رحمة يوسف يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8505 - 2025 / 10 / 24 - 18:17
المحور:
الادب والفن
حين كنا صغارًا ونأكل الرمان كانت توصينا أمي أن نأكل الرمانة كلها، فتقول إن كل رمانة فيها حبة واحدة من الجنة، بدليل أنها من فاكهة الجنة.
كنت حين آكل الرمانة أنهيها كلها، ولا أدع أي حبة منها تقع على الأرض. ليس الأمر هكذا فحسب، بل كنت أحاول قدر المستطاع أن أتحسس طعم حباتها، لا يهم لون الحب، أحمرَ كان أم ورديًا أم أبيض، ولا يهم الطعم حامضًا كان أم حلوًا أم من غير طعم، أتحسس الطعم لأعرف أي حبة تختلف عن الحبات الأخريات، كي أحزر تلك الحبة المقدسة، التي ستذهب بي إلى الجنة.
وإن فتحت رمانة فوجدت جزءًا منها متعفنًا، تصيبني الخيبة، فمن المحتمل أن تكون تلك الحبة قد تعفنت. لكني سرعان ما ابتكرت فكرة أن حبة الجنة لا تتعفن، فأبحث عنها في الجزء غير المتعفن.
اليوم وأنا آكل الرمان أعرف أن تلك الخرافة حيلة تربوية بارعة من أمي، ورثتها عن جداتها. أتمنى لو بقيت جاهلة بحقيقتها، ففي كل رمانة أكلتها كنت أخوض رحلة أمل في البحث عن شيء من الجنة..
لكن مازال لدي فرصة الآن في أن أستعيد مجد طفولتي وأعود إلى ذلك العالم الساحر المليء بشغف البحث عن الجنة.
كل يوم أستيقظ فيه هو مثل رمانة مغلقة أهديت إلي، ودوري أن أفتحها، وأتغاضى عن الجزء المتعفن إن وجد، وأتحسس تفاصيل يومي، حبةً حبة، وأحاول قدر استطاعتي ألا أفرط بكل تفصيلة منه، فقد تكون فيها الجنة.
أتساءل، من تلك الامرأة الشاعرة والحكيمة التي هي أول من اخترع هذه الحيلة التربوية الذكية والمؤثرة بي حتى الآن!
#رحمة_يوسف_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟