سنان سامي الجادر
(Sinan Al Jader)
الحوار المتمدن-العدد: 8367 - 2025 / 6 / 8 - 23:13
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تحت عنوان "اللُّغة المندائيّة العربيّة القديمة" (1)، يقدم الباحث سنان الجادر دراسة علمية معمّقة تكشف عن الروابط الحضارية واللغوية العريقة بين اللغة المندائية، إحدى لغات وادي الرافدين، واللّغة العربية. ينطلق البحث من تصنيف المستشرقين للغة المندائية ضمن اللغات الآرامية الشرقية، مستندين إلى تشابهها الوثيق مع الأكادية، لغة بابل وآشور، ويبرز كيف أن انعزال الصابئة المندائيين في جنوب العراق أسهم في الحفاظ على نقاء هذه اللغة وصون مفرداتها الأصلية من التأثيرات الخارجية، ما جعلها كنزًا ثمينًا لدراسة تطور اللغات السامية في المنطقة.
ويكشف البحث عن أن غالبية المفردات المندائية هي ذات جذور أكديّة وبنفس الوقت فهي موجودة في المعجم العربي الكبير، مما يفتح الباب أمام دراسات مقارنة معمقة حول العلاقة بين العربية ولغات وادي الرافدين. ويؤكد الباحث أن هذه العلاقة الحضارية واللغوية لا يمكن أن يفك شيفرتها إلا الباحثون العرب، لا سيما المتقنون للهجة العراقية التي تحتفظ بكثير من المصطلحات المندائية في الحياة اليومية. وتبرز الدراسة أن الجزيرة العربية لم تكن معزولة عن حضارات العراق القديم، بل شهدت تداخلاً لغويًا وثقافيًا منذ آلاف السنين، حيث انتقلت قبائل من الجزيرة إلى العراق وأسهمت في تشكيل المشهد اللغوي والديني، كما أن أسماء المدن والملوك والآلهة تحمل دلالات مشتركة بين المنطقتين، وتشابه عبادة إله الماء "هيا" وانتشار أسماء الأماكن المشتركة.
ويطرح البحث تسلسلاً تطوريًا للغات السامية، بدءًا من الأكادية، مرورًا بالمندائية، وصولاً إلى العربية الفصحى، موضحًا أن العربية لم تظهر فجأة كلغة منفصلة، بل هي نتاج تفاعل طويل ومعقد بين لغات العراق القديم ولهجات الجزيرة العربية. وينتقد بعض التصنيفات الغربية التي تضع العربية في خانة "السامية الجنوبية" بمعزل عن التأثيرات الرافدينية، ويؤكد أن العربية الفصحى تحمل بصمات واضحة من المندائية ذات الجذور الأكديّة، ويستشهد بأمثلة لغوية وتاريخية وأثرية تعزز هذا الطرح.
ويعد هذا البحث دعوة مفتوحة للباحثين العرب لإعادة النظر في تاريخ اللّغة العربية وأصولها، من خلال دراسة اللغة المندائية كنموذج حي للغات وادي الرافدين، كما يشجع على توظيف اللهجات العراقية في البحث اللغوي لما تحمله من مفردات مندائية أصيلة. ويؤكد الباحث أن فهم اللّغة العربية لا يكتمل دون دراسة لغات العراق القديم، وأن المندائية تمثل مفتاحًا لفهم أسرار الحضارة الرافدينيّة وتطورها عبر العصور.
إن هذا البحث يمثل إضافة نوعية للمكتبة العربية، ويعيد الاعتبار للغة المندائية كحلقة وصل بين حضارات العراق القديم والجزيرة العربية، وهو جسر معرفي يربط الماضي بالحاضر ويدعو إلى حوار علمي عميق حول الجذور المشتركة للغاتنا وثقافاتنا. ننصح الباحثين والمهتمين باللّغة العربيّة وتاريخ العراق بقراءة هذا البحث الثري والمُلهم.
1. رابط البحث
https://www.academia.edu/125852696/The_Mandaean_language_the_old_Arabic_language_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%8F%D9%91%D8%BA%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%86%D8%AF%D8%A7%D8%A6%D9%8A%D9%91%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D9%91%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%8A%D9%85%D8%A9
#سنان_سامي_الجادر (هاشتاغ)
Sinan_Al_Jader#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟