فريد بوكاس
(Farid Boukas)
الحوار المتمدن-العدد: 8503 - 2025 / 10 / 22 - 20:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بقلم: فريد بوكاس ، صحفي باحث و ناشط سياسي مقيم في ألمانيا
مقدمة تعريفية
بين قصور تلمع كالمرايا في الرباط ومراكش، وقرى تنام على الطين والعتمة في جبال الأطلس، يعيش المغرب مفارقة صارخة بين ثراء القصر وفقر الشعب.
في بلدٍ يزخر بالموارد الطبيعية، ما يزال الفقراء ينتظرون نصيبهم من العدالة والكرامة.
فهل هي صدفة تاريخية أم منظومة محكمة تُعيد إنتاج الظلم بأشكال جديدة؟
الملكية وإمبراطورية الثروة
الملكية في المغرب ليست مجرد رمز وطني أو نظام سياسي تقليدي، بل إمبراطورية اقتصادية ضخمة تمتد جذورها في كل القطاعات الحيوية:
البنوك، الاتصالات، الزراعة، الطاقة، والعقار.
يكفي أن نعرف أن أي مشروع استثماري كبير لا يمكن أن يرى النور دون مباركة من “ظلّ القصر”.
هكذا تحوّلت السلطة إلى ثروة، والثروة إلى نفوذ، والنفوذ إلى حصانة.
وفي الوقت الذي تُثقل فيه الضرائب كاهل المواطن البسيط، تتراكم الأرباح في جيوب من لا يُسألون ولا يُحاسبون.
فأي عدالة هذه التي تبارك الثراء المفرط باسم “الاستقرار”، وتُبرّر الفقر باسم “التضحيات الوطنية”؟
فقرٌ يصرخ في صمت
في المغرب المنسي، في القرى البعيدة عن ضوء الكاميرات، تسير نساء بأقدامٍ متشققة لجلب الماء.
وفي المدن الكبرى، يتزاحم الشباب على قوارب الموت هربًا من بطالةٍ لا تنتهي.
التعليم العمومي فقد روحه، والمستشفى العمومي صار مرادفًا للانتظار حتى الموت.
أما المبادرات الاجتماعية التي تُطلقها الدولة، فهي مثل مسكنٍ مؤقت لألمٍ مزمن، تُخدّر الوجع ولا تشفيه.
الفقر هنا ليس صدفة جغرافية، بل سياسة ممنهجة تُعيد إنتاج التفاوت جيلًا بعد جيل.
القدَر المزعوم
يُطلب من الفقير أن يصبر، ومن الغني أن “يشارك في التنمية”، ومن المثقف أن يلتزم الصمت.
بهذه المعادلة البسيطة يُحافظ النظام على استمراره:
ملك يزداد ثراءً، شعب يزداد فقراً، وإعلام يصفّق للإنجازات الخيالية.
لكن الحقيقة عارية: لا تنمية دون توزيع عادل للثروة، ولا استقرار دون عدالة، ولا ملكية تستحق الاحترام إذا كانت تستند إلى الفوارق الطبقية بدل الإجماع الشعبي.
خاتمة نارية: الوطن ليس عقارًا
في المغرب، ليس السؤال: لماذا الفقراء فقراء؟ بل: من جعلهم كذلك؟
حين تتكدّس ثروات القصر وتُوزَّع الفتات على الناس، فالمشكلة ليست في القدر بل في النظام.
الملكية التي تملك نصف اقتصاد البلد لا يمكنها الادعاء بأنها حامية الفقراء.
لقد آن الأوان لتُفتح ملفات الثروة والمحاسبة والشفافية، لأن من يحب المغرب حقًا لا يكدّس الذهب في القصور، بل يزرع العدالة في القلوب.
"الوطن ليس مزرعةً لأحد، ولا رعيّةً لأحد. الوطن هو نحن جميعًا، متى استعدنا حقّنا في الحلم والكرامة."
#فريد_بوكاس (هاشتاغ)
Farid_Boukas#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟