أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد بوكاس - التدخل الإماراتي في الشأن الداخلي للدول المغاربية: النفوذ الناعم أم المسّ بالسيادة؟















المزيد.....

التدخل الإماراتي في الشأن الداخلي للدول المغاربية: النفوذ الناعم أم المسّ بالسيادة؟


فريد بوكاس
(Farid Boukas)


الحوار المتمدن-العدد: 8499 - 2025 / 10 / 18 - 01:10
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ألمانيا : فريد بوكاس ، صحفي باحث و ناشط سياسي


مقدمة


في السنوات الأخيرة، أصبحت السياسة الخارجية لدولة الإمارات العربية المتحدة أكثر حضوراً وجرأة في الساحة العربية، وتجاوزت حدودها التقليدية القائمة على الاقتصاد والدبلوماسية إلى أدوار أكثر تأثيراً في المشهد السياسي الداخلي لعدد من الدول.


من أبرز المناطق التي تشهد اهتماماً متزايداً من أبوظبي، المنطقة المغاربية، التي تضم المغرب، الجزائر، تونس، ليبيا، وموريتانيا.


ورغم البعد الجغرافي النسبي بين الخليج والمغرب الكبير، إلا أن التحركات الإماراتية هناك تثير جدلاً متنامياً حول طبيعتها: هل هي شراكات استراتيجية مشروعة؟ أم تدخلات تمسّ السيادة الوطنية لهذه الدول؟


دوافع الحضور الإماراتي في المغرب الكبير


1. هواجس ما بعد الربيع العربي

شكّل "الربيع العربي" نقطة تحوّل في السياسة الإماراتية، التي تبنّت موقفاً معارضاً للتغييرات الثورية ولصعود التيارات الإسلامية السياسية، خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين.

ومن هذا المنطلق، ترى الإمارات أن الاستقرار السياسي عبر أنظمة قوية ومتماسكة هو الخيار الأنسب لمواجهة ما تعتبره "فوضى الثورات".

هذا الموقف انعكس على مواقفها في تونس وليبيا، حيث دعمت أطرافاً سياسية وأمنية تُعارض الحركات ذات المرجعية الإسلامية أو الثورية.


2. منافسة القوى الإقليمية

تسعى الإمارات لفرض نفوذها في الفضاء العربي والإفريقي في مواجهة قوى إقليمية أخرى كتركيا وقطر، اللتين تمتلكان حضوراً متجذراً في شمال إفريقيا.

وبذلك، تتحول المنطقة المغاربية إلى ساحة تنافس ناعم بين محاور مختلفة، تستخدم فيها الأدوات الاقتصادية والإعلامية وحتى الاستخباراتية.


3. الاعتبارات الاقتصادية والجيوسياسية

تمتلك الدول المغاربية أهمية اقتصادية واستراتيجية، سواء من حيث الموقع الجغرافي المطلّ على البحر المتوسط، أو لكونها بوابة نحو إفريقيا.

كما ترى الإمارات في الاستثمار في هذه المنطقة فرصة لتعزيز نفوذها الاقتصادي وربطها بمشاريعها الكبرى مثل «موانئ دبي العالمية» وشركات الطاقة والنقل.


آليات التدخل وأشكاله

1. الإعلام والتأثير في الرأي العام

أشارت تقارير إعلامية عديدة إلى أن الإمارات تستخدم منصات رقمية وحسابات إلكترونية للتأثير في النقاشات الداخلية لبعض الدول المغاربية.

ففي المغرب مثلاً، اتُّهمت حسابات مقرّبة من الإمارات بشن حملات ضد مؤسسات وشخصيات سياسية مغربية، ما أثار غضباً شعبياً ورسميّاً باعتبار ذلك "مساساً بالشأن الداخلي" (العربي الجديد، 2023).


2. الدعم السياسي والمالي

في تونس، نُشرت تقارير إعلامية عن لقاءات جمعت مسؤولين إماراتيين بشخصيات سياسية وأمنية تونسية خلال السنوات الماضية، بهدف "إعادة ترتيب المشهد السياسي"، وفق ما نشرته تقارير في موقع الجزيرة عام 2018.

كما وُجّهت اتهامات غير مباشرة لأبوظبي بمحاولة التأثير في قرارات سيادية كتطبيع العلاقات مع إسرائيل، من خلال ضغوط مالية ودبلوماسية على كل من تونس وموريتانيا.


3. التدخل العسكري غير المباشر

تُعتبر ليبيا أبرز ساحة للتدخل الإماراتي في المغرب الكبير، إذ دعمت أبوظبي قوات شرق ليبيا بقيادة خليفة حفتر بالسلاح والمال، بل واتُّهمت بشنّ غارات جوية لصالحه في بعض المعارك، وفق تقارير الأمم المتحدة ومصادر غربية.

ورغم تبرير الإمارات لتدخلها بأنه "محاربة للإرهاب"، فإن ذلك ساهم في تعميق الانقسام الليبي وتأخير التسوية السياسية.


4. الأداة الاقتصادية والاستثمارية

تستخدم الإمارات قوتها المالية لبناء نفوذ سياسي عبر بوابة الاقتصاد، من خلال مشاريع كبرى في الموانئ والطيران والبنية التحتية.

في المغرب، توسعت استثمارات الإمارات في مجالات العقار والطاقة، بينما تراجع الزخم السياسي بين البلدين بسبب مواقف متباينة من ملفات إقليمية، مثل الأزمة الخليجية وقضية الصحراء الغربية.


المواقف الرسمية المغاربية :

الجزائر: سياسة الحذر والرد الصريح

تتبنّى الجزائر موقفاً حذراً من التحركات الإماراتية، خصوصاً تلك التي تراها متماهية مع أجندات خارجية. وقد عبّر مسؤولون جزائريون عن رفضهم لأي محاولة للتأثير في المواقف السيادية، مؤكدين أن "الجزائر ليست ساحة لتصفية الحسابات الإقليمية".


تونس: بين الشكوك والانفتاح الحذر

في تونس، أثار الحضور الإماراتي جدلاً منذ الثورة، خاصة بعد تقارير عن تمويل أحزاب إعلامية أو محاولات لدعم تغييرات سياسية.

ورغم أن العلاقات بين البلدين تشهد فترات من الانفتاح، إلا أن الذاكرة السياسية التونسية ما تزال تحمل شكوكاً تجاه أي دعم إماراتي "مشروط".


المغرب: من القطيعة للتبعية

ـ تمويل وسائل إعلام أو مؤسسات ضغط سياسية تروج لمواقف قريبة من التوجه الإماراتي.
ـ محاولات التأثير في القرار الخارجي المغربي، خاصة في ما يتعلق بالأزمات الإقليمية مثل اليمن وليبيا.
ـ حملات إعلامية ضد بعض الشخصيات أو الأحزاب المغربية التي لا تتوافق مع السياسات الإماراتية .


التدخل أم النفوذ المشروع؟

التمييز بين التدخل والنفوذ المشروع ليس أمراً سهلاً. فكل الدول تمارس شكلاً من أشكال التأثير الخارجي، لكن الفارق يكمن في حدود هذا التأثير وأهدافه.

حينما يتحول الدعم الاقتصادي أو الإعلامي إلى وسيلة لتوجيه القرار الداخلي أو التحكم في مسار سياسي، فإن ذلك يُعدّ تدخلاً صريحاً في الشؤون الداخلية.

أما حين يكون التعاون قائماً على الندية والمصالح المشتركة، فهو يدخل في نطاق العلاقات الاستراتيجية الطبيعية.


التداعيات والآثار المحتملة

تآكل السيادة الوطنية: إذ يشعر المواطن المغاربي أن قراره السياسي لم يعد نابعاً من الداخل.

الاستقطاب الداخلي: تدخلات الخارج تُعمّق الانقسام بين النخب السياسية، وتخلق أزمات ثقة.

إضعاف التعاون المغاربي: كلما تدخل طرف خارجي في سياسات دول المنطقة، زادت الهوة بينها وتراجعت فكرة الاتحاد المغاربي.

تغذية الصراعات الإقليمية: كما في ليبيا، حيث أدى التدخل الإماراتي إلى تصعيد ميداني بدلاً من التسوية.


خاتمة

تبدو الإمارات العربية المتحدة اليوم فاعلاً محورياً في المشهد العربي، تحاول من خلال استراتيجيتها الإقليمية الجمع بين الاقتصاد والسياسة والأمن في مشروع نفوذ واسع.

لكن في المنطقة المغاربية، لا يمكن تجاهل أن هذا النفوذ يتقاطع أحياناً مع حساسيات تاريخية وسياسية عميقة، مما يجعل أي تحرك خارجي يُنظر إليه بريبة.

إن ما تحتاجه المنطقة اليوم ليس مزيداً من الاستقطاب، بل شراكات متوازنة تقوم على احترام السيادة الوطنية، وتجنّب تحويل الخلافات الإقليمية إلى أدوات ضغط داخلية.

فالتجارب أثبتت أن أي تدخل في الشأن الداخلي، مهما كانت نواياه المعلنة، يترك آثاراً طويلة الأمد على الاستقرار السياسي والاجتماعي، ويقوّض ثقة الشعوب في مؤسساتها.



#فريد_بوكاس (هاشتاغ)       Farid_Boukas#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- المؤسسة الملكية في المغرب وديناميات الأزمة الاقتصادية: مقارب ...
- خصخصة التعليم والصحة في المغرب: من خدمة المواطن إلى تجارة ال ...
- الملكية في المغرب واستحواذها على السلطات الثلاث: قراءة نقدية ...
- المغرب 2025: أزمة هيكلية في الاقتصاد والسياسة وحقوق الإنسان
- إمكانية سقوط النظام الملكي في المغرب: تحليل أكاديمي للعوامل ...
- الخطاب الملكي بين الواقعية والإنكار: لماذا يرى جيل Z 212 أن ...
- الاعتقالات السياسية في عهد محمد السادس: أرقام قياسية في تكمي ...
- الملك الغائب عن الحوار : أزمة تواصل تكشف عمق المأزق السياسي ...
- جيل زيد: بين المطالب والطموحات في ظل سلطة الملك المطلقة
- مقال أكاديمي: حراك جيل زد-212 في المغرب
- وكالة المغرب الكبير للأنباء ، هل تحول إعلامي مغاربي ؟
- حين اختلط الحبل بالنابل ، فريد بوكاس تحت مجهر التشهير
- لماذا يلجأ البعض إلى التشهير بالآخر ؟
- المملكة المغربية وأساليب التعذيب
- المغرب والكعكة المفقودة
- المغرب: محمد السادس ملك التناقضات
- الديكتاتورية في المغرب وكيفية التخلص منها
- الإعلام المغربي والدعارة المخزنية، جريدة الخبر بريس نموذجا
- هل محمد السادس مصاب بورم الغدة النخامية ؟
- المغرب :المملكة العلوية والريع الاقتصادي والسياسي


المزيد.....




- إيران تؤكد أنها لم تعد ملزمة بـ-القيود- المرتبطة ببرنامجها ا ...
- زيلينسكي يفشل في إقناع واشنطن بتسليم بلاده صواريخ توماهوك
- محادثات بين أفغانستان وباكستان في قطر سعيا لاحتواء التوتر
- حكومة طالبان تشارك في محادثات مع باكستان في قطر بعد اشتباكات ...
- عودة الحياة تدريجيا إلى قطاع غزة ودعوات لـ-إغراقه بالغذاء-
- ترامب يخفف عقوبة نائب جمهوري سابق مدان بالفساد
- الاحتلال يعتدي على مزارعين بكوبر وينفذ اقتحامات بالضفة
- مرضى وجرحى يواجهون الموت بعد انهيار المنظومة الصحية في غزة
- اجتماع متوتر بين ترامب وزيلينسكي.. مراسلة CNN تستعرض ما دار ...
- -زائر قرية الأشباح-.. الكشف عن الصورة الفائزة بجائزة مصور ال ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - فريد بوكاس - التدخل الإماراتي في الشأن الداخلي للدول المغاربية: النفوذ الناعم أم المسّ بالسيادة؟