أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد بوكاس - الخطاب الملكي بين الواقعية والإنكار: لماذا يرى جيل Z 212 أن النظام لا يسمع صوته؟














المزيد.....

الخطاب الملكي بين الواقعية والإنكار: لماذا يرى جيل Z 212 أن النظام لا يسمع صوته؟


فريد بوكاس
(Farid Boukas)


الحوار المتمدن-العدد: 8492 - 2025 / 10 / 11 - 21:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ألمانيا: فريد بوكاس ، صحفي باحث و ناشط سياسي مقيم بالمنفى


مقدمة: صوت الشباب الذي لم يُسمع


في المغرب، تتصاعد أصوات جيل جديد يعرف نفسه بـ "جيل Z�"، وهو جيل لم يعد يكتفي بالوعود التقليدية أو الخطابات الرسمية المزخرفة بالعبارات الكبرى عن التنمية والعدالة الاجتماعية. هذا الجيل، الذي نشأ في زمن الرقمنة والبطالة المتزايدة واللامساواة الاقتصادية، رفع مطالب واضحة وعاجلة: تحسين التعليم، فرص عمل كافية، محاسبة المسؤولين عن الفساد والأزمات، والإفراج عن معتقلين سياسيين على خلفية الاحتجاجات السلمية.


وعندما وقف الملك محمد السادس أمام البرلمان مؤخراً في خطابه الافتتاحي للدورة التشريعية، كان من المتوقع أن يقدم استجابة صريحة لهذه المطالب. لكن الواقع كان مختلفاً. الخطاب، رغم انه مليء بالوعود والتنويهات، بدا بعيداً عن معالجة جوهر القضايا التي دفعت الشباب إلى الشارع.



خطاب الملك: لغة الوعد الغامض


ركز الملك في خطابه على مجموعة من النقاط العامة: تطوير البرامج التنموية في المناطق الهشة، تحسين التعليم والصحة، محاربة الهدر الإداري، وتحقيق العدالة المجالية. هذه نقاط تبدو جميلة على الورق، لكنها جاءت مُجرد وعود عامة دون خطة تنفيذية واضحة أو جداول زمنية محددة.


اللغة الملكية اعتمدت على أسلوب التلميح أكثر من الإعلان الصريح، مما يجعلها صعبة الترجمة إلى إجراءات ملموسة على الأرض. الحديث عن التنمية المحلية والتوزيع العادل للموارد لا يجيب عن السؤال الأهم بالنسبة للشباب: متى سيجدون وظائف لائقة؟ متى ستتحسن جودة التعليم بما يتناسب مع متطلبات السوق الحديثة؟



المطالب التي تم تجاهلها

بينما كان الخطاب يركز على التنمية والإصلاح التدريجي، تجاهل الملك مباشرة مطالب رئيسية لجيل Z�:

إقالة الحكومة أو تغييرها: الشباب يطالبون بإصلاح سياسي فعلي، لكن الخطاب لم يتطرق إلى أي مساس بالهيكلة الحكومية.

الإفراج عن المعتقلين السياسيين وفتح تحقيق مستقل حول التعامل مع الاحتجاجات.

إصلاح إداري وسياسي جذري: تحسين الخدمات العامة وحده لا يكفي إذا بقيت آليات اتخاذ القرار المركزية بعيدة عن الشباب والمواطنين.


هذا التجاهل، من وجهة نظر الشباب، يُعطي شعوراً بأن مطالبهم “مؤجلة إلى الأبد” أو مجرد حبر على ورق، وأن الدولة لا ترى فيهم قوة فاعلة تُغير المعادلة السياسية.


تحليل سياسي واقتصادي واجتماعي

1. الجانب السياسي

الخطاب الملكي يعكس الرغبة في الحفاظ على استقرار المؤسسات السياسية، ولكنه في الوقت نفسه يظهر فصلاً بين مطالب الشعب والإجراءات الدستورية. الملك يترك التغيير السياسي العميق إلى "الطرق المؤسسية"، متجنباً الاستجابة المباشرة لضغوط الشارع، وهو ما يراه جيل Z� تجاهلاً مقصوداً.


2. الجانب الاقتصادي

تحدث الملك عن التنمية، لكن لم تُعرض أرقام واضحة عن ميزانيات جديدة أو خطط تشغيل محددة للشباب. في ظل البطالة المرتفعة، والاعتماد الكبير على الاقتصاد غير الرسمي، يبقى الخطاب مجرد رسالة معنوية أكثر منها حلاً فعلياً لمشاكل الفقر والبطالة التي تواجه الأجيال الجديدة.


3. الجانب الاجتماعي

جيل Z� يعاني من فجوة جيلية وثقافية مع النخب الحاكمة: الشباب يتحدث لغة الاقتصاد الرقمي، التقنية، والابتكار، بينما الخطاب الرسمي يستمر في لغة “المشاريع الكبرى” و"التنمية المحلية" دون إشراك حقيقي للشباب في صياغتها أو مراقبتها.


الغضب الرقمي والشبكات الاجتماعية

الشباب لم يكتفِ بالانتظار، فقد عبّر عن خيبة أمله بشكل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي. منشورات وانتقادات حادة رصدت تضارب الخطاب مع الواقع:

"كل الكلام عن التنمية جميل، لكن ماذا بعد ؟"

"تحسين التعليم؟ كلام كثير، والوضع لم يتغير "

"خطاب ملكي جميل، لكن لم نشعر و لم يرفع من فرص الشغل كالعادة "

هذه الانتقادات تكشف أن جيل Z� لا يثق بالوعود العامة، ويرى أن الإصلاح الحقيقي لا يأتي إلا بالمحاسبة والتغيير الجذري.


استنتاج نقدي

خطاب الملك أمام البرلمان، رغم أنه يعكس اهتمام الدولة ببعض القضايا الاجتماعية والاقتصادية، يبقى غير كافٍ في نظر جيل Z�. التجاهل الواضح للمطالب الأكثر حساسية (تغيير الحكومة، الإفراج عن المعتقلين، الإصلاح الإداري العميق) يُظهر فجوة بين اللغة الرسمية وواقع الشارع.


جيل Z� لم يعد يكتفي بالمطالب الجزئية أو بالمواعيد الطويلة الأمد، بل يريد استجابة حقيقية وملموسة. وفي غيابها، يظل الخطاب مجرد مراوغة لغوية لتجنب المواجهة المباشرة مع الغضب الشبابي، وهذا بدوره قد يزيد الاحتقان ويعمق الإحساس بعدم التمثيل السياسي الفعلي.


خاتمة: بين الوعود والواقع


الخطاب الملكي أمام البرلمان كان فرصة ذهبية لإعادة الثقة بين الدولة والشباب، لكنها ضاعت في لغة عامة ومراوغة دبلوماسية. جيل Z� يرى أن الكلمة الملكية لن تُغير الواقع إلا إذا ترافقت بالسياسات والإجراءات الفعلية، وإذا تم فتح المجال للمشاركة الحقيقية في اتخاذ القرارات.


إلا أن الدولة ما زالت أمام فرصة لإعادة التواصل مع الشباب: التنفيذ الحقيقي للوعود، الشفافية، والمساءلة الصارمة هي وحدها القادرة على سد فجوة الثقة. وإلا، فإن خطابًا جميلاً على الورق سيظل فارغاً من القوة الاجتماعية والسياسية، مجرد زخارف لغوية لا تليق بواقع الأجيال الجديدة.



#فريد_بوكاس (هاشتاغ)       Farid_Boukas#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاعتقالات السياسية في عهد محمد السادس: أرقام قياسية في تكمي ...
- الملك الغائب عن الحوار : أزمة تواصل تكشف عمق المأزق السياسي ...
- جيل زيد: بين المطالب والطموحات في ظل سلطة الملك المطلقة
- مقال أكاديمي: حراك جيل زد-212 في المغرب
- وكالة المغرب الكبير للأنباء ، هل تحول إعلامي مغاربي ؟
- حين اختلط الحبل بالنابل ، فريد بوكاس تحت مجهر التشهير
- لماذا يلجأ البعض إلى التشهير بالآخر ؟
- المملكة المغربية وأساليب التعذيب
- المغرب والكعكة المفقودة
- المغرب: محمد السادس ملك التناقضات
- الديكتاتورية في المغرب وكيفية التخلص منها
- الإعلام المغربي والدعارة المخزنية، جريدة الخبر بريس نموذجا
- هل محمد السادس مصاب بورم الغدة النخامية ؟
- المغرب :المملكة العلوية والريع الاقتصادي والسياسي
- بيان هام لمن يهمه الأمر. ( حزب الشباب الديمقراطي المغربي )
- مفاوضات باريس السرية بين المغرب وجبهة البوليساريو، مفاوضات و ...
- المغرب وجبهة البوليساريو: الحالة القانونية للصحراء الغربية
- حوار خاص مع مندوب جبهة البوليساريو بالأندلس السيد: عابدين بو ...
- الصحراء الغربية: أطفال المخيمات يعدون إلى ذويهم...
- المغرب: هل قرار مجلس الأمن وجبهة البوليساريو سبب الإنزال الع ...


المزيد.....




- واشنطن تبشر الرهائن بالعودة.. وحماس: الإفراج عن 48 رهينة يوم ...
- اشتباكات عنيفة بين باكستان وأفغانستان بعد غارات جوية مزعومة ...
- نظام جديد لدخول الاتحاد الأوروبي.. تعرف على التفاصيل
- الجزيرة تحصل على وثيقة تفصيلية بالخطوات التنفيذية لخطة ترامب ...
- رويترز: وفاة 3 دبلوماسيين قطريين في حادث بشرم الشيخ
- لماذا تريد مصر إضفاء شرعية دولية على اتفاق وقف الحرب في غزة؟ ...
- قيادي بحماس: سنرد على أي عدوان إسرائيلي إذا استؤنفت الحرب
- مواجهات بين فلسطينيين وقوات الاحتلال في عدة مناطق بالضفة
- شاهد.. أسباب الريمونتادا الإماراتية على عُمان
- مستقبل مظلم في أميركا وإسرائيل


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد بوكاس - الخطاب الملكي بين الواقعية والإنكار: لماذا يرى جيل Z 212 أن النظام لا يسمع صوته؟