أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - الأحزاب التركمانية في الميزان: أزمة القيادة والهوية في إقليم كردستان














المزيد.....

الأحزاب التركمانية في الميزان: أزمة القيادة والهوية في إقليم كردستان


عبدالباقي عبدالجبار الحيدري

الحوار المتمدن-العدد: 8336 - 2025 / 5 / 8 - 01:14
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في خضم التوازنات القومية والسياسية المعقدة في إقليم كردستان العراق، تبرز معاناة المكون التركماني كمأساة صامتة. فبرغم التاريخ العريق للتركمان في المنطقة، وتواجدهم الكثيف في مدن مثل كركوك وأربيل وتلعفر، إلا أن أحزابهم السياسية لم تنجح في أن تكون ناطقة باسمهم، ولا حاملة لطموحاتهم المشروعة. بل أضحت هذه الأحزاب، في كثير من الأحيان، أدوات في يد قوى أكبر، تنفذ أجندات غير تركمانية، بينما بقي الشعب التركماني يعاني من التهميش، ويشعر بالخذلان من قياداته السياسية.

أزمة القيادة: غياب الشخصية وضياع القرار
لعل أبرز ما يميز الأحزاب التركمانية في الإقليم هو انعدام الشخصية القيادية لدى رؤسائها. فمعظم هؤلاء لا يتمتعون بالكاريزما السياسية، ولا بالحنكة القيادية، ولا حتى بالاستقلال في اتخاذ القرار. إنهم أقرب إلى مدراء مكاتب تنفيذية لتعليمات تصلهم من جهات حزبية كردية أو من عواصم إقليمية، أكثر منهم زعماء يحملون همّ أمة.

فلا نجد بين رؤساء هذه الأحزاب من يملك رؤية شاملة أو خطابًا وطنيًا موحدًا، أو حتى مشروعًا ثقافيًا لحفظ الهوية التركمانية من الذوبان. إنهم يتصدرون المشهد بصورهم لا بأفكارهم، وبلقاءاتهم البروتوكولية لا بمواقفهم الجريئة، وإذا نُوقشت القضايا المصيرية للتركمان، اكتفوا بالصمت، أو بالمواقف الرمادية التي لا تُغني ولا تُثمن.

الارتباطات الحزبية: سلّم الوصول لا قضية المصير
من الملاحظ أن معظم هذه الأحزاب ترتبط بشكل مباشر أو غير مباشر بالحزبين الكرديين الرئيسيين. وتحصل على مقاعدها البرلمانية عبر أصوات هذه الأحزاب، لا عبر قاعدة جماهيرية تركمانية حقيقية. وهذا يضعف شرعيتها أمام جمهورها، ويفقدها الإرادة الحرة، ويجعلها تدافع عن مصالح الحلفاء أكثر من دفاعها عن قضايا شعبها.

الأسوأ من ذلك، أن البعض منها مرتبط بدول إقليمية تنظر إلى التركمان كأداة سياسية تخدم مصالحها في العراق، لا كقومية ذات هوية وحق. وبهذا، نجد أن القرار السياسي للأحزاب التركمانية موزّع بين أربيل وأنقرة وأحيانًا بغداد، ولا يصدر من كركوك أو أربيل .

الخطاب الغائب: لا مشروع، لا رؤية، لا لغة
أين هو المشروع السياسي للتركمان؟ لا رؤية واضحة لاستعادة حقوقهم الثقافية والتربوية، ولا خطاب موحد أمام تحديات التمثيل أو التهميش. وحتى اللغة التركمانية، التي تمثل العمود الفقري للهوية، لا تجد من يدافع عنها بقوة داخل المؤسسات. المدارس التركمانية تعاني، الإعلام التركماني شبه غائب، والمراكز الثقافية لا تلقى دعمًا يُذكر.

الجمهور في وادٍ، والأحزاب في وادٍ آخر
الهوة بين الأحزاب التركمانية وجمهورها باتت متسعة لدرجة مؤلمة. فالشارع التركماني لا يثق بقياداته، ويشعر بأن أصواته تُستخدم لاختيار نوّاب صامتين، لا يدافعون عنه ولا يواجهون التحديات بجرأة. بينما تغرق هذه الأحزاب في التنافس على الوزارات الهامشية، أو مناصب استشارية لا تسمن ولا تغني من جوع.

دعوة للمراجعة والمحاسبة
المطلوب اليوم ليس تجميل الصورة، بل إعادة بناء البيت السياسي التركماني من جديد. يجب أن يظهر قادة جدد من رحم المعاناة، يملكون الاستقلالية، والجرأة، والالتصاق بالناس. كما أن على النخب الثقافية والأكاديمية التركمانية أن تكسر جدار الصمت، وتبدأ بمحاسبة هذه الأحزاب، وكشف ارتباطاتها، ووضعها أمام ميزان الشعب والتاريخ.

إن القومية التركمانية في إقليم كردستان تستحق أكثر من مجرد تمثيل شكلي أو مناصب خجولة. إنها تحتاج إلى قيادة حقيقية، حرة، جريئة، ذات شخصية مستقلة، تنطق بلسان الأمة، لا بلسان الحزب أو الداعم الخارجي. فإما أن تعود الأحزاب التركمانية إلى رشدها وتصحح مسارها، أو سيكتب التاريخ أنها خانت أمانة قوميتها مقابل مكاسب زائلة.



#عبدالباقي_عبدالجبار_الحيدري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو قلعة نابضة بالحياة: مشاريع استراتيجية لتحويل قلعة أربيل ...
- في عصر الغابة: لماذا يجب على الدول الإسلامية أن تمتلك القوة ...
- تراث كردستان في الميزان: تقرير حول التغييرات الإدارية الكارث ...
- الغش في المجتمع: آفة تهدد القيم والأخلاق
- تحليل نقدي لسوق نشتيمان(بازار نشتيمان) في أربيل من منظور الت ...
- لا حياة لمن تنادي: واقع العراق وإقليم كردستان بين التحديات و ...
- أربيل في ظل الاحتلال البريطاني (1918-1920): قراءة في كتاب -س ...
- إربيل في مرآة التاريخ والفلسفة: دراسة مقارنة بين ابن المستوف ...
- أربيل عبر العصور: من مدينة تاريخية إلى لواء إداري في العراق ...
- دراسة سوسيولوجية لمدينة أربيل: التعددية الثقافية والتحولات ا ...
- -تاريخ اربل- لابن المستوفي: دراسة تحليلية علمية
- أربيل عبر العصور: تطور المخطط العمراني من القلعة إلى المدينة ...
- مقارنة بين مجزرة الكرد في العراق ومجزرة سربرنيتسا في البوسنة ...
- مشروع إعادة تأهيل قلعة أربيل: من الفكرة إلى التنفيذ
- قصور إعادة تأهيل قلعة أربيل: الأسباب والمسؤولية
- إلى السيدة وزيرة المالية العراقية المحترمة، طيف سامي محمد
- حكومة العراق: بين النفوذ المسلح والتحديات السياسية
- سوق القيصرية في أربيل: رمز التراث والتاريخ
- أسماء الأحياء السكنية في قلعة أربيل
- الحضارات التي تعاقبت على قلعة أربيل.


المزيد.....




- تسجيل صوتي يكشف تفاصيل مرعبة عن فقدان برج مراقبة بمطار أمريك ...
- لابوبو..كيف تحوّلت دمية صينية إلى ظاهرة موضة عالمية؟
- روسيا تؤكد التزامها بالهدنة لمدة 3 أيام لكنها -ترد- على الهج ...
- إسرائيل تستهدف جنوب لبنان بسلسة غارات جوية رغم سريان اتفاق و ...
- حجاج بريطانيون يبحرون من لندن إلى مكة من أجل الأيتام
- باكستان تُسقط -مسيّرات- أطلقتها نيودلهي، والهند تعلن -تحييد- ...
- إختراق واتساب - ميتا تكسب القضية ضد شركة -إن إس أو- لبرامج ا ...
- الدفاع الروسية: جميع قواتنا بمنطقة العملية العسكرية التزمت ب ...
- احتجاز 44 شخصا في باريس خلال أعمال شغب أثناء مباراة -باريس س ...
- لجنة التحقيق الروسية تنشر تقريرا حول أدائها في كشف وتوثيق جر ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - الأحزاب التركمانية في الميزان: أزمة القيادة والهوية في إقليم كردستان