علم الدين بدرية
الحوار المتمدن-العدد: 8501 - 2025 / 10 / 20 - 19:00
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
عُذرًا نزار قباني، لم يمت العرب العاربة!! ما زالوا حُفاة يَنتعلون رمال عُقولهم الخاوية الصدئة، الملوّثة بالسبي والجهاد والنكاح ويختلفون على عدد الجواري والحوريات والغلمان في جنّة أوهامهم... بدّلوا النوق والجمال بعربات المرسيدس والفراري وجلّ همهم قتل وذبح وسلب ونهب كل من يخالفهم في العقيدة والدّين ونهج الحياة ... وظفوا الدّين وفتاوي الأفّاقين من علمائهم في تبرير شهواتهم وآثامهم وتحليل كل ما طاب لهم من غزو الأبرياء وسبي النساء وقتل وإباحة دم كل من ينتمي لمذهب آخر مخالفٍ لدينهم ومعتقدهم من مجموعات وأقليات عرقيّة ودينيّة وثقافيّة إثنيّة، لا تنطبق مع ثقافتهم الدمويّة المتخلّفة المتعفّنة في مستنقعات التخلّف والجهل!! عُذرًا نزار من مات هو مصطلح العروبة كوطن والقومية كنهج يجمعنا من الخليج إلى المحيط، لقد مات كل ما يجمع هذا النسيج على فسيفساء وتضاريس هذه البقعة الجغرافية التي تُدعى وطنًا، من قيم وتقاليد ساميّة ومن معاني الوحدة والإخاء والتسامح والعيش المشترك والأخلاق والحريّة والكرامة، لقد مات الضمير الإنساني فيهم ولم يبقَ لهم سوى ثقافة الدماء وشريعة الجهل ومسيرة الجهاد والنكاح.
أعتذر من الرموز خالدة الذّكر، الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والقائد المعلم الشهيد كمال جنبلاط، دعاة الوحدة والقوميّة العربيّة، أعتذر من الشّعراء محمود درويش، سميح القاسم ومن الكثيرين غيرهم... أنا كنت مثلهم أحلم بوطن يحترم إنسانيتي ويقدّس حرّيتي ولا يجعل مني عبدًا لأسيادي وزنديقًا وكافرًا يُباح دمي على مذابح الأصوليّة ومعابد الأوثان!!كنت أعلّم أولادي في طفولتهم أناشيد وقصائد تمجد عروبتي... سجّل أنا عربي.. / ورقم بطاقتي خمسون ألف.. / أنا عربي. أنا أسم بلا لقب.جذوري قبل ميلاد الزمان رست وقبل تفتح الحقب. وجدّي كان فلاحًا يُعلمني شموخ الشمس قبل قراءة الكتب.. / أنا لا أكره الناس ولا أسطو على أحد!!... علّمتهم، بلاد العرب أوطاني ... علمتهم، الدين لله والوطن للجميع...وأبنائي يصحون اليوم ويستيقظون على وهم وفاجعة فالعروبة وهم وسراب، خداع وخيانة وخراب وحراب، قبائل جاهليّة وضباب... العروبة أسطورة ماتت منذ عهد بعيد!! .... علّمتهم أنهم بناة حضارة وإنسانيّة ودُعاة سلام ومحبّة وعباقرة مثل ابن سيناء والفارابي يصنعون التاريخ مجدًا وارتقاء!!... سامحوني... كنتُ نائمًا أحلم، لكنني بعد خمسين عاما استيقظت على وهم كبير، ماتريكس فوضويّ ومصفوفة مُتهالكة لا حضارة فيها ولا تطور ولا ارتقاء!!
عذرًا أبنائي، عذرًا أحفادي الأحباء، عذرًا قارئي الكريم.. سجّلوا اليوم والشهر والسنة الميلاديّة.. ورقم القضيّة، في الخامس عشر من آب عام ألفين وخمسة وعشرين 15/07/2025 في هذا اليوم سقطت أكذوبة الديمقراطيّة والعلمانيّة وانهارت أركان القوميّة العربيّة وارتدى ما كان يُعرف بالعالم العربي رداء التطرف وثوب الأصوليّة وبدأ فصل آخر من فصول المسرحيّة وحكم الأكثريّة!! لا بأس في التمثيل وإعادة التشكيل.. إنّ الملهاة لعبة الحريّة.. والهشيم مجد لطغاة الأبجديّة.. المأساة أنّ الأحرار أغراب في أوطانهم ترفضهم دولهم العصريّة!!
السويداء.. تلك المدينة الجميلة، الوادعة الطيبة بأهلها الكريمة بأخلاق أبنائها السويداء.. ذلك القلب النابض بالكرامة والإباء عاصمة جبل الثورة ضد الاستعمار.. بلد القائد سلطان باشا الأطرش قائد ثورة سوريا الكبرى، القائل الدين لله والوطن للجميع كانت الهدف للمؤامرة القادمة ولمخطط التهجير والتكفير والإبادة الجماعيّة من قبل عناصر ما يسمى الأمن العام التابعة (للجولاني) حاكم سوريا الجديد وخريج القاعدة وداعش والنصرة سابقًا، فبعد مجازر الساحل حان دور السويداء لتُباح دمائها الطاهرة على مذابح التخلّف والحقد، فكانت مسرحًا لتطبيق السياسة العنصريّة والجرائم بحق الإنسانيّة ووأد الأرض والإنسان!! ومسلسل من أعمال الفوضى والقتل والاغتصاب والحرق والنهب والسبي للمواطنين الأبرياء وكل ذنبهم أنهم أبناء لمذهب التوحيد لم يفرضوا مذهبهم الفلسفي على أحد ولم يسبوا النساء ولم يمارسوا جهاد النكاح ولم يمتلكوا يومًا السبايا والجواري ولم يُذعنوا لطاغيّة ولم يركعوا لظالم!! لقد سقطت ورقة التين الأخيرة عن عورة العيش المشترك والشراكة بالوطن والمصير!! وعهد احتضان الأوهام قد ولى وهذه الكارثة والمحنة سيسجلها التاريخُ وصمة عار على جبين العروبة المتخاذلة الجبانة التي لم تستنكر ولم تَمنع ولم يُسمع صوتها وألقي النفير بعدد من دولها وأعلن الجهاد وخرجت قوافل وجحافل من عشائر الخسة تحت أنظار ورقابة الحكام العرب وعلى رأسهم حكام وملوك السعودية والخليج ومباركة السلطان التركي الجديد!!
في هذا اليوم ماتت الأمة العربيّة وأعلنتُ براءتي أمام الإنسانيّة وأمام الله من هذه الأُمّة المتخلّفة، التي انحدرت إلى هوة سحيقة لا نهوض منها، بعدما فقدت ضميرها الإنساني والأخلاقي وأصبح جلّ اهتمامها الجهاد والتّكفير وإبادة الخوارج والأقليات العرقيّة والمذهبيّة والغزو والاقتلاع والمحاصرة لكل ما يتناقض مع شريعة القتل والسبي والاغتصاب وذبح الشعوب، ضاربة عرض الحائط بهؤلاء الذين ضحوا من أجل العروبة البائدة والقوميّة منتهية الصلاحيّة وحرروا أوطانهم من نير الاستعمار وأتون الوصايّة والتبعيّة والعبوديّة لتصبح دولاً مستقلة ذات سيادة واستقلال!!
ما يحدث اليوم في ما كان يُسمى العالم العربي وخاصة سوريا هو توق للحريّة والعدالة والديمقراطيّة وانقلاب على أنظمة عفنة تدّعي الصمود والتحدي والتصدي والحكم باسم الدّين والشريعة وهي أبعد مما يكون عن التحدّي والفضيلة وأقرب إلى التخلّف والتّصدي من "الصداء "ما يحدث هو كسر لحاجز الصمت ورفض لكبت الحريّات والاستبداد والدكتاتوريّة المطبقة والمطالبة بتغيير الحكم الفاشي الإسلامي الراديكالي والإرهابي وإرجاع بعض الحقوق المسلوبة من مواطنين مغلوبين على أمرهم، سلبهم حكامهم الطغاة طعم الحريّة والأمن والثقة بالنفس.
ان ما يحدث ثورة المظلومين والمضطهدين في الأرض ، ضد الظلم ، ضد القتل ، ضد السبي ، ضد السرقة، ضد الفساد الذي ينخر عظام هذا الانظمة المستبدّة وهي ثورة حق ضد كل حاكم خان الأمانة فأمعن قتلاً بمواطنيه وشعبه واعتقالاً لأحراره ومثقفيه وتجويعًا وحصارا لإولائك المتعبين في الأرض، حتى أصبحت قراهم ومدنهم في سوريا شبه مهجورة أُحرقت منازلها وقُتل وشُرد ساكنيها، يعيثُ فيها عملاءُ النظام الحاكم فسادًا وظلمًا وما كان مطلبهم سوى القليل من الحريّة وبعض الاصلاحات التي يحتاجها المواطن لكي يُصبح إنسانًا، فكان ردّ الحكومة المؤقتة الداعشيّة المتخلّفة بامتياز على هذه المخلوقات بالرصاص والقتل والسجن والاغتصاب والاحراق والتّكفير والإبادة واتهامهم بالتخريب والمدسوسين وأنهم عملاء!! فوجهوا لهم تهمًا باطلة وقتلوا الشباب والشيوخ والنساء والأطفال بوحشيّه يندى لها الجبين والضمير الإنساني... باسم الدّين وباسم الله يُذبحون وتُسبى نسائهم وحرائرهم وتُحرق بيوتهم وتُسرق أرزاقهم، أتوا بكل زناة الأرض وحفاة الصحراء الجرداء ولقطاء جهاد النكاح لغزو هؤلاء الأبرياء الصالحين ولإبادتهم بدعوة النفير والجهاد وكأنما لم يبقَ من قضيّة لهؤلاء الأعراب ذوي السيرة السيئة والوجه القبيح للإسلام والمسلمين سوى الجهاد وإبادة الموحدين!! جاؤوا من كل حدب وصوب، ينسلون كلعنة ابليس، كجراد موبوء بمرض الجهل ورمال الصحراء أتوا من مزابل التاريخ يرتدون عباءات العنصريّة ويحملون فتاوى اِبن تيميّة وغيره من المجرمين، الشاذين، الأوغاد!! أعداء التقدم والحريّة، فلول القبائل البائدة من أعراب الخسّة والدناءة والتّخلف والانحطاط!!
ما يحدث اليوم هو توق للحريّة والعدالة والديمقراطيّة، هي ثورة ضد نظام العفن في سوريا، فُجع الناس بأن الدجّال قد تبوأ كرسي الحكم فيهم، فهو نفسه دجّال القاعدة في العراق ودجّال داعش وجبهة النصرة العهرة في سوريا، بايعوه على العرش جلادًا وعلى الإسلام خليفةً وفي دمشق واليًا وسفاحًا، يأتيهم بنفس الأحاديث، نفس تلك النغمة من العروبة الكاذبة!! أقام نظامًا نازيًّا، فاشيًّا، متطرّفًا، مستبدًّا يُلغي الآخر، نظام عصابات أصولي متخلّف، يرتدي عباءة المقاومة والممانعة، وشعاره الدفاع عن الدّين والإسلام السلفي الراديكالي المتطرف، ممارساته معروفة لكل الشعب السوري ومن يعترض يُواجه بالسلاح ويُحاصر ويُقتلع ويُباد!!
أقول لكلّ السوريين، لمن ما زال يعتقد بالإصلاح، إنها ثورة ضد الظلم وما محاولات النظام اِدّعاء الشرف والطهارة الاّ محاولة قذرة جديدة لتمديد عمر المومياء الداعشيّة التي تحكم الشعب السوري بالحديد والنار هذا جزء بسيط من القمع والاذلال وكم الأفواه الممارس علنيًا وما بطن أعظم!!
عندما يُصبح الإنسان غريبًا في وطنه، محددًّا ومؤقّتًا، ومحاصرًا بواقع أُمّته الكبيرة المتخلّفة التي ترفض أن يكون، يُصبح في خطر عظيم وكبير، هو خطر الوجود، أو الانقراض الحضاري، على أيدي فئات ومجموعات عقائديّة متطرفة وثقافات أخرى لا تقدّس حياة وحريّة الإنسان، تغزو واقعه من الداخل، فتفتته إلى أجزاء متناثرة، من الصعب تجميعها من جديد.
عذرًا أيها الأحرار بكل مكان، عذرًا أيها العالم المتنوّر مازالت هناك في هذا الشرق جحور آفلة وأوكار مظلمة تعيش فيها مخلوقات متخلّفة متوحشة من أزمنة الجاهليّة وعهود الانحطاط!! اليوم أعلن أمامكم براءتي من عروبة قد ماتت والجنازة قد شيعت في بلاد الشام!
#علم_الدين_بدرية (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟