أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - زمن التفاهة: قمة الخليج مع ترامب بين المليارات والمهانة














المزيد.....

زمن التفاهة: قمة الخليج مع ترامب بين المليارات والمهانة


عبدالباقي عبدالجبار الحيدري

الحوار المتمدن-العدد: 8343 - 2025 / 5 / 15 - 16:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في الرابع عشر من مايو 2025، انعقدت في العاصمة السعودية الرياض قمة جمعت زعماء دول الخليج بالرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب، في مشهد يمكن وصفه بأصدق العبارات بأنه تتويج رسمي لزمن التفاهة السياسية. فقد بدا الاجتماع كأنّه عرضٌ مسرحيٌّ عبثي، حيث تتقاطع الأزياء الرسمية مع الأقنعة، وتتصافح الأيدي التي ما تزال ملطّخة بدماء الأبرياء.

ترامب، الذي دخل القاعة بخطى استعراضية كمن يفتح خزنة كنوز، خرج منها محمّلًا بمليارات الدولارات، وصفقات استثمارية، وهدايا مذهّبة، لعلّ أبرزها قصرٌ طائرٌ أهدي له من دولة قطر، بينما كان الشعب الفلسطيني في غزة يموت جوعًا تحت الحصار، والأطفال في اليمن يئنّون تحت وطأة الحرب والجوع والمرض. وفي مقابل تلك الهدايا، لم يُقدّم ترامب شيئًا سوى نظرات احتقار صريحة، وابتسامة متعجرفة.

وقف الزعماء الخليجيون أمامه مصطفّين كالجنود، يبتسمون بتكلف، ويتبادلون كلمات الثناء، وكأنهم أمام مخلّص الشرق الأوسط، غير مدركين أن من يقف أمامهم هو الشيطان الأكبر الذي غذّى الحروب، وأشعل الفتن، وحوّل دولهم إلى أسواقٍ مفتوحة لبيع السيادة مقابل الأمن الوهمي.

وفي لحظة رمزية تختصر المشهد بأكمله، التفت ترامب إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وقال له بتهكم واضح:
"هل تنام جيّدًا يا سمو الأمير؟ لأنني أنا أنام فوق وسادة من ملياراتكم."
ثم أطلق ضحكته الشهيرة، تلك التي تُشبه صدى صفعةٍ ناعمة على وجوهٍ مبتسمةٍ مجبرة، بينما ارتفعت ضحكات القاعة المفتعلة، كأنها محاولة للهروب من الإهانة تحت غطاء المجاملة.

ولم يتوقف العبث عند هذا الحد، بل تزيّن المشهد بمخالفة دبلوماسية صارخة خلال زيارة ترامب إلى قطر، حيث شاركت زوجة أمير دولة قطر في مراسم الاستقبال الرسمي، رغم غياب زوجة ترامب عن الزيارة. في الأعراف الدبلوماسية، يُعد هذا خرقًا للبروتوكول الدولي، لكن في زمن التفاهة تسقط المعايير وتُستبدل بالبريق والرياء، وكأن المظاهر قادرة على إخفاء الاختلال الأخلاقي والسياسي الذي يعصف بالمنطقة.

وما يزيد هذه المأساة فداحة، أنّ الإدارة الأمريكية – السابقة والحالية – ليست مجرد طرف خارجي في مآسي الشرق الأوسط، بل هي شريك فاعل في قتل وتجويع الأطفال والنساء والشيوخ في غزة واليمن ولبنان. ومع ذلك، يُفرَش لها السجاد الأحمر، وتُقَدَّم لها الكنوز، وتُداس الكرامة باسم التحالف، وتُقمع الحقيقة باسم الدبلوماسية.

لقد تحوّلت السياسة العربية في هذا العصر إلى لعبة مرايا كاذبة، تعكس صورة الزعيم المطيع أمام سيده المتغطرس. قمة الرياض كانت بكل بساطة مهرجانًا للاستسلام، واستعراضًا للمليارات المهدورة، وعرضًا فنيًّا راقصًا على أنقاض الكرامة.

في الختام، لم تكن القمة سوى حفلة في قاعة مكيّفة، بينما تُدفن شعوبنا تحت الركام والخذلان، وتحترق القيم تحت وطأة الريال والدولار، في زمنٍ لا مكان فيه للحق... سوى في وجدان الشعوب.



#عبدالباقي_عبدالجبار_الحيدري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خريف الثورات الكردية: من اتفاق الجزائر 1975 إلى تخلي حزب الع ...
- صرخة المرضى في إقليم كردستان: عندما تُباع الرحمة وتُشترى الك ...
- عمليات التجميل في مجتمعنا الكردي: بين وهم الجمال وضياع القيم ...
- سورة يوسف تحت عدسة علم الاجتماع
- الرواتب المعلقة.. أزمة مزمنة بين بغداد وأربيل: إلى أين؟
- الأحزاب التركمانية في الميزان: أزمة القيادة والهوية في إقليم ...
- نحو قلعة نابضة بالحياة: مشاريع استراتيجية لتحويل قلعة أربيل ...
- في عصر الغابة: لماذا يجب على الدول الإسلامية أن تمتلك القوة ...
- تراث كردستان في الميزان: تقرير حول التغييرات الإدارية الكارث ...
- الغش في المجتمع: آفة تهدد القيم والأخلاق
- تحليل نقدي لسوق نشتيمان(بازار نشتيمان) في أربيل من منظور الت ...
- لا حياة لمن تنادي: واقع العراق وإقليم كردستان بين التحديات و ...
- أربيل في ظل الاحتلال البريطاني (1918-1920): قراءة في كتاب -س ...
- إربيل في مرآة التاريخ والفلسفة: دراسة مقارنة بين ابن المستوف ...
- أربيل عبر العصور: من مدينة تاريخية إلى لواء إداري في العراق ...
- دراسة سوسيولوجية لمدينة أربيل: التعددية الثقافية والتحولات ا ...
- -تاريخ اربل- لابن المستوفي: دراسة تحليلية علمية
- أربيل عبر العصور: تطور المخطط العمراني من القلعة إلى المدينة ...
- مقارنة بين مجزرة الكرد في العراق ومجزرة سربرنيتسا في البوسنة ...
- مشروع إعادة تأهيل قلعة أربيل: من الفكرة إلى التنفيذ


المزيد.....




- رجل اصطاد سمكة ليتفاجأ بسيارة في قاع البحر.. والصدمة مما وجد ...
- ماذا نعرف عن خليل الحية رئيس وفد حماس المشارك في مباحثات ال ...
- ألمانيا ترفض خطة -أي 1- الاستيطانية تنسف حلّ الدوليتين
- الوحدة الشعبية: تصريحات نتنياهو حول رؤيته بتحقيق “اسرائيل ال ...
- لماذا يستعر القتال بأوكرانيا قبل قمة ألاسكا بين ترامب وبوتين ...
- موجات الحر تخفض أعداد الطيور الاستوائية بحدة
- صحيفة روسية: 4 أسئلة عن قمة ألاسكا المرتقبة
- انضمامات لافتة وجدل قضائي يشعلان ذكرى تأسيس -العدالة والتنمي ...
- رئيس الكنيست: أقيموا الدولة الفلسطينية في لندن أو باريس
- مفاوض الكرملين يوضح لمراسل CNN -ما يتفهمونه- بالعلاقات الأمر ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - زمن التفاهة: قمة الخليج مع ترامب بين المليارات والمهانة