أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - قانون التجنيد الأجنبي وملاحقة المتطوعين في الجيش الإسرائيلي: الأبعاد القانونية والسياسية في ضوء الاعتراف الأوروبي بفلسطين















المزيد.....

قانون التجنيد الأجنبي وملاحقة المتطوعين في الجيش الإسرائيلي: الأبعاد القانونية والسياسية في ضوء الاعتراف الأوروبي بفلسطين


علي ابوحبله

الحوار المتمدن-العدد: 8508 - 2025 / 10 / 27 - 11:24
المحور: السياسة والعلاقات الدولية
    


قانون التجنيد الأجنبي وملاحقة المتطوعين في الجيش الإسرائيلي: الأبعاد القانونية والسياسية في ضوء الاعتراف الأوروبي بفلسطين
بقلم: المحامي علي أبو حبلة
أولاً: مدخل عام
تطرح الحرب الإسرائيلية على غزة وما رافقها من اتهامات بانتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، تساؤلات جوهرية حول المسؤولية القانونية للأفراد الأجانب الذين تطوعوا في صفوف الجيش الإسرائيلي وشاركوا في العمليات العسكرية ضد الفلسطينيين.
ويأتي هذا الجدل في ظل توجه متصاعد لدى عدد من الدول الأوروبية — ومنها بريطانيا، وإيرلندا، وإسبانيا، والنرويج — نحو الاعتراف الرسمي بدولة فلسطين، وهو ما يفتح الباب قانونياً أمام تطبيق تشريعات وطنية تجرّم الالتحاق بجيوش أجنبية تحارب “دولاً صديقة”.
ثانياً: الإطار القانوني لقانون التجنيد الأجنبي البريطاني لعام 1870
يُعدّ قانون التجنيد الأجنبي البريطاني لعام 1870 (Foreign Enlistment Act 1870) أحد أهم النصوص القانونية التي تنظّم مشاركة المواطنين البريطانيين في النزاعات العسكرية خارج البلاد.
وينصّ القانون بوضوح في مادته الرابعة على أنّه:
> "كل من يقبل أو يوافق على قبول خدمة عسكرية أو بحرية في جيش أو أسطول دولة أجنبية تكون في حالة حرب مع دولة أخرى صديقة للمملكة المتحدة، يرتكب جريمة يُعاقب عليها القانون."
كما يحظر القانون مغادرة الأراضي البريطانية بقصد الانخراط في مثل هذه الخدمة، أو المساعدة في تجنيد أو تسهيل التحاق آخرين بها.
وقد استندت منظمات حقوقية بريطانية، مثل المركز الدولي للعدالة من أجل الفلسطينيين (ICJP)، إلى هذا القانون في دعواتها لملاحقة بريطانيين خدموا في الجيش الإسرائيلي، معتبرةً أن مشاركتهم في العمليات العسكرية داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة تمثل انتهاكاً صريحاً للقانون البريطاني وللقانون الدولي الإنساني.
ثالثاً: أثر الاعتراف البريطاني بفلسطين على تفعيل القانون
مع إعلان بريطانيا وعدد من الدول الأوروبية اعترافها الرسمي بدولة فلسطين، تغيّر الأساس القانوني الذي كان يُستخدم سابقًا لتبرير عدم تطبيق قانون 1870 على المتطوعين في الجيش الإسرائيلي.
فقد كانت الحكومة البريطانية في السابق تُجادل بأن “فلسطين ليست دولة ذات سيادة معترف بها”، وبالتالي فإن العمليات العسكرية الإسرائيلية لا تقع في نطاق الحرب مع “دولة صديقة للمملكة المتحدة”.
أما اليوم، فإن الاعتراف الرسمي بفلسطين كدولة يحسم هذا الجدل القانوني، ويجعل من الممكن — نظريًا وعمليًا — ملاحقة كل بريطاني شارك في أعمال عدائية ضد الشعب الفلسطيني ضمن صفوف الجيش الإسرائيلي، باعتبار أن ذلك يمثل اشتراكًا في حرب ضد دولة صديقة للمملكة المتحدة.
وبذلك، يصبح الباب مفتوحًا أمام النيابة العامة البريطانية أو المنظمات الحقوقية لتفعيل الملاحقات القضائية استنادًا إلى نصوص القانون، خاصة إذا توافرت أدلة على ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية.
رابعاً: المواقف الأوروبية واتساع نطاق المسؤولية
تسير دول أوروبية أخرى في الاتجاه نفسه. فقد بدأت إيرلندا وإسبانيا والنرويج بخطوات مماثلة للاعتراف بفلسطين وتبنّي مواقف قانونية وأخلاقية متقدمة إزاء الجرائم المرتكبة في غزة.
ويعني ذلك أن القوانين الوطنية التي تحظر التجنيد في جيوش أجنبية أصبحت قابلة للتطبيق في هذه الدول أيضًا، إذ إن أي مواطن أوروبي يشارك في جيش أجنبي يهاجم دولة تعترف بها بلاده رسميًا، يكون عرضة للمساءلة القانونية.
كما يُعزّز هذا التطور الأوروبي مبدأ الولاية القضائية العالمية (Universal Jurisdiction)، الذي يتيح للدول محاكمة أي شخص متورط في جرائم خطيرة كجرائم الحرب، حتى وإن لم تقع على أراضيها.
خامساً: الإطار الدولي للمسؤولية الفردية
ينصّ نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998) على أن المسؤولية الجنائية الفردية تشمل كل من شارك، ساهم، أو حرّض على ارتكاب جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، بغض النظر عن الجنسية أو الصفة الرسمية.
ويُعدّ هذا المبدأ حجر الزاوية في إمكانية ملاحقة المتطوعين الأجانب في الجيش الإسرائيلي، خصوصًا بعد أن انضمت دولة فلسطين رسميًا إلى المحكمة الجنائية الدولية، وأصبح بإمكانها تقديم ملفات موثقة ضد الأفراد المتورطين في الانتهاكات.
سادساً: التداعيات السياسية والقانونية على إسرائيل
1. تزايد العزلة القانونية والسياسية:
مع اتساع نطاق الاعتراف الدولي بفلسطين، يزداد الضغط على إسرائيل، التي تواجه الآن إمكانية محاكمة مواطنين أجانب قاتلوا في صفوفها، مما يضعها أمام أزمة قانونية ودبلوماسية متفاقمة.
2. إرباك في العلاقات مع الدول الحليفة:
إذا بدأت الحكومات الأوروبية في تطبيق قوانينها على مواطنيها الذين خدموا في الجيش الإسرائيلي، فإن ذلك قد يؤدي إلى توتر في العلاقات الثنائية، ويزيد من إحراج تل أبيب أمام الرأي العام الغربي.
3. تأثير داخلي على المؤسسة العسكرية الإسرائيلية:
اعتماد إسرائيل على مجندين أجانب يكشف تراجع التجنيد المحلي وتزايد أزمة الثقة داخل الجيش الإسرائيلي، مما ينعكس على قدرته القتالية وعلى صورته الأخلاقية في المحافل الدولية.
سابعاً: آفاق التحرك الفلسطيني
يمكن للجانب الفلسطيني — من خلال وزارة الخارجية وهيئات المجتمع المدني — أن:
يوثّق أسماء المتطوعين الأجانب في الجيش الإسرائيلي ويقدّمها للسلطات القضائية الأوروبية.
يتعاون مع المراكز القانونية الدولية لاستصدار مذكرات استدعاء أو ملاحقة قضائية استنادًا إلى قوانين التجنيد الأجنبي.
يعزز التواصل مع البرلمانات الأوروبية لتوسيع نطاق الاعتراف بفلسطين بما يكرّس مفهوم “الدولة الصديقة”، ويسهّل ملاحقة المتورطين قانونيًا.
خاتمة
يُعدّ تفعيل قوانين التجنيد الأجنبي في بريطانيا وأوروبا بعد الاعتراف بدولة فلسطين تحوّلًا قانونيًا مهمًا في مسار ملاحقة المسؤولين عن الجرائم في غزة.
فإسرائيل التي طالما استفادت من الغطاء السياسي الغربي، تجد نفسها اليوم أمام بيئة قانونية متغيرة تتيح مساءلة المتطوعين الأجانب في صفوف جيشها، على أساس مبدأ المسؤولية الفردية وحق الشعوب في الحماية من العدوان.
إن هذا التطور لا يقتصر على الجانب القانوني فحسب، بل يعكس تحولًا في الوعي الأوروبي تجاه عدالة القضية الفلسطينية، ويؤشر إلى بداية مرحلة جديدة من المحاسبة الدولية التي قد تعيد التوازن إلى معادلة العدالة وحقوق الإنسان في المنطقة.



#علي_ابوحبله (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قراءة في الاتفاق الفلسطيني والتوازنات الإقليمية المقبلة
- ما بين الحرية والمصيدة (رحلة ليلى بين الفكر والقانون)
- القاهرة مركز الحراك الفلسطيني: جهود مصرية لتوحيد الموقف قبل ...
- المشروع الأمريكي في غزة... وصاية جديدة أم إعادة إعمار مشروطة ...
- إسرائيل لا تملك صلاحية تغيير الوضع القانوني للأراضي الفلسطين ...
- زيتون على حافة النار رواية توثيقية تحليلية عن الصمود الفلسطي ...
- شعب يريد الحياة
- استقالة تساحي هنغبي تهز حكومة نتنياهو: تصدع داخلي وأزمة ثقة ...
- زيارة أفيخاي أدرعي إلى طولكرم: قراءة ميدانية واستراتيجية في ...
- الحركة التعاونية: رافعة للاقتصاد الوطني بين الواقع المشوّه و ...
- حين سرقوا الوطن
- غزّة: لعنة الجغرافيا وذاكرة التاريخ — بين ديمومة الصراع ووحد ...
- نوبل للسلام في اختبار القيم: ماريا ماتشادو وانهيار المعايير ...
- من يحكم غزة بعد الحرب؟ بين الإقصاء الوطني وضرورات الوحدة الا ...
- أنقذوا الأسرى الفلسطينيين من جحيم السجون الإسرائيلية
- بين الماضي والحاضر والمستقبل في ظل انعدام الثقة وقراءة التار ...
- ترامب: لو كان بمقدور إسرائيل سحق حماس لفعلت ذلك
- توني بلير بين كوسوفو وغزة: محاولات إعادة التدوير في مشهد فلس ...
- ميليشيا -أبو شباب- وفلسطنة الصراع: تهديد للوحدة الوطنية الفل ...
- اتفاق شرم الشيخ... سلام بلا أطراف وشرق أوسط بلا فلسطين


المزيد.....




- اصطدام وشيك لطائرة تابعة لسلاح الجو الأمريكي مع سيارة على طر ...
- لوحة -انتصار داوود-.. كنز نادر مفقود يعود للحياة في متحف الل ...
- قبل اجتماع ترامب وشي.. قاذفات نووية صينية تُجري -تدريبات موا ...
- إذا قلت -بان أو شوكولا- في بوردو بفرنسا.. فافعل ذلك على مسؤو ...
- أمين عام حزب الله يُعلق على استهداف منزل نتنياهو ودور خامنئي ...
- الأرجنتين.. فوز كبير لميلي في الانتخابات النصفية بعد دعم من ...
- بأكثر من 22 مليون دولار.. المليارديرات يوحّدون جهودهم لإقصاء ...
- واشنطن وبكين تتوصلان لاتفاق مبدئي بشأن المعادن والرسوم
- باريس: محاكمة 10 أشخاص شككوا في الهوية الجنسية لسيدة فرنسا ا ...
- هل يعمل خيار إيقاف التتبع في أجهزة -آبل- حقا؟


المزيد.....

- النظام الإقليمي العربي المعاصر أمام تحديات الانكشاف والسقوط / محمد مراد
- افتتاحية مؤتمر المشترك الثقافي بين مصر والعراق: الذات الحضار ... / حاتم الجوهرى
- الجغرافيا السياسية لإدارة بايدن / مرزوق الحلالي
- أزمة الطاقة العالمية والحرب الأوكرانية.. دراسة في سياق الصرا ... / مجدى عبد الهادى
- الاداة الاقتصادية للولايات الامتحدة تجاه افريقيا في القرن ال ... / ياسر سعد السلوم
- التّعاون وضبط النفس  من أجلِ سياسةٍ أمنيّة ألمانيّة أوروبيّة ... / حامد فضل الله
- إثيوبيا انطلاقة جديدة: سيناريوات التنمية والمصالح الأجنبية / حامد فضل الله
- دور الاتحاد الأوروبي في تحقيق التعاون الدولي والإقليمي في ظل ... / بشار سلوت
- أثر العولمة على الاقتصاد في دول العالم الثالث / الاء ناصر باكير
- اطروحة جدلية التدخل والسيادة في عصر الامن المعولم / علاء هادي الحطاب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - السياسة والعلاقات الدولية - علي ابوحبله - قانون التجنيد الأجنبي وملاحقة المتطوعين في الجيش الإسرائيلي: الأبعاد القانونية والسياسية في ضوء الاعتراف الأوروبي بفلسطين