عبدالباقي عبدالجبار الحيدري
الحوار المتمدن-العدد: 8194 - 2024 / 12 / 17 - 02:47
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تعد قلعة أربيل واحدة من أقدم المستوطنات البشرية في العالم، إذ يعود تاريخها إلى أكثر من 6000 عام. وفي عام 2006، تم إخلاء القلعة من سكانها بهدف إعادة تأهيلها، مما أثار آمالًا كبيرة بإعادة إحياء هذا الموقع التاريخي كمعلم ثقافي وسياحي. ومع ذلك، بعد مرور أكثر من عقد على هذا القرار، لا تزال جهود إعادة التأهيل تسير ببطء وتواجه العديد من التحديات الفنية والإدارية.
أوجه القصور في إعادة التأهيل
اولا-الأخطاء الهندسية والفنية:
تُعاني عملية إعادة تأهيل القلعة من مشكلات هندسية بسبب غياب التخطيط الدقيق والدراسات المستندة إلى معايير الحفاظ على التراث العالمي.
استخدام مواد بناء غير متوافقة مع الطابع التاريخي.
تجاهل مبادئ الاستدامة في تصميم وإعادة بناء بعض الأجزاء.
ضعف المتابعة والإشراف من قبل خبراء التراث.
ثانيا-الإدارة غير المتخصصة:
يُدار مشروع إعادة التأهيل من قبل أفراد يفتقرون إلى الخبرة والمعرفة المتخصصة في إدارة التراث الثقافي. غالبًا ما يكون تعيين هؤلاء الأفراد مبنيًا على الولاءات الحزبية بدلًا من الكفاءة المهنية، مما يؤدي إلى ضعف التنسيق وسوء إدارة الموارد.
ثالثا-الإهمال في الجوانب التراثية والاجتماعية:
غياب التركيز على الأنشطة التراثية والاجتماعية التي تُعيد الحياة إلى القلعة وتُشرك المجتمع المحلي.
قلة الفعاليات الثقافية والمعارض الدائمة التي تُبرز تاريخ القلعة وأهميتها.
ضعف الدعم للمبادرات المجتمعية التي يمكن أن تساهم في استدامة المشروع.
من يتحمل المسؤولية؟
تتحمل الجهات الحكومية المسؤولية الأساسية، بما في ذلك وزارة الثقافة والجهات المشرفة على التراث في إقليم كردستان.
فشل هذه الجهات في وضع رؤية شاملة ومتكاملة لإعادة تأهيل القلعة.
غياب الرقابة والمساءلة على الأداء الإداري والمالي للمشروع.
الشركات والمقاولون:
ساهم بعض المقاولين والشركات العاملة في المشروع في تعثره بسبب عدم الالتزام بالمعايير الفنية المطلوبة أو تقديم جودة عمل متدنية.
التدخلات الحزبية:
لعبت الانتماءات الحزبية دورًا كبيرًا في تعيين الكوادر الإدارية للمشروع، مما أدى إلى تسييس عملية إعادة التأهيل وتغليب المصالح السياسية على المصلحة العامة.
التوصيات
1-إعادة النظر في الإدارة:
تعيين كوادر متخصصة في مجال التخطيط الحضري و التراث الثقافي والهندسة المعمارية.
ضمان استقلالية إدارة المشروع بعيدًا عن التدخلات الحزبية.
2-إشراك الخبرات الدولية:
الاستعانة بخبراء دوليين ومنظمات متخصصة مثل اليونسكو لتقديم استشارات فنية وإدارية تضمن إعادة التأهيل بشكل صحيح.
3-تعزيز الشفافية والمساءلة:
إنشاء هيئة رقابية مستقلة لمتابعة تنفيذ المشروع.
تقديم تقارير دورية حول تقدم العمل وحجم الإنفاق.
4-إحياء الجانب الثقافي:
إقامة معارض وفعاليات تُبرز تاريخ القلعة وقيمتها الثقافية.
تشجيع الأنشطة الاجتماعية التي تُعيد الحياة إلى القلعة بمشاركة السكان المحليين.
إن تأخر إعادة تأهيل قلعة أربيل لا يمثل فقط خسارة للتراث الثقافي، بل أيضًا فرصة مهدرة لتعزيز السياحة والتنمية المحلية. يتطلب تصحيح هذا المسار التزامًا حقيقيًا من الجهات المسؤولة، وإدارة واعية تضع مصلحة التراث والمجتمع في صدارة أولوياتها
#عبدالباقي_عبدالجبار_الحيدري (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟