذلك الاعتراف بالمظالم التاريخية التي تعرضت لها هذه المكونات، مثل مذابح الأرمن والسريان واليونانيين، وقمع الهوية الكُردية لعقود. إن إنصاف ذاكرة الضحايا هو خطوة لا غنى عنها لبناء ثقة بين الدولة وجميع مواطنيها.

النموذج الاقتصادي واللامركزية: غالبًا ما يرتبط التهميش السياسي بالتهميش الاقتصادي. إن اعتماد نموذج لامركزي حقيقي يمنح المحافظات والمناطق المختلفة سلطات أوسع في إدارة مواردها وشؤونها الثقافية والتعليمية، يمكن أن يساهم في تحقيق تنمية عادلة وتقليل الشعور بالإقصاء الذي تعانيه المناطق ذات الأغلبية الكُردية على وجه الخصوص.

خاتمة: تركيا على مفترق طرق

تركيا اليوم على مفترق طرق تاريخي. فالنموذج القائم على إنكار التعددية وتهميش المكونات غير التركية، والذي تجسد في شعارات مثل "كم سعيدًا من يقول أنا تركي"، أظهر تشققات عميقة تحت ضغط الاحتجاجات الشعبية والتحولات الإقليمية والتحديات الاقتصادية . لقد آن الأوان لتركيا أن تستيقظ على حقيقة هويتها المتعددة، لا أن تستمر في الهروب منها.

الاعتراف الدستوري بكل مكونات الوطن ليس تنازلاً أو ضعفًا، بل هو مصدر قوة يثري النسيج الوطني ويطلق طاقات جميع أبنائه. إنها الفرصة الأخيرة لبناء مواطنة قائمة على المساواة الكاملة والاحترام المتبادل، حيث يكون الانتماء للوطن هو الهوية الجامعة التي لا تلغي، بل تحتضن، تنوع الأصول والثقافات واللغات. مستقبل تركيا الآمن و المزدهر مرهون بقدرتها على التحول من دولة "الشعب الواحد" المتخيل إلى دولة "المواطنين المتساوين" في الواقع.



+++++++++++++++++++++&&&

المراجع

1. الاحتجاجات التركية 2025 - ويكيبيديا
2. تركيا: مشهد سياسي متغير - مؤسسة إريس الفرنسية للدراسات
3. ماذا سيحدث في تركيا بعد انسحاب العمال الكردستاني؟ - الجزيرة نت
4. هل يترشح أردوغان لولاية جديدة متجاوزا العقبات الدستورية؟ - الجزيرة نت
5. 2025 Republican People s Party presidential primary - Wikipedia



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جبل الأكراد: دراسة تاريخية وجغرافية عن التواجد الكردي وفقدان ...
- قسد داخل الجيش السوري: شراكة استراتيجية أم بداية تفكيك الدول ...
- هل الساكا، أتراك، أم كُرد: دراسة مقارنة بين اللغة، الثقافة، ...
- هل هناك انفراجات حقيقية بين قسد ودمشق وبين قسد وتركيا؟
- دمشق وأنقرة على خطوط التماس: كيف يربط اتفاق قسد مستقبل سوريا ...
- اتفاق تاريخي بين قوات سوريا الديمقراطية و حكومة دمشق المؤقتة ...
- عودة جول ريبورن: قراءة في التحول الأمريكي تجاه الشرق الأوسط ...
- أصل اسم -سوريا- بين الأسطورة والتاريخ: قراءة في نظرية الأصل ...
- لقمان خليل: -قسد- نواة جيش وطني سوري والمرحلة الراهنة هي مرح ...
- الوفد الإمرالي: استمرار احتجاز دميرطاش ويوكسكداغ -ظلم صارخ- ...
- عِبْرَ الحٕوار: ماذا يعني تكوين سلام بين روج آفَا وأنق ...
- انطلقت في مدينة القامشلي بشمال شرق سوريا فعاليات الدورة التا ...
- تركيا أمام مفترق التاريخ: إما التحالف مع الكُرد أو السقوط في ...
- جانبولاط باشا (Canbolat Bey) — بين التاريخ والرواية الشعبية
- سوريا بين توازنات الإقليم ورهانات الداخل: صراع الحكم وبناء ا ...
- المناطق الكُُردية في سوريا... بين السيطرة التركية والعجز الم ...
- إلى أين تسير الأمور في سوريا؟ قراءة في مواقف سيبان حمو والمش ...
- كردستان الأناضول: الإمارات الكردية وأصول العثمانيين بين الرو ...
- الملف السوري يتغيّر: اتفاق مبدئي بين قسد ودمشق لدمج القوات… ...
- ترامب و-الفرصة الأخيرة-: قراءة في مبادرة شرم الشيخ واحتمالات ...


المزيد.....




- مجلس الأمن يجدد ولاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لعام ...
- إقليم الصحراء.. المغرب سيزود الأمم المتحدة بصيغة محدثة للحكم ...
- مئات المغاربة يتظاهرون في الرباط تنديدا بخروقات الاحتلال في ...
- اليونيسف: منظمات الإغاثة تتعرض لهجمات وتمنع من دخول مناطق في ...
- اليونيسف: عنف غير مسبوق في السودان.. والأطفال يدفعون الثمن
- خلال اقتحامه أحد معتقلات الاحتلال:المتطرف بن غفير يهدد بإعدا ...
- قيادي حوثي: محاكمة موظفي الأمم المتحدة بتهمة التجسس لصالح إس ...
- الأمم المتحدة على وشك التصويت لدعم خطة المغرب للحكم الذاتي ف ...
- الأمم المتحدة: 87% من أراضي غزة تضررت بسبب الحرب
- حماس: بن غفير يشرعن القتل ضد الأسرى الفلسطينيين


المزيد.....

- الى جمهورية كردستان الاشتراكية المتحدة!، الوثيقة 3 - كردستان ... / كوران عبد الله
- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - مروان فلو - الجذور التاريخية: بين -التركية- وتعددية الهويات