رحمة يوسف يونس
الحوار المتمدن-العدد: 8457 - 2025 / 9 / 6 - 02:54
المحور:
قضايا ثقافية
عصرنا المتسارع يفرض علينا بدائلَ جديدة في كل شيء وباستمرار. أفكّر في الهواتف التي اقتنيتها منذ أن دخلت حياتنا بعد عام 2003، وبعد محاولاتٍ للعودة إلى الماضي، تذكرت أن عددها بلغ سبعة هواتف نقالة، خلال عشرين عامًا تقريبًا.
قبل 2003، كان لدينا هاتف أرضي لا تزال صورته في ذاكرتي، ونغمته ترنُّ في أذني حتى الآن. كنتُ أحفظ أرقام هواتف من نتواصل معهم. وأتذكّر كيف استبدلناه قبيل عام 2003 بهاتف متطور، فيه شاشة صغيرة تظهر رقم المتصل، كانت شاشته معجزة أبهرتنا في وقتها.
بينما اليوم، لم نعد نهتم للأرقام، ولا حتى لصورة المتصل عبر الفيديو وهو يتنقل من مكان إلى آخر. وقد نصل مستقبلاً إلى درجة نستشعر فيها رائحة المتصل، ونرى الأمر عادياً، وذلك بمبرر العلم وتطوره.
اعتدنا على المعجزات البشرية، وهذا الاعتياد نفسه يدعو للتأمل، أننا لسنا في حاجة إلى ما يبهرنا فحسب، بل إلى ما يمنحنا الطمأنينة. فبينما نقتنع بهاتف جديد ونألف مواصفاته، يأتينا خيارٌ أحدث يحاول إقناعنا بالتخلي عمَّا في أيدينا.
نحن نعاشر مقتنياتنا الجديدة سنوات قليلة، وكأن المطلوب منا أن نكثف استخدامها لنستفيد منها قبل أن تصبح من الماضي، أو أن نتمنى من الأعوام أن تمتد بنا، لتهبنا وقتاً أطول نتعرف فيه على ما نملك قبل أن يفوت الأوان.
جعلنا زمن السرعة والتجدد نألف المعجزات، ولكنّه في المقابل منحنا القلق، والشعور بعلاقات مؤقتة وهشة مع كل جديد. حنيننا إلى المقتنيات القديمة ليس حنيناً إلى البساطة أو القناعة فقط، بل هو حنين إلى الطمأنينة.
#رحمة_يوسف_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟