أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رحمة يوسف يونس - التكلف المجتمعي في التعبير عن المشاعر














المزيد.....

التكلف المجتمعي في التعبير عن المشاعر


رحمة يوسف يونس

الحوار المتمدن-العدد: 8468 - 2025 / 9 / 17 - 04:03
المحور: قضايا ثقافية
    


من المعروف في أساليب اللغة العربية أسلوب التوكيد، حيث تُستخدم ادوات توكيدية مثل إن، والقسم وغيرها. فيقال مثلًا لشخص يسأل عن شيء ما: لا أعرف. وقد ينكر هذا الشخص الجواب ويتهم الشخص الذي رد عليه بالكتمان، فيجيبه: والله ما أعرف. القسم هنا رد مؤكد على إنكار وتشكيك.
في واقعنا كثيرًا ما نستخدم القسم عند حديثنا مع الآخرين، سواء أجبنا على سؤال او ابتدأنا بالكلام، وسواء أنكر المتلقي أو لم ينكر. فكثيرًا ما نسمع مثلًا أحدهم يقول حين يحكي عن شخص ما: والله هو كذا وكذا، أو حين يتكلم عن نفسه يقول: والله انا ذهبت الى كذا مكان، والله انا فعلت كذا، والله انا ما حكيت..
نحن لا نحلف فقط، بل نبالغ ايضًا في الحديث والوصف، فحين نصف ضحك فلان نقول: مات من الضحك، او البكاء نقول: طق من البكي، أو حين نصف أمرًا صعبًا نقول: موت أحمر. وحين يعجبنا شيئًا جميلًا نقول: جميل جدًا، وحين نهنئ نقول: ألف مبارك.
وكأن المعنى لا يكفي لو قلنا: فلان ضحك أو بكى، أو قلنا فقط: جميل، أو مبارك. فكأن مشهد الضحك او البكاء لم نصفه إن لم نبالغ في الوصف، وكاننأ لم نبارك او نشارك صاحب المناسبة السعيدة فرحته إن لم نحشر الألف والآلاف مع كلمة مبارك. المعنى تآكل، واللفظ استُهلك، فلم يعد يكفي وحده دون لفظ تأكيد أو مبالغة.
الأمر لا يقف عند الكلام، بل يتجاوز الى الأفعال، فسمة المبالغة واضحة في مناسباتنا كذلك، كالمناسبات الحزينة وفي اظهار الحزن المبالغ فيه في مجالس العزاء او على مواقع التواصل، وكأننا ان لم نبالغ في حزننا لا نحب المتوفى ولسنا حزينين عليه. والمبالغة في المناسبات السعيدة وطقوس الزفاف التي باتت تتعقد يومًا بعد آخر.
وحتى المبالغة في الدعوات العائلية، فلا نكتفي ان نقدم للمدعويين صنفًا واحدًا او اثنين من الطعام، بل أربعة أصناف من اللأكلات الرئيسة أو أكثر، وأنواعًا من السلطات والمقبلات، وقد يخجل أي فرد منا لو دعا أحد أقاربه في بيته أن يقدم له صنفًا واحدًا من الطعام بكمية مشبعة تكفي الجميع، كالدعوة على أكلة (العروق) فقط مثلًا..
وناهيك عن المبالغة في الأواني التي يقدم بها الطعام وغرف الاستقبال التي يستقبل بها الضيف.. المبالغة حتى في الهدايا التي يقدمها بعضنا لبعض، وربما صار البعض يخجل من تقديم هدية بسيطة أمام سطوة الذهب والأثاث والآلات الكهربائية..
المبالغة والتكلف أفقد الهدية معناها وهو التعبير عن الحب، وافقد الدعوة روحها وهو دفء اللقاء بالاجتماع على مائدة واحدة، وتناول طعام من صنع البيت.
هذه المبالغة في السلوكيات والأقوال تدل على رغبة بتأكيد مشاعر الصدق، وكأن المقابل لا يصدقنا في حبنا وفرحنا وحزننا وتقديرنا إن لم نبالغ ونتكلف.
هذا كله مهما يراه الكثير إيجابيًا أو عادات مُلزَم العمل بها، فيه جانب سلبي، لأنه يرفع سقف التوقعات، ويجعل التعبير الصادق والبسيط غير كاف، ويؤدي إلى نفاق عاطفي وإجهاد في العلاقات المجتمعية.



#رحمة_يوسف_يونس (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السهر والسلطة
- أُميّة
- حنين
- التقاعس عن الطبخ/ أزمة نفسية أم أزمة هوية
- تحذيرات خريفية
- التنمر
- هدية
- سباق وبطولة
- ساعة استراحة
- عالَما الفيسبوك والإنستگرام
- صدرية ومربعات
- نداء
- الحسد والإيمان به
- الأسلوب هو الإنسان
- حمامة
- أنا لست شجرة
- ثاني اثنين
- سأبكي
- عالم أخضر
- كل شيء أبيض


المزيد.....




- الناتو يُعلن أنه اعترض الطائرات الروسية التي دخلت أجواء إستو ...
- ترامب يُعلن عن لقاء مع أردوغان ويكشف الصفقات التي سيناقشانها ...
- ترامب يُعلن أنه سيزور بكين أوائل 2026: سألتقي الرئيس الصيني ...
- ما الذي يعنيه الاعتراف بدولة فلسطينية؟
- الطريق إلى العقوبات ممهّد... مجلس الأمن يرفض مشروع رفع القيو ...
- مجلس الأمن يقرّ إعادة فرض العقوبات الدولية على إيران وطهران ...
- فرنسا تؤكد أن عشر دول ستعترف بدولة فلسطين وتحذر من أن ضم الض ...
- باكستان: اتفاق الدفاع مع السعودية يتيح استخدام قدراتنا النوو ...
- إيران ترفض قرار مجلس الأمن وتندد بخطوات الترويكا الأوروبية
- كيف يشكل تنافس -سي آي إيه- والبنتاغون سياسة أميركا الخارجية؟ ...


المزيد.....

- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - رحمة يوسف يونس - التكلف المجتمعي في التعبير عن المشاعر