أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - قلعة أربيل بين الأيادي الأصيلة والأيادي الحزبية














المزيد.....

قلعة أربيل بين الأيادي الأصيلة والأيادي الحزبية


عبدالباقي عبدالجبار الحيدري

الحوار المتمدن-العدد: 8499 - 2025 / 10 / 18 - 20:07
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
    


تُعد قلعة أربيل قلب المدينة وروحها، وذاكرتها الحية التي تختزن آلاف السنين من التاريخ الإنساني والحضاري. فهي ليست مجرد موقع أثري، بل رمز لهوية المدينة وكرامة أهلها الأصليين الذين سكنوا بين جدرانها، وعاشوا في أزقتها، وارتبطت طفولتهم ومجالسهم وصلواتهم بصوت مؤذنها العتيق.
لكنّ هذا الرمز العريق، للأسف، خرج تدريجيًا من أيادي أهل أربيل الأصليين، ودخل في قبضة الحزبية والمصالح السياسية التي غيّرت ملامحه وروحه.

من قلعة حية إلى قلعة مؤطرة

كانت القلعة يومًا ما تعجّ بالحياة، بأصوات الأطفال، وروائح الخبز، ومجالس الشيوخ، ومواسم الأفراح. كانت القلعة حيًّا نابضًا يعيش فيه أربيل الأصيلة بكل تفاصيلها الاجتماعية والثقافية.
غير أن التحولات السياسية بعد عام 2006، وما تبعها من مشاريع "تطوير" و"تأهيل"، حولت القلعة إلى متحف صامت تُدار شؤونه من مكاتب حزبية لا تمتّ بصلة لأهلها القدماء، ولا تعرف نبض المكان كما يعرفه من وُلد وترعرع بين جدرانه.

إقصاء الإنسان... وتلميع الحجر

الاهتمام انصبّ على ترميم الحجر وتلميع الواجهات، بينما أُقصي الإنسان الأربيلي الأصيل الذي كان روح القلعة الحقيقية.
تم تفريغها من سكانها الأصليين تحت عنوان “الصيانة”، ولكن من الذي أعاد إليهم حقّ العودة بعد انتهاء الترميم؟
من الذي حفظ قصصهم، وأرشيفهم، ومجالسهم القديمة؟
الجواب المؤلم: لا أحد.
فقد أصبحت القلعة مشروعًا سياسياً يتنافس عليه المتنفذون، ووسيلة لتلميع صورة الأحزاب، لا رمزًا للهوية الأربيليّة الجامعة.

الإدارة الحزبية... والذاكرة الممزقة

من يتأمل اليوم في الفعاليات المقامة داخل القلعة، يجدها محكومة بعقلية حزبية ضيقة، لا بروح أربيل الجامعة. حتى الأنشطة الثقافية تُمنح وفق الولاء، لا وفق القيمة.
اختفت الأصوات التي كانت تدافع عن أصالة المكان، وبرزت بدلاً منها شعارات حزبية تُفرّغ التاريخ من مضمونه الحقيقي.
لقد تحوّلت القلعة من رمز للمجتمع الأربيلي بكل أطيافه إلى منصة سياسية تستخدم التراث كزينة إعلامية.

القلعة ليست ملك حزب... بل ذاكرة شعب

إن قلعة أربيل ليست ملكًا لأي حزب أو جهة، بل ملكٌ للأجيال، وحقٌ لكل أربيلي وطني يعتز بتاريخ مدينته.
ما تحتاجه القلعة اليوم ليس شعارات، بل إدارة مستقلة مهنية، تُعنى بالتراث والعمران والإنسان معًا، وتعيد لأهل القلعة الأصليين مكانتهم ودورهم في رعاية المكان الذي صنعوه بأيديهم وذكرياتهم.

إن ما يؤلم ليس فقط أن القلعة خرجت من أيدي أهلها، بل أن روحها تغيّرت.
فالتراث إذا فُقدت روحه، لم يبقَ منه سوى الجدران الصامتة.
لذا، فإن استعادة القلعة من الأيادي الحزبية ليست مجرد مطلب ثقافي، بل واجب وطني وأخلاقي لحماية هوية أربيل من التسييس، وحفظ ذاكرتها من التزييف.
فمن دون أهلها، تبقى القلعة حجراً بلا ذاكرة... وتاريخاً بلا روح



#عبدالباقي_عبدالجبار_الحيدري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إشكالية تشكيل الحكومة في إقليم كردستان: قراءة تحليلية في أسب ...
- العراق على أعتاب انتخابات نوفمبر 2025: 22 سنة من الخراب والف ...
- مشروع أكاديمي مقترح بيت المؤتمرات العلمية في قلعة أربيل
- الاستفتاء الكردي: استحقاق مؤجَّل لا حلم عابر
- الماء بين الأمس واليوم: مقارنة بين مشروع سنحاريب المائي ومشر ...
- الإرهاب الأميركي المقنّع بالديمقراطية: تحليل وثائقي وسياسي خ ...
- جامع باشا في أربيل: ذاكرة دينية ومعمارية نابضة
- أسرار المئذنة المظفرية: قراءة معمارية وسياسية وعسكرية
- عقارات هوب زون… 22 عاماً من الثقة والتميّز في سوق أربيل العق ...
- تحولات مدينة أربيل الحضرية بين دوكسيادس وبول سيرفيس: من النم ...
- فن تخطيط المدن في فكر روبير أوزيل: من الفلسفة إلى التطبيق
- الكيان الصهيوني بين حماية الدروز وإبادة الفلسطينيين: ازدواجي ...
- خارطة طريق لإنقاذ كردستان: إصلاح من الداخل لا مغامرة نحو الم ...
- الشرق الأوسط الجديد: سيناريو تفكك المحور الإيراني وهيمنة أمر ...
- ترامب بين جنون العظمة واضطراب الشخصية: قراءة في السلوك النفس ...
- حين تنشب الحرب بأدوات أمريكا وأموال العرب: إيران تقاتل وحدها ...
- مدينة أربيل بعيون الرحالة: مرآة الزمان وتحوّلات المكان
- الاستفتاء الكردي في العراق: قراءة في ضوء علم الاجتماع السياس ...
- أسرار تحت قلعة أربيل: ماذا تخبئ «أم المدن» تحت أقدامها عبر ا ...
- غزة تُذبح على الهواء مباشرةً... نحن نُكبّر للعيد… وهم يُكبّر ...


المزيد.....




- السعودية في معرض فرانكفورت: تحد لصورة نمطية لكن بأي شكل ومحت ...
- بايرن يلحق الهزيمة الأولى بدورتموند.. ولايبزغ يرتقي للوصافة ...
- -خسرنا ثقة القطريين-...ويتكوف يشعر بـ-الخيانة- حيال هجوم إسر ...
- فايننشال تايمز: بهذا رد البرغوثي على بن غفير في فيديو المواج ...
- البرهان: مستعدون للتفاوض بما يصلح السودان ويبعد أي تمرد
- الداخلية السورية تفكك خلية لتنظيم الدولة في ريف دمشق
- نتنياهو: الحرب ستنتهي بعد تنفيذ المرحلة الثانية من اتفاق غزة ...
- فيديو منسوب للبرهان بشأن مفاوضات تسوية النزاع بالسودان.. هذه ...
- الصليب الأحمر يسلم جثامين 15 فلسطينيًا من إسرائيل إلى غزة
- كيف يمكن للهرمونات أن تتحكّم بعقولنا؟


المزيد.....

- كتاب دراسات في التاريخ الاجتماعي للسودان القديم / تاج السر عثمان
- كتّب العقائد فى العصر الأموى / رحيم فرحان صدام
- السيرة النبوية لابن كثير (دراسة نقدية) / رحيم فرحان صدام
- كتاب تاريخ النوبة الاقتصادي - الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب الواجبات عند الرواقي شيشرون / زهير الخويلدي
- كتاب لمحات من تاريخ مملكة الفونج الاجتماعي / تاج السر عثمان
- كتاب تاريخ سلطنة دارفور الاجتماعي / تاج السر عثمان
- برنارد شو بين الدعاية الإسلامية والحقائق التاريخية / رحيم فرحان صدام
- الانسان في فجر الحضارة / مالك ابوعليا
- مسألة أصل ثقافات العصر الحجري في شمال القسم الأوروبي من الات ... / مالك ابوعليا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - قلعة أربيل بين الأيادي الأصيلة والأيادي الحزبية