أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد بوكاس - «جيل زد 212… احتجاج أم وعي جديد؟ أم هو جيل الملك القادم ؟ قراءة نقدية في ملامح الجيل المغربي الغاضب»














المزيد.....

«جيل زد 212… احتجاج أم وعي جديد؟ أم هو جيل الملك القادم ؟ قراءة نقدية في ملامح الجيل المغربي الغاضب»


فريد بوكاس
(Farid Boukas)


الحوار المتمدن-العدد: 8502 - 2025 / 10 / 21 - 17:36
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


«جيل زد 212… احتجاج أم وعي جديد؟ أم هو جيل الملك القادم ؟ قراءة نقدية في ملامح الجيل المغربي الغاضب»

ألمانيا: فريد بوكاس، صحفي باحث و ناشط سياسي

مقدمة

يعيش المغرب منذ خريف 2025 على وقع ظاهرة اجتماعية جديدة تحمل اسم جيل زد 212، نسبة إلى رمز الهاتف الدولي للمغرب (+212). ظاهرة لم تأتِ من رحم الأحزاب ولا من صفوف النقابات، بل من عمق الهواتف الذكية ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث قرّر جيل كامل أن يعبّر عن غضبه بلغته الخاصة: قصيرة، ساخرة، وسريعة الانتشار.

لكن السؤال الجوهري الذي يجب أن يُطرح نقديًا ليس هو «ماذا يريد جيل زد 212؟»، بل ما الذي يكشفه ظهوره عن خلل بنيوي في الدولة والمجتمع؟ وهل هو فعل وعي سياسي جديد أم مجرد موجة احتجاج رقمية قد تنطفئ كما اشتعلت؟


أولًا: دلالات الحضور المفاجئ

1. تسييس اللاسياسة

جيل زد 212 لم يولد في حضن الأيديولوجيات، بل في زمن السياسة المنفّرة. معظم أعضائه لا يثقون في الأحزاب ولا في البرلمان ولا حتى في الخطاب الرسمي عن «النموذج التنموي الجديد». ومع ذلك، فقد مارسوا فعلًا سياسيًا أصيلًا: النزول إلى الشارع، وتحدي اللامبالاة العامة.

هنا تكمن المفارقة: جيل يعلن رفضه للسياسة لكنه يمارسها دون أن يسميها كذلك. وهذا يعكس تحوّلًا عميقًا في معنى الفعل السياسي لدى الشباب المغربي — من الانتماء إلى المبادرة، ومن التنظيم إلى العفوية.

2. فشل القنوات التقليدية

صوت جيل زد 212 ليس صرخة معزولة، بل نتيجة مباشرة لفشل المؤسسات الوسيطة: أحزاب تكلّست، نقابات تآكلت، ومجتمع مدني غارق في التمويل أكثر من التمثيل.

الحكومة، في خطابها، تردّد وعود التشغيل والإصلاح، بينما يعيش الشباب واقعًا من التهميش الاقتصادي والاجتماعي. إنّ كل صمتٍ رسميٍّ هو وقود جديد لهذه الحركة.


ثانيًا: نقد الخطاب الشبابي نفسه

إذا كان من السهل تفهّم غضب الشباب، فإن الحركة ذاتها ليست بريئة من الثغرات التي قد تعيق تحوّلها إلى مشروع تغيير فعلي.

1. غياب العمق الفكري

جيل زد 212 يرفع مطالب عادلة، لكنه يعاني من فقر في التصور. لا رؤية اقتصادية، ولا برنامج سياسي، ولا تحليل هيكلي. اللغة السائدة في منشوراته تجمع بين الغضب الشعبي والتعبير العاطفي أكثر من التحليل الواقعي.

الاحتجاج حق، لكن التحول إلى قوة اقتراح يحتاج إلى فكر أكثر من فيدوهات تيك توك.

2. فوضى الخطاب الرقمي

منصات الحركة مفتوحة لكل الأصوات، وهو ما يمنحها قوة الانتشار لكنه أيضًا يجعلها عرضة للتضليل والتسييس الخفي. بعض الأصوات الخارجية تحاول استغلال الغضب الشعبي لتأجيج الصراع، فيما تغيب آليات التحقق والمساءلة داخل فضائها الرقمي.

وهنا تظهر المعضلة: كيف يمكن لحركة لا تملك قيادة ولا ميثاقًا أن تحمي نفسها من الانزلاق أو التوظيف؟

3. المبالغة في الرمزية

تجنّب الحركة مواجهة الملك بشكل مباشر يُظهر وعيًا بحدود الخط الأحمر في السياسة المغربية، لكنه في الوقت نفسه يجعلها عالقة بين الجرأة والاحتشام.

فهي ترفع شعارات العدالة والكرامة دون تحديد الطرف المسؤول عن غيابها. هذا الغموض، وإن كان مفيدًا لحماية المشاركين، إلا أنه يُضعف خطابها السياسي ويُبقيه رمزيًا أكثر من كونه عمليًا.


ثالثًا: الدولة بين التجاهل والاحتواء

من زاوية نقدية، تعامل السلطة مع الحركة يعكس ذكاءً تكتيكيًا أكثر من كونه استجابة إستراتيجية.

فقد فضّلت الدولة حتى الآن أسلوب التهدئة والتجاهل النسبي بدل القمع المباشر، على أمل أن تخمد الموجة ذاتيًا. لكن هذا الخيار قصير المدى.

فالاحتجاجات وإن تراجعت ميدانيًا، إلا أنها تجذّرت نفسيًا في وعي الشباب. تجاهلها اليوم يعني مضاعفة غضبها غدًا.

في المقابل، لا تبدو هناك مبادرة رسمية جادّة لاحتواء طاقات هذا الجيل في مشاريع سياسية أو اقتصادية فعلية. إنّ الاكتفاء بالخطابات حول “النموذج التنموي” لم يعد يُقنع أحدًا، لأن الجيل الجديد يريد نتائج ملموسة لا شعارات تحديثية.


رابعًا: قراءة في عمق الأزمة

من الخطأ النظر إلى جيل زد 212 كظاهرة ظرفية؛ إنها مرآة أزمة بنيوية تمتد إلى جذور النظام الاجتماعي والسياسي المغربي.

إنها علامة على تصدّع العقد الاجتماعي بين الدولة والمواطنين الشباب، وعلى فشل المدرسة والجامعة وسوق الشغل في منح معنى للانتماء.

جيل لا يجد نفسه في المؤسسات ولا في الخطاب الرسمي، فيخلق لغته ومساحته الخاصة. هذه لغة اللاانتماء، لكنها أيضًا لغة البحث عن هوية وطنية جديدة.


خامسًا: نحو أفقٍ إصلاحي لا احتجاجي فقط

حتى لا يتحول هذا الغضب إلى يأس، يجب أن يُستثمر في مشروع وطني جديد يعيد الثقة بين الدولة وشبابها.
ذلك يمر عبر ثلاث خطوات نقدية جوهرية:

الاعتراف بأن الحركة ليست «مؤامرة» ولا «موضة»، بل تعبير عن فشلٍ تراكمي في السياسات العمومية.

التحاور مع ممثلي هذا الجيل، ولو كانوا غير منظّمين، عبر آليات رقمية ومجالس شبابية حقيقية.

التمكين الفعلي: لا بالمنح والبرامج الورقية، بل بخلق فضاءات للشغل والإبداع والمشاركة السياسية.


خاتمة

جيل زد 212 ليس جيل الملك الجديد بعد، لكنه مرآة لملكٍ جديد قادم لا محالة — ملكٍ سيُحكم عليه بالنجاح أو الفشل بقدر ما يستطيع احتواء هذا الجيل ودمجه في مشروع الدولة.

هو جيل لا يخاف، لا يقدّس الرموز كما فعل السابقون، ولا يطلب المستحيل. فقط يريد أن يعيش بكرامة في وطن يسمع صوته.

إنّ النقد الحقيقي لا يُوجّه إلى الشباب الذين خرجوا إلى الشارع، بل إلى من جعلوا الشارع هو المكان الوحيد المتبقي للقول.



#فريد_بوكاس (هاشتاغ)       Farid_Boukas#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المغرب: خطابات التنويم الملكية... حين يصبح الكلام بديلاً عن ...
- سياسة الريع في المغرب: مقاربة تحليلية في الاقتصاد السياسي لل ...
- التدخل الإماراتي في الشأن الداخلي للدول المغاربية: النفوذ ال ...
- المؤسسة الملكية في المغرب وديناميات الأزمة الاقتصادية: مقارب ...
- خصخصة التعليم والصحة في المغرب: من خدمة المواطن إلى تجارة ال ...
- الملكية في المغرب واستحواذها على السلطات الثلاث: قراءة نقدية ...
- المغرب 2025: أزمة هيكلية في الاقتصاد والسياسة وحقوق الإنسان
- إمكانية سقوط النظام الملكي في المغرب: تحليل أكاديمي للعوامل ...
- الخطاب الملكي بين الواقعية والإنكار: لماذا يرى جيل Z 212 أن ...
- الاعتقالات السياسية في عهد محمد السادس: أرقام قياسية في تكمي ...
- الملك الغائب عن الحوار : أزمة تواصل تكشف عمق المأزق السياسي ...
- جيل زيد: بين المطالب والطموحات في ظل سلطة الملك المطلقة
- مقال أكاديمي: حراك جيل زد-212 في المغرب
- وكالة المغرب الكبير للأنباء ، هل تحول إعلامي مغاربي ؟
- حين اختلط الحبل بالنابل ، فريد بوكاس تحت مجهر التشهير
- لماذا يلجأ البعض إلى التشهير بالآخر ؟
- المملكة المغربية وأساليب التعذيب
- المغرب والكعكة المفقودة
- المغرب: محمد السادس ملك التناقضات
- الديكتاتورية في المغرب وكيفية التخلص منها


المزيد.....




- الكشف عن قيمة المسروقات من متحف اللوفر
- -مسار الأحداث- يناقش أسباب زيارة دي فانس وكوشنر وويتكوف لإسر ...
- غزة بعد الاتفاق مباشر.. إسرائيل تفحص جثتي أسيرين وحماس تؤكد ...
- البرلمان التركي يقر تمديد إرسال قوات إلى العراق وسوريا
- فرنسا تعلن قيمة -كنوز اللوفر- المسروقة.. وتوجه تحذيرا إلى ال ...
- ترامب عن لقاء بوتين: -لا أريد أن أضيع وقتي-
- نتنياهو يُقيل تساحي هنغبي: خلافات غزة والرهائن تُطيح بمستشا ...
- كيف وجد الرئيس ساركوزي نفسه وراء القضبان، ومن هو الملياردير ...
- بين شهادة المرحوم مصطفى البراهمة و مسلسل “حين يرونا”: خاطرة ...
- شاهد..برشلونة يحقق مكاسب بالجملة بعد الفوز على أولمبياكوس


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد بوكاس - «جيل زد 212… احتجاج أم وعي جديد؟ أم هو جيل الملك القادم ؟ قراءة نقدية في ملامح الجيل المغربي الغاضب»