بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة
(Badea Al-noaimy)
الحوار المتمدن-العدد: 8505 - 2025 / 10 / 24 - 18:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حذرت محافظة القدس مؤخرا من خطر الحفريات الذي يهدد المسجد الأقصى الذي يقف منذ قرون كرمز يجمع مشاعر المسلمين من مغارب الأرض ومشارقها.
ومع تصاعد هذه الحفريات الصهيونية أسفل الحرم القدسي، يتكشف ملامح مشروع يتجاوز ذريعة التنقيب الأثري، إلى ما هو أخطر، فالمشروع يحاول إعادة صياغة التاريخ بطمس هوية المكان ويعيد إنتاجه ليتناسب مع الرواية الصهيونية المزيفة.
وما يجري اليوم تحت المسجد الأقصى اليوم هو امتداد لصراع طويل. فمنذ احتلال القدس الشرقية ١٩٦٧ وعمليات الحفر التي تدعمها خرائط التزوير لا تهدأ. وكل نفق يحفر تحت الأقصى هو واحد في شبكة متشعبة، حيث يتم رسم خرائط “هيكلهم المزعوم” في محاولة لصنع مدينة تحت الأرض تنافس المدينة الحقيقية فوقها، وتقدم زيفا على أنها "مشاريع ترميم أو اكتشاف أثري".
ولطالما واجهت القدس عبر القرون الهجمات الوحشية البربرية المتتالية، فمن الصليبيين إلى المغول. فعندما دخل الصليبيون المدينة في القرن الثاني عشر، حولوا المسجد الأقصى إلى كنيسة، ووضعوا على قبة الصخرة صليبا ضخما، في محاولة لتغيير هوية المكان وإلغاء هويته الإسلامية. لكن بعد أقل من قرن، استعادها القائد المسلم صلاح الدين الأيوبي المدينة وسط تكبيرات الفاتحين، ليعود رمزا إسلاميا عصيا على الغزاة.
واليوم، وإن اختلفت الأدوات، فإن محاولة طمس هوية المكان ونزع رمزه، بتبديل معالمه، قائمة من قبل الحركة الصهيونية، بهدف جعله شاهدا على رواية لم يعرفها التاريخ.
كما أن هذه الحفريات تشكل خطر حضاري يطال وعي الأمة كلها. فالأقصى قبل أن يكون مكان بساحات وجدران ومآذن وقباب، هو ذاكرة أمة بكاملها، وبوابة الأرض إلى السماء، في رحلة إسراء نبينا وحبيبنا الكريم ومعراجه، وهو القبلة الأولى. وكل تصدع في ركن من أركانه هو تصدع في وجدان الأمة وتاريخها الممتد.
ومن الأمويين الذين شيدوه، إلى العباسيين الذين زينوه، إلى المماليك والعثمانيين، كانت رعايته واجبا دينيا وسياسيا. واليوم تقف هذه الذاكرة في مواجهة مباشرة مع أخطر محاولات الطمس والتزييف عبر التاريخ. لأن الصراع على امتلاك المكان بات صراع على البقاء.
والخطر بات محدقا، فالتشققات جراء الحفريات بدأت تظهر في بيوت البلدة القديمة، والمدارس التاريخية، وحتى في بعض أركان المسجد نفسه، وأرضه في الأسفل بدأت تفقد استقرارها.
فيا أمة الإسلام، إن المسجد الأقصى اليوم يناديكم، يستصرخ الضمائر فيكم ويذكركم بعهد مع الله لا يسقط بالتقادم، أن تحفظوا مسرى نبيكم الشريف كما حفظه الآباء والأجداد بدمائهم وتضحياتهم.
أفيليق بأمة الحبيب أن تصمت والقدس تغتصب؟ أجيبوا بالله عليكم.....
#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)
Badea_Al-noaimy#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟