رانية مرجية
كاتبة شاعرة ناقدة مجسرة صحفية وموجهة مجموعات
(Rania Marjieh)
الحوار المتمدن-العدد: 8501 - 2025 / 10 / 20 - 10:01
المحور:
الادب والفن
تمهيد: صوت من بين الرماد
أنا ابنةُ الجرحِ الذي لم يَبرأ،
لكنَّهُ لم يُلوّثْ قلبي.
ولدتُ في زمنٍ يَضحكُ فيه الناسُ على الطيّبين،
ويكتبونَ قصائدَ في القسوةِ باسمِ “الذكاء”.
لكني ما زلتُ أُصدّقُ أنَّ الماءَ أعمقُ من النار،
وأنَّ اللينَ لا يُهزم،
بل يَغلبُ من حيثُ لا يُرى.
1. الطيبة ليست ضعفًا… بل وعيًا بالسماء
الطيبةُ ليست انحناءً،
بل شهقةُ نورٍ خرجت من قلبِ اللهِ لتقولَ للتراب: كن رقيقًا.
الطيبةُ ليست سذاجة،
بل عِلمٌ خفيّ، يُدرِّسهُ اللهُ لمن أحبَّهم بصمت.
من كان طيّبًا، فهو يعرفُ الأسرار:
يعرفُ أنَّ الظالمَ يَخافُ من الرحمةِ أكثرَ من العقاب،
وأنَّ القاسيَ حينَ ينامُ، ينامُ في ظلامِ نفسِه.
أما الطيّبُ… فينامُ في حضنِ الله.
2. الطيبةُ كفعلِ مقاومة
في هذا العالمِ الذي يَبيعُ الحنانَ في قواريرِ عطور،
ويُخزِّنُ الدموعَ في شاشات،
قرّرتُ أن أكونَ قلبًا حيًّا.
أُسامحُ، لا لأنِّي أضعف،
بل لأنَّني أملكُ ما لا يملكون:
القدرةَ على الشفاءِ دونَ أن أطلبَ طبيبًا.
كلُّ صفعةٍ نالتني
جعلتني أرقى، لا أقسى.
كلُّ خيبةٍ،
جعلتني أتعلمُ أنَّ الحبَّ ليس صفقة،
بل صلاةٌ تُؤدّى بالنيّة، لا بالردّ.
3. الطيبةُ كطريقٍ إلى الله
حينَ تتجاوزينَ الحقد،
تَصيرينَ أقربَ إلى اللهِ ممَّن يُصلّونَ دونَ رحمة.
فالطيبةُ ليست مجرّد خُلُق،
إنَّها عبادةُ الوجدان،
وحجٌّ إلى قلبِكَ قبلَ أيِّ بيتٍ في الأرض.
اللهُ لا يُحبُّ من يرفعُ الصوتَ بالحقِّ فقط،
بل من يُسكِتُ الألمَ بالحنان.
فكُنْ كما أرادكَ اللهُ:
لينًا، نقيًّا، لا تُكافئُ بالميزان،
بل تُكافئُ بما في قلبِك من سماء.
4. الطيبة كفناءٍ في الرحمة
أنا لا أريدُ أن أكونَ مثاليّة،
أريدُ فقط أن أبقى إنسانةً،
لا يُغيّرُني الجرحُ إلى وحشٍ،
ولا القسوةُ إلى ظلٍّ باهِت.
تعَلَّمتُ أنَّ اللهَ لا يرفعُ القلوبَ إلا حينَ تُكسَر.
وأنَّ الطيبةَ التي تنجو بعدَ العاصفة،
تُصبحُ لغةً يتحدثُ بها الملائكةُ في الأرض.
فإذا قالوا: “رانية مرجية طيّبة أكثر من اللازم.”
سأبتسمُ وأقول:
نعم… ولكنّي أيضًا من اللازمِ أن أكونَ طيّبة،
كي لا يصيرَ العالمُ بلا قلب.
5. خاتمة النور: وصيّة الطيبين
إياكُم أن تسخروا من الطيبين،
فهمُ الحائطُ الأخيرُ بين الإنسانِ والوحش.
وإيّاكَ أن تَخونَ من يَغفرُ لك،
فذلكَ يُغضِبُ اللهَ أكثرَ من أيِّ خطيئة.
احموا الطيبةَ فيكم كزهرةٍ نادرة،
واسقوها بالصدق، لا بالمديح.
فالعالَمُ لا ينجو بالقوة،
بل بقلبٍ يُضيءُ في الظلامِ ويقولُ بهدوء:
“ما زلتُ أحبّ… رغمَ كلِّ شيء.”
#رانية_مرجية (هاشتاغ)
Rania_Marjieh#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟