بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة
(Badea Al-noaimy)
الحوار المتمدن-العدد: 8508 - 2025 / 10 / 27 - 10:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
من قلب الدمار في غزة، برز ما يعرف اليوم ب "الخط الأصفر".
وهو الاسم الذي أطلقته دولة الاحتلال على حدود انتشار جديدة داخل القطاع. وقد تم رسمها بعد اتفاق وقف إطلاق النار الجزئي بين حركة حماس ودولة الاحتلال والذي دخل حيز التنفيذ مطلع أكتوبر ٢٠٢٥ برعاية أمريكية.
وكان الجيش الصهيوني قد أعلن رسميا، عبر موقعه الإلكتروني أن الهدف من هذا الخط هو "تنظيم وجوده الميداني وتحديد مناطق تمركز قواته"، واصفا إياه بأنه وسيلة لتأمين "وضوح تكتيكي" في مناطق القتال.
هذا الخط الممرض بلونه، يتكون من حواجز خرسانية منخفضة تتخللها أعمدة حديدية مطلية باللون الأصفر، تمتد على طول مساحات واسعة في شمال ووسط وجنوب القطاع، بارتفاع ٣,٥م وفقا لتقارير نشرها موقع "إسرائيل هيوم". وهو من وجهة نظر العدو الصهيوني يمثل "خريطة جديدة فرضتها القوة"، تقسم غزة إلى مناطق محاصرة ومعزولة، وتمنحه سيطرة فعلية على ما يقارب ٦٠% من مساحة القطاع، وهو بذلك يسعى لفرض واقع من الحدود الميدانية الجديدة التي تفصل بين المناطق التي يواصل السيطرة عليها وتلك التي انسحب منها.
وبحسب خرائط نشرتها مواقع مثل الجزيرة فإن هذا الخط، يطوق المناطق السكنية الكبرى، خصوصا في شمال غزة ووسطها، ما يجعل التنقل بين هذه المناطق طريقا جديدا للموت. وإذا ما بقي الحال على ما هو عليه فإن هذا الخط يكون قد تحول بالفعل إلى واقع جغرافي جديد يعيد رسم حدود القطاع تحت مسمى "إعادة الانتشار".
وبحسب وكالة الأناضول عن خطورة هذا الخط وكيف أصبح منطقة للموت لمن يحاول دخولها، فقد أُطلقت النار بالفعل من قبل جيش الشتات، على عشرات المدنيين من أهلنا، الذين اقتربوا من الخط أو تجاوزوه بحثا عن مأوى أو مواد غذائية دون أي إنذار مسبق أو علامات واضحة تظهر مكان الخط بدقة. لذلك فإنه من الأجدر لو تمت تسمية هذا الخط بخط الموت.
وكما هي عادتها، فقد عبرت ما تسمى ب "المنظمات الحقوقية الدولية"، بما فيها "هيومن رايتس" و "وتش"، عن "قلقها البالغ" من أن الخط الأصفر يمهد لفرض نظام فصل دائم بين أجزاء غزة، ويحول القطاع إلى جزر بشرية معزولة تحت السيطرة الصهيونية.
أما على المستوى الإنساني، فإن الوضع أقل ما يمكن وصفه بالكارثي، فآلاف العائلات التي نزحت شمالا أو جنوبا لا تعرف أي جهة تعتبر "آمنة". فالممرات التي يفترض أن تكون مخصصة للإغاثة تمر أحيانا بمحاذاة الخط الأصفر، ما يجعلها مناطق خطيرة، والجيش اللاأخلاقي يتعامل معها كمنطقة عسكرية مغلقة يسمح فيها باستخدام القوة القاتلة دون سابق إنذار.
فهل هو "الاحتلال الصامت" الذي يسعى لتثبيت السيطرة على الأرض؟ أم أن المعادلات ستنقلب وتعود الحرب لتصبح منطقة الخط الاصفر مقابر لجيش الصهاينة؟.
#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)
Badea_Al-noaimy#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟