أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد بوكاس - إمكانية سقوط النظام الملكي في المغرب: تحليل أكاديمي للعوامل البنيوية والسياسية المحتملة















المزيد.....

إمكانية سقوط النظام الملكي في المغرب: تحليل أكاديمي للعوامل البنيوية والسياسية المحتملة


فريد بوكاس
(Farid Boukas)


الحوار المتمدن-العدد: 8493 - 2025 / 10 / 12 - 19:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ألمانيا: فريد بوكاس ، صحفي باحث و ناشط سياسي مقيم في المنفى

الملخص :
يُعدّ النظام الملكي المغربي من أقدم وأرسخ الأنظمة السياسية في العالم العربي والإسلامي، إذ استطاع الحفاظ على استمراريته رغم التحولات الجذرية التي شهدتها المنطقة منذ منتصف القرن العشرين. ورغم هذا الاستقرار النسبي، يظل أي نظام سياسي عرضة للتحديات البنيوية والضغوط الاجتماعية والسياسية التي قد تؤدي إلى تآكل شرعيته. تهدف هذه الدراسة التحليلية إلى استشراف العوامل التي قد تؤدي إلى سقوط الملكية في المغرب، في إطار افتراضي أكاديمي يعتمد منهج التحليل البنيوي-السياسي.


أولاً: الإطار النظري والمفاهيمي

يرتكز التحليل على مفهوم الشرعية السياسية كما حدده ماكس فيبر، بوصفها الركيزة الأساسية لأي نظام حكم.
تتوزع الشرعية في الحالة المغربية إلى ثلاث ركائز مترابطة:

1. الشرعية الدينية (إمارة المؤمنين)،
2. الشرعية التاريخية (الاستمرارية الأسرية)،
3. الشرعية التنموية والإصلاحية (الإنجاز الملموس والقيادة الحديثة).

يُفترض أن أي خلل في توازن هذه الأركان الثلاثة قد يؤدي إلى أزمة شرعية، تكون في كثير من الحالات مقدمة لانهيار النظام السياسي.


ثانياً: السياق التاريخي للملكية المغربية

تُعدّ الملكية المغربية من أكثر الملكيات العربية استقراراً، إذ تمكنت من تجاوز عدة أزمات كبرى:

ـ محاولات الانقلاب العسكري في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين،
ـ أزمة انتفاضة 1981 الاقتصادية،
ـ احتجاجات حركة 20 فبراير سنة 2011،
ـ الحركات الاجتماعية المحلية كـ"حراك الريف" و"جرادة" خلال العقدين الأخيرين.


ورغم أن النظام واجه هذه الأزمات بسياسة مزدوجة تجمع بين الإصلاح المحدود والاحتواء الأمني، فإن استمرار الضغوط الاجتماعية والسياسية قد يجعل هذا التوازن هشّاً مع مرور الزمن.


ثالثاً: العوامل البنيوية الداخلية

1. تآكل الشرعية التنموية

تُعد التنمية ركيزة أساسية في شرعية النظام منذ اعتلاء الملك محمد السادس العرش سنة 1999. غير أن استمرار التفاوت الاجتماعي والجهوي، وارتفاع نسب البطالة بين الشباب، قد يؤدي إلى فقدان الثقة في جدوى النموذج التنموي القائم.

وقد أشار تقرير "اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الجديد" (2021) إلى أن النموذج السابق فشل في تحقيق العدالة المجالية والاجتماعية، وهو ما قد يُترجم لاحقاً إلى أزمة سياسية في حال استمرار الإخفاق التنموي.

2. ضعف الوساطة السياسية

تراجع دور الأحزاب والنقابات ومنظمات المجتمع المدني في تمثيل مصالح المواطنين، مما جعل العلاقة بين الدولة والمجتمع علاقة مباشرة، تُحمِّل المؤسسة الملكية مسؤولية كل نجاح أو فشل.

في غياب وسطاء سياسيين أقوياء، تتضخم التوقعات تجاه القصر، وهو وضع يحمل مخاطر بنيوية على المدى البعيد.

3. صراع النخب وتفكك التحالفات

النظام المغربي يعتمد على شبكة معقدة من التحالفات بين القصر والنخب الاقتصادية والسياسية والإدارية.

غير أن اتساع الفوارق في توزيع الامتيازات، وظهور جيل جديد من رجال الأعمال والسياسيين الأقل ارتباطاً بالبنية التقليدية للسلطة، قد يؤدي إلى إعادة تشكل الولاءات وربما تفككها.

مثل هذا التحول قد يضعف التماسك الداخلي الذي شكّل تاريخياً صمام أمان النظام.


رابعاً: العوامل الاجتماعية والثقافية

1. التحول القيمي والجيل الجديد

يشكل الشباب أكثر من 50% من سكان المغرب، وهم فئة تعيش حالة من التناقض بين تطلعات الحداثة السياسية والواقع المحافظ للمؤسسات.

جيل الإنترنت هذا لم يعش فترات القمع أو التقديس السياسي التقليدي، بل يتعامل مع الملكية من منظور “الأداء والنتائج”، لا “الرمزية والتاريخ”.

إذا لم يُواكَب هذا التحول بخطاب جديد وإصلاحات عميقة، فقد تتفاقم أزمة الشرعية الرمزية للمؤسسة الملكية.

2. تراجع رأس المال الرمزي للدين

رغم استمرار مكانة الملك كـ“أمير للمؤمنين”، فإن العلمنة المتزايدة للمجتمع، وتعدد مصادر الفتوى والمعرفة الدينية عبر الإنترنت، تُضعف مركزية الخطاب الديني الرسمي.

هذا التحول يُقلّص من قدرة المؤسسة الملكية على استخدام الدين كأداة توحيد رمزي أو شرعنة سياسية.



خامساً: العوامل الاقتصادية والهيكلية

تعاني البنية الاقتصادية المغربية من اختلالات بنيوية مزمنة، أبرزها:
ـ اعتماد مفرط على القطاعات غير المنتجة (السياحة، الفلاحة الموسمية)،
ـ تفاوت جهوي صارخ بين المدن الكبرى والمناطق الهامشية،
ـ هشاشة الطبقة الوسطى وتآكل قدرتها الشرائية.

في حال حدوث أزمة اقتصادية حادة (نتيجة صدمات خارجية أو سوء تدبير داخلي)، فقد تتوسع دائرة الفقر والاحتجاج، مما يؤدي إلى تسييس المطالب الاجتماعية وتحولها إلى مطالب تغيير للنظام.


سادساً: العوامل الخارجية والإقليمية

النظام المغربي يستفيد من شبكة دعم خارجية مهمة، سواء من الحلفاء الغربيين أو من الشركاء الإقليميين في الخليج ، لكن هذا الدعم مشروط غالباً بالاستقرار السياسي والاقتصادي.

في حال تغيرت المعادلات الجيوسياسية — كحدوث تراجع في النفوذ الفرنسي أو الأمريكي، أو تحولات في موازين القوى المغاربية — فقد يجد المغرب نفسه أمام بيئة خارجية أقل دعماً، مما يزيد هشاشة النظام.

كذلك، فإن صعود نماذج حكم أكثر ديمقراطية أو عدلاً في الجوار قد يخلق ضغطاً مقارناً داخل المجتمع المغربي للمطالبة بتغيير أعمق.


سابعاً: الأزمة المحتملة للثقة المؤسسية

تشير الدراسات الوطنية (مثل تقارير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي) إلى تراجع الثقة في البرلمان، الأحزاب، القضاء، والبلديات.

هذا التراجع يترك المؤسسة الملكية وحيدة في واجهة التوقعات الشعبية، ما يضاعف الضغط السياسي عليها.
وحين تتدهور الثقة العامة في المؤسسات، يصبح أي خطأ أو تأخير في القرار الملكي موضوع مساءلة شعبية مباشرة، وهو وضع قد يؤدي – في الأزمات الكبرى – إلى انفجار سياسي يصعب احتواؤه.



ثامناً: السيناريوهات المحتملة للسقوط أو التحول

1. سيناريو الإصلاح التدريجي (التحول إلى ملكية برلمانية):

يستمر النظام في مسار الإصلاح الداخلي وتفويض السلطات التنفيذية والتشريعية للحكومة المنتخبة، مع احتفاظ الملك بدور رمزي وديني. هذا السيناريو يُعدّ الأكثر واقعية واستقراراً.

2. سيناريو الانهيار البطيء:
تتراكم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية وتضعف المؤسسات، دون حدوث حدث مفصلي، إلى أن تصبح الملكية إطاراً شكلياً فاقداً للفاعلية.


3. سيناريو السقوط المفاجئ:
في حال اندلاع حركة احتجاجية شاملة مدعومة بانقسام داخل النخب أو الأجهزة الأمنية، قد يحدث انتقال قسري وسريع نحو نظام بديل، جمهوري أو مختلط.
رغم أن هذا السيناريو مستبعد حالياً، إلا أنه يظل احتمالاً نظرياً في ظل التحولات الجيلية المتسارعة.


تاسعاً: مناقشة واستنتاجات

يتضح من التحليل أن استقرار الملكية المغربية يعتمد على ثلاث معادلات دقيقة:

1. التوازن بين الإصلاح والاحتواء،
2. تجديد الشرعية الرمزية والتنموية،
3. تحديث البنية السياسية والاقتصادية بما يواكب التحولات المجتمعية.


التهديد الحقيقي للنظام لا يكمن في المعارضة أو الحركات الاحتجاجية، بل في الجمود السياسي والبيروقراطية والبطء في الاستجابة.

فكل نظام يفقد قدرته على التغيير الذاتي، يصبح عرضة لتغيير قسري من الخارج أو من الشارع.


خاتمة

الملكية المغربية لا تواجه حالياً تهديداً مباشراً بالانهيار، لكنها تعيش في بيئة متغيرة تستدعي تجديداً مستمراً للشرعية.

يبقى مستقبلها رهيناً بقدرتها على:
ـ ترسيخ دولة القانون والمؤسسات،
ـ الحد من الفوارق الاجتماعية،
ـ إشراك المواطن في القرار،
ـ وإعادة صياغة علاقتها بالنخب والمجتمع على أساس الشفافية والمساءلة.

ففي عالم تتسارع فيه التغيّرات وتضعف فيه القداسات السياسية، لا يمكن لأي نظام أن يضمن استمراره إلا بقدر استجابته للتحول والعدالة.



#فريد_بوكاس (هاشتاغ)       Farid_Boukas#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الخطاب الملكي بين الواقعية والإنكار: لماذا يرى جيل Z 212 أن ...
- الاعتقالات السياسية في عهد محمد السادس: أرقام قياسية في تكمي ...
- الملك الغائب عن الحوار : أزمة تواصل تكشف عمق المأزق السياسي ...
- جيل زيد: بين المطالب والطموحات في ظل سلطة الملك المطلقة
- مقال أكاديمي: حراك جيل زد-212 في المغرب
- وكالة المغرب الكبير للأنباء ، هل تحول إعلامي مغاربي ؟
- حين اختلط الحبل بالنابل ، فريد بوكاس تحت مجهر التشهير
- لماذا يلجأ البعض إلى التشهير بالآخر ؟
- المملكة المغربية وأساليب التعذيب
- المغرب والكعكة المفقودة
- المغرب: محمد السادس ملك التناقضات
- الديكتاتورية في المغرب وكيفية التخلص منها
- الإعلام المغربي والدعارة المخزنية، جريدة الخبر بريس نموذجا
- هل محمد السادس مصاب بورم الغدة النخامية ؟
- المغرب :المملكة العلوية والريع الاقتصادي والسياسي
- بيان هام لمن يهمه الأمر. ( حزب الشباب الديمقراطي المغربي )
- مفاوضات باريس السرية بين المغرب وجبهة البوليساريو، مفاوضات و ...
- المغرب وجبهة البوليساريو: الحالة القانونية للصحراء الغربية
- حوار خاص مع مندوب جبهة البوليساريو بالأندلس السيد: عابدين بو ...
- الصحراء الغربية: أطفال المخيمات يعدون إلى ذويهم...


المزيد.....




- الإمارات تعزي قطر في وفاة 3 دبلوماسيين بحادث شرم الشيخ
- شاهد.. فلسطينيون يهرعون للحصول على المساعدات من الشاحنات الم ...
- وكالة: إيران لن تشارك في قمة شرم الشيخ بمصر رغم تلقيها دعوة ...
- قمة شرم الشيخ: مصر تستضيف قادة العالم لإنهاء حرب غزة
- وثائق مسربة تكشف عن تعزيز دول عربية للتعاون العسكري مع إسرائ ...
- اشتباكات دامية بين باكستان وأفغانستان.. تضارب في حصيلة القتل ...
- لبنان يستعد لتقديم شكوى إلى مجلس الأمن ضد إسرائيل
- عشرات القتلى باشتباكات بين باكستان وأفغانستان وإسلام آباد تت ...
- سباق الرئاسة في غينيا يشتعل.. 50 حزبا و16 مستقلا يعلنون ترشح ...
- مسعد بولس: السلام في الكونغو -مسار طويل لا يُدار بمفتاح-


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد بوكاس - إمكانية سقوط النظام الملكي في المغرب: تحليل أكاديمي للعوامل البنيوية والسياسية المحتملة