أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - غزة تُذبح على الهواء مباشرةً... نحن نُكبّر للعيد… وهم يُكبّرون للصبر














المزيد.....

غزة تُذبح على الهواء مباشرةً... نحن نُكبّر للعيد… وهم يُكبّرون للصبر


عبدالباقي عبدالجبار الحيدري

الحوار المتمدن-العدد: 8355 - 2025 / 5 / 27 - 02:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في بقعة من هذا العالم، نرفع رؤوسنا إلى السماء نبحث عن هلال العيد، ونُعدّ أيام ذي الحجة بفرح وترقب، نستعد للأضحية، نجلب الثياب الجديدة لأطفالنا، ونشعل بيوتنا بالبخور والبهجة، بينما على الضفة الأخرى من الألم، في غزة، في خان يونس، في قلب الرماد، هناك من ينظر إلى السماء لا بحثًا عن هلال، بل عن طائرة، أو قذيفة، أو صاروخ يُنهي حياة.

نحن نكبّر "الله أكبر" استعدادًا لصلاة العيد، وهم يُكبّرون "الله أكبر" وهم ينتشلون الأحبة من تحت الركام.

نحن نعدّ خراف الأضاحي، وهم يُعدّون أبناءهم الذين تحوّلوا إلى أضاحي بشرية.

عيدنا.. ومرثيتهم

أيُّ عيدٍ هذا يُؤذّن له من المقابر لا من المآذن؟
أيُّ عيدٍ تُزف فيه الشهادات لا العرسان؟
أيُّ عيد يُعلَّق فيه علم الحداد فوق رايات الفرح؟
هل تبقى للعيد نكهة، حين تتحول البيوت إلى مقابر جماعية؟
هل تبقى للتهاني معنى، حين تصل الأم شهقاتها إلى عنان السماء، ولا تجد من يردّ السلام؟

في مشهد لا يصدّقه عقل، ووسط رمادٍ لا يطاق، خُطّت مجزرة جديدة في سجل التاريخ الأسود للإنسانية.
الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار، التي أفنت عمرها في إنقاذ أرواح الأطفال، تتلقى دفعة واحدة أشلاء تسعة من أطفالها، قضوا حرقًا في غارة على منزلها في قيزان النجار بخان يونس.
أيُّ قلبٍ يحتمل ذلك؟
أيّ أمّ تُسلَّم لها تسعة أكفان؟
بل أي كفن بقي ليضم أشلاءهم المحترقة؟!

أعيادنا منقوصة، ناقصة الكرامة، وعدالة غائبة ،طالما هناك طفل في غزة يُخرَج من تحت الأنقاض لا ليُلبَّس ثياب العيد، بل ليُجهّز لمثواه الأخير.
أعيادنا مُخجلة، إن لم تُرافقها صرخة حق، موقف شريف، وقلب لا يتكلّف الحياد أمام الجريمة.
أعيادنا باهتة، ما دامت تُخنق في غزة تكبيرة العيد تحت أنقاض المساجد، ولا يجد الجرحى فيها لا ماء، ولا دواء، ولا سريرًا يُخفف نزيفهم.

أيّ دين؟ أيّ ضمير؟

أيّ دين يبرر حرق الأطفال؟
أي شريعة تقبل استهداف المدنيين في نومهم؟
أي قانون يصمت أمام أمّ تُسلّم تسعة من أطفالها في صندوق واحد؟
مدرسة تحولت إلى فرن، ومشفى إلى مقبرة، ومخيّم إلى لوحة موت جماعي؟

هم يُكبّرون… رغم الدم

رغم كل شيء، هم يُكبّرون…
"الله أكبر على من ظلم"،
يُصلّون تحت القصف، يُوزّعون ما تبقّى من خبزهم كما نوزّع نحن أضحياتنا،
يعلّقون آمالهم في سماء لا تزال تمطر نارًا، علّها تمطر عدلًا يومًا.

صرخة الختام

يا أبناء الأمة…
لا عيد لنا إن لم نكُن معهم.
لا عيد لنا إن لم نُحسن الوقوف حيث يجب أن نقف، بالكلمة، بالصوت، بالضمير، وبالحق.
لا عيد لنا… ما دام الهلال عندهم لا يُبشّر بفرح، بل بليلة قصف جديدة.

فلنُعِد للعيد معناه الحقيقي: عيدًا لا يموت فيه طفل، ولا تُفجع فيه أمّ، ولا يُقصف فيه بيت.

لا عيد… ولا حج

لا عيد…
لأنّ العيد لا يُولد بين الركام،
ولا يرقص على جثث الأطفال،
ولا يُشعل فوانيسه من نار القذائف.

لا عيد…
وأمّ تحتضن تسعة أكفان،
تحاول عبثًا أن تُسميهم، أن تُميّز أصابعهم الصغيرة،
أن تعرف من منهم كان يحفظ سورة الرحمن.

لا حج…
والأمة حجّت إلى صمتها،
سَعَت بين مصالحها،
ورجمتَ الضمير لا الشيطان.

لا عيد…
ما دام المؤذن يُكمل تكبيرة العيد
بدموع الحداد،
وما دام المصحف تملؤه الرماد،
وما دام المسجد بلا مئذنة… بلا سقف… بلا مصلّين.

لا عيد…
والأقصى يئنّ،
وغزة تنادي ولا يجيبها سوى الطائرات.

لا حج…
فما طاف الحجيج حول كعبة الإنسان،
وما سَعوا بين صفا القدس ومروة غزة،
ولا عرفوا أن "عرفات" اليوم… في خان يونس.

في كل عام، ننتظر أن يُشرق العيد على غزة، لكنّه يتوه في الدخان، ويتعثّر في جثث العائلة كلها تحت سقف واحد.
ولأننا لا نملك إلا الكلمة، فلتكن الكلمة نارًا من ضمير، ونورًا لا يُطفئه قصف.
فليكن هذا العيد بداية الرفض، لا طقوس النسيان.



#عبدالباقي_عبدالجبار_الحيدري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الاتفاقات الغازية بين كردستان والشركات الأميركية: بين الطموح ...
- اتفاقية الغاز بين أربيل والشركات الأمريكية: خطوة استراتيجية ...
- طيف سامي محمد في الميزان: ميزانية انتقائية وأضرار ممنهجة بحق ...
- قمة عربية ب600 مليون دولار... يا حسرة على وطن يُبدد أحلامه ب ...
- ما الذي يُطبخ على الطاولة المستديرة لزعماء العرب في بغداد؟ ا ...
- زمن التفاهة: قمة الخليج مع ترامب بين المليارات والمهانة
- خريف الثورات الكردية: من اتفاق الجزائر 1975 إلى تخلي حزب الع ...
- صرخة المرضى في إقليم كردستان: عندما تُباع الرحمة وتُشترى الك ...
- عمليات التجميل في مجتمعنا الكردي: بين وهم الجمال وضياع القيم ...
- سورة يوسف تحت عدسة علم الاجتماع
- الرواتب المعلقة.. أزمة مزمنة بين بغداد وأربيل: إلى أين؟
- الأحزاب التركمانية في الميزان: أزمة القيادة والهوية في إقليم ...
- نحو قلعة نابضة بالحياة: مشاريع استراتيجية لتحويل قلعة أربيل ...
- في عصر الغابة: لماذا يجب على الدول الإسلامية أن تمتلك القوة ...
- تراث كردستان في الميزان: تقرير حول التغييرات الإدارية الكارث ...
- الغش في المجتمع: آفة تهدد القيم والأخلاق
- تحليل نقدي لسوق نشتيمان(بازار نشتيمان) في أربيل من منظور الت ...
- لا حياة لمن تنادي: واقع العراق وإقليم كردستان بين التحديات و ...
- أربيل في ظل الاحتلال البريطاني (1918-1920): قراءة في كتاب -س ...
- إربيل في مرآة التاريخ والفلسفة: دراسة مقارنة بين ابن المستوف ...


المزيد.....




- شاهد كيف يحدد ترامب الجدول الزمني لكل شيء تقريبًا بـ-خلال أس ...
- ماذا نعلم عنه؟.. مقتل ضابط روسي بارز بانفجار داخل روسيا
- مسؤول إسرائيلي يكشف لـCNN الموافقة على اقتراح أميركي لوقف إط ...
- كيف يساعد الغرب روسيا في تمويل حربها على أوكرانيا؟
- في تحد للسلطة.. نساء إيران تحملن -نعش الحجاب- إلى مثواه الأخ ...
- الخارجية الروسية: نأمل أن تحذو كييف حذو موسكو في جدية التفاو ...
- موسكو: فريق ترامب يتعامل مع روسيا بعقلانية وبراغماتية أكثر
- العليمي يروي لـRT قصة أربع طائرات دمرتها إسرائيل في مطار صنع ...
- -مبعوث الرب-.. منشور غامض من الرئيس الأمريكي يثير الجدل
- -الاعتراف بدولة فلسطين مطلب سياسي-.. ماكرون يدعو لتشديد المو ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - غزة تُذبح على الهواء مباشرةً... نحن نُكبّر للعيد… وهم يُكبّرون للصبر