أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سنان سامي الجادر - الكتاب الذي يعيد رسم خريطة التوحيد في الشرق القديم















المزيد.....

الكتاب الذي يعيد رسم خريطة التوحيد في الشرق القديم


سنان سامي الجادر
(Sinan Al Jader)


الحوار المتمدن-العدد: 8499 - 2025 / 10 / 18 - 22:49
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


في كتاب "الإسلام والمندائية وجذورهما البابلية"، يقدّم الباحث قراءة عميقة ومبتكرة في تاريخ الفكر الديني، حيث يربط بين الإسلام والمندائية من خلال جذور حضارية ضاربة في بلاد الرافدين. لا يكتفي هذا العمل بالكشف عن أوجه التشابه بين الديانتين، بل يعيد رسم الخريطة الروحية لهما عبر تحليل دقيق للنصوص والمفاهيم والرموز، مستندًا إلى خلفية لغويّة وتاريخيّة وفلسفيّة متماسكة. منذ الصفحات الأولى، يشعر القارئ بأنه أمام مشروع فكري متكامل، يبدأ بتعريف شامل بالمندائية كديانة نهرية موحّدة، نشأت في قلب الحضارات الرافدينيّة، واحتفظت بنقائها الروحي واللغوي رغم تعاقب الاحتلالات وتغير الأزمنة.

يعد الدين الصابئي المندائي من أقدم الديانات الموحّدة في بلاد الرافدين، حيث تعكس جذوره العميقة امتزاج الفلسفات الدينية الرافدينيّة القديمة مع معالم النقاء الروحي. لقد شكلت أرض بلاد الرافدين مسرحًا لتطورات دينية غنية، ساهمت في بناء خلفية المعرفة الدينية العربية قبل وبعد الإسلام، وأسهمت في تشكّل معاني التوحيد وحتى تسمية المسلمين الدينية التي ظهرت لاحقًا في المجتمع الإسلامي. حيث تتجلى تسمية المسلمين وعمقها المندائي في الدلالات المشتركة مع الصابئة المندائيين، وهي أبعاد تماثل في عمقها أصول التوحيد الإسلامي، الأمر الذي يؤكد وجود تداخل بين الفكرين سواء في معاني الأسماء الحسنى أو في تصوّر الملائكة وقوة الانتساب إلى الإله الواحد.

يتناول الكتاب في فصوله موضوعات مشوّقة مثل مفهوم الوحي في الإسلام والمندائية، ويعرض كيف أن الرموز الكبرى كالنور والماء والخلق تشكل محورًا مشتركًا في النصوص الدينية، ويكشف عن جذورها في النصوص البابلية الدينيّة القديمة. كما يناقش التصوّرات الروحيّة للكائنات النورانية والملائكة، ويقارن بين أسمائها ووظائفها في كلا الديانتين، مستعرضًا كيف أن هذه التصورات لم تكن معزولة عن السياق الحضاري، بل كانت امتدادًا طبيعيًا للفكر البابلي وفلسفته الدينيّة. كما يُبرز الكتاب تشابهًا لافتًا بين مفهوم الزمن في الديانة المندائية وبين التصور الإسلامي للنبوة ويوم القيامة. ففي المندائية، لا يُنظر إلى الزمن على أنه مجرد تسلسل للأحداث، بل يُمنح بُعدًا روحيًا عميقًا يرتبط بمراحل الخلق ويوم الدينونة والنور، وهي مفاهيم تتكرر أيضًا في الإسلام عند الحديث عن الأنبياء ونهاية العالم. ويستعرض المؤلف نصوصًا مندائية تُظهر كيف يُفهم الزمن كمرحلة انتقالية بين الحياة الأرضية والعالم النوراني، وهو تصور يوازي فكرة البعث والحساب في الإسلام. هذا التقارب في الرؤية يعكس انسجامًا فلسفيًا بين الديانتين في اعتبار الزمن عنصرًا جوهريًا في مسار الوحي وتحقيق الغاية الروحية للإنسان.

وقد أثارت العلاقة بين النبي محمّد وأتباعه الذين كانوا يطلقون عليهم تسمية الصابئة وظهور التشابهات الفلسفية بين الديانة المندائيّة والإسلامية جدلاً ثريًا في الفكر الديني، حيث يلاحظ وجود تشابه في المبادئ الروحية والتشريعية، والطقوس، والفلسفة، وأساس الأخلاق، والتوحيد. ومع ذلك، فقد تمّ التعتيم على هذه المتشابهات الدينية لأسباب متعددة منها خارجية سياسيّة ومنها داخلية مندائيّة لحماية هويتهم في ظل وجود الاختلافات العقائدية والاجتماعيّة الأخرى مع الإسلام. كما يكشف النقاب عن العلماء الناصورائيين الذينَ طُمست أصولهم مثل بَردِيصان وابن وَحشيّة وسَلمان المَندائي الذي لقّّبوه بالفارسي.

الكتاب يخصص فصلًا غنيًا بعنوان "اللغة المندائية العربية القديمة"، يعرض فيه نتائج بحث لغوي موسّع يثبت أن المفردات المندائية تحمل جذورًا أكدية، وبنفس الوقت فأن مفرداتها محتواه داخل اللّغة العربية الكبيرة كما وأنها لا تزال حيّة في اللهجة العراقية، مما يعيد الاعتبار للهوية اللغوية المشتركة بين سكان بلاد الرافدين والجزيرة العربية. ويستشهد المؤلف بدراسات أكاديمية تؤكد أن اللغة المندائية هي لغة نقية وخالية من التأثيرات الخارجية، على عكس اللغات الآراميّة الأخرى مثل العبريّة والتي هي نتاج تداخل مفردات من لغات متعددة، مما يجعل المندائيّة مصدرًا موثوقًا لفهم تطوّر اللغة العربية نفسها.

تلعب الشرائع الرافدينية والأخلاق العالية دورًا محوريًا في تطوّر التصوّرات الدينية، وتبرز أهمية الأسماء الحسنى وأصلها الرافديني كجسر يربط بين الديانات البابليّة القديمة والمندائيّة والإسلام، في ظل انبثاق التوحيد من معرفة عميقة تضمنت شخصنة الأجرام السماوية والظواهر الطبيعيّة، وصولاً إلى المفهوم المجرد للتوحيد وترك كل التفاصيل الأخرى.

ومن خلال استعراض النقوش والآثار، مثل نقش الملك البابلي نابونائيد في تيماء، يربط الكتاب بين العرب والبابليين ليس فقط لغويًا، بل عرقيًا وثقافيًا، مشيرًا إلى أن قبائل مثل قريش تعود أصولها إلى كوثى في بابل، وأن العرب هم امتداد طبيعي لسكان بلاد الرافدين. كما يناقش كيف أن الفلسفة الدينية البابلية، من عبادة إله الماء إنكي (أو هيا) إلى توحيد مردوك، قد أثّرت في التصورات الدينية التي أستمرّت في المندائيّة والإسلام، وأن الفلسفة والتعاليم والطقوس لدى المندائيّة والإسلام لها جذور في الديانات الرافدينيّة القديمة.

وقد شهدت المنطقة انحسارًا لقوّة ديانات بابل وآشور مع احتلال الدولة البابليّة من قبل الفرس، ثم تعاقب الاحتلالات الخارجيّة، وصولاً إلى الفتوحات الإسلاميّة وتعريب لغة أهل العراق وتغيير قوميتهم البابليّة الآشوريّة إلى العربيّة. ولكن ورغم كل ذلك، يستمر الدين المندائي كجزء من الهوية العراقية العميقة، حاملاً معه التاريخ والفلسفة واللغة والأخلاق الراقية التي تعكس وحدة المواريث الروحية الأصليّة.

إن هذا الكتاب لا يقدم مجرد دراسة مقارنة، بل يشكل مشروعًا فكريًا لإعادة قراءة التاريخ الديني واللّغوي من زاوية رافدينيّة عربية، ويمنح القارئ أدوات جديدة لفهم أعمق للهوية الروحيّة واللغوية للمنطقة. بأسلوبه المتماسك ومصادره الأصيلة، يضع الكتاب نفسه في مصاف الأعمال المرجعية التي تعيد الاعتبار للشرق القديم، وتكشف عن خيوط خفية تربط بين الماضي العميق والحاضر الروحي.

النسخة الإلكترونية متوفرة الآن في موقع أمازون كندل وكذلك في متجر غوغل للكتب, وقد تمّ فتح الفُصول الأولى للقِراءة في متجر غوغل، لمن يرغب في قراءة بعضه.

لقراءة الفصول الأولى للكتاب
https://tinyurl.com/4fz39wzz



#سنان_سامي_الجادر (هاشتاغ)       Sinan_Al_Jader#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تعدد الزوجات لدى المندائيين
- الملالي المندائيين والمعرفة الزائفة
- الديانات التبشيريّة وإلغاء القوميّة
- الكشف عن التشابه بين ترنيمة نجع حمادي (الرعد: العقل المثالي) ...
- اللّفظ المندائي بالعراقي والإيراني
- اللُّغة المندائيّة العربيّة القديمة
- درجات السلك الديني المندائي
- فيدراليّة هولندا المندائيّة ومَرَدَة الظلام!
- السومريون هم نفسهم الأكديون
- الأسماء المندائيّة وسلسلة الأجداد
- الفلسفة المندائيّة واحترام الطبيعة
- الذئاب المتربّصة لتدمير العوائل
- سجود الملائكة والتوحيد المندائي
- اليهوطايي وهدف تدمير المندائيّة
- السحر والعِرافة والنبوّة والجهل
- كنيانة سُماقا وأصلها إكوما
- الغُفران من صفات الحيّ العَظيم
- مُعلمنا يهانا وليس يوحنا
- المُسكِّرات والمخدِّرات أعداء المانا
- الغُرباء والتلاعب بالكتب المندائيّة


المزيد.....




- السعودية في معرض فرانكفورت: تحد لصورة نمطية لكن بأي شكل ومحت ...
- بايرن يلحق الهزيمة الأولى بدورتموند.. ولايبزغ يرتقي للوصافة ...
- -خسرنا ثقة القطريين-...ويتكوف يشعر بـ-الخيانة- حيال هجوم إسر ...
- فايننشال تايمز: بهذا رد البرغوثي على بن غفير في فيديو المواج ...
- البرهان: مستعدون للتفاوض بما يصلح السودان ويبعد أي تمرد
- الداخلية السورية تفكك خلية لتنظيم الدولة في ريف دمشق
- نتنياهو: الحرب ستنتهي بعد تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة ...
- فيديو منسوب للبرهان بشأن مفاوضات تسوية النزاع بالسودان.. هذه ...
- الصليب الأحمر يسلم جثامين 15 فلسطينيًا من إسرائيل إلى غزة
- كيف يمكن للهرمونات أن تتحكّم بعقولنا؟


المزيد.....

- كتاب دراسات في التاريخ الاجتماعي للسودان القديم / تاج السر عثمان
- كتّب العقائد فى العصر الأموى / رحيم فرحان صدام
- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - سنان سامي الجادر - الكتاب الذي يعيد رسم خريطة التوحيد في الشرق القديم