أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - الرواتب المعلقة.. أزمة مزمنة بين بغداد وأربيل: إلى أين؟














المزيد.....

الرواتب المعلقة.. أزمة مزمنة بين بغداد وأربيل: إلى أين؟


عبدالباقي عبدالجبار الحيدري

الحوار المتمدن-العدد: 8336 - 2025 / 5 / 8 - 13:15
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ عام 2014، يعيش موظفو إقليم كردستان تحت وطأة أزمة مالية متكررة، عنوانها "تأخير الرواتب"، ومضمونها صراع سياسي واقتصادي مستمر بين حكومتي بغداد وأربيل. تتكرر الزيارات المتبادلة بين الوفود الرسمية دون نتائج ملموسة، وتبقى الرواتب أداة ضغط سياسية في يد الحكومة الاتحادية، وضحية لغياب الثقة والانقسام الدستوري.

جذور الأزمة: صراع على الصلاحيات والثروات

تعود جذور الأزمة إلى غياب قانون نفط وغاز اتحادي يحدد بوضوح صلاحيات الإقليم مقابل المركز. فبينما يرى إقليم كردستان أنه يملك الحق في إدارة موارده الطبيعية، ترى بغداد أن هذا يشكل تجاوزًا على الدستور، خصوصًا في ما يتعلق بتصدير النفط من دون موافقة المركز.

هذا الخلاف تعمق بعد اجتياح تنظيم داعش في 2014، وانسحاب القوات الاتحادية من المناطق المتنازع عليها، ما أتاح للإقليم توسيع نفوذه وبيع النفط بشكل مباشر. وردّت بغداد حينها بقطع موازنة الإقليم، لتبدأ سلسلة طويلة من الأزمات التي أثقلت كاهل الموظفين وأضعفت الثقة بين الطرفين.

الاتفاقيات المتعثرة: تفاهمات بلا ضمانات

رغم توقيع العديد من الاتفاقيات بين أربيل وبغداد (أشهرها اتفاق 2019 و2021 و2023 و2024)، لم تُنفذ أي منها بشكل كامل. وغالبًا ما تكون هذه التفاهمات مشروطة بمتغيرات سياسية، أو تُستخدم كورقة تفاوضية في تشكيل الحكومات، ما يجعلها هشة وغير مستدامة.

الأثر الاقتصادي: أزمة الثقة والاستثمار

النتيجة المباشرة لهذه الأزمة هو شلل اقتصادي جزئي في الإقليم. فالموظف الذي لا يستلم راتبه بانتظام يقل إنفاقه، وتتراجع السوق المحلية، وتتأثر ثقة المستثمرين المحليين والأجانب على حد سواء. كما تعاني البنية المالية للإقليم من اختلال هيكلي بسبب الاعتماد الكبير على عوائد النفط، مع غياب تنويع اقتصادي حقيقي.

من يدفع الثمن؟

الخاسر الأكبر في هذا الصراع هو المواطن الكردي البسيط. فقد تحولت الرواتب من حق مشروع إلى ملف مساومة، وانخفضت القدرة الشرائية للناس، وازداد الاعتماد على الديون والادخار المرهق، ما أثّر سلبًا على الحياة الاجتماعية والخدمات العامة.

ما الحل؟ السيناريوهات المحتملة

الانسحاب من الحكومة الاتحادية؟
خيار محفوف بالمخاطر، فانسحاب الإقليم من الحكومة المركزية يعني تفاقم العزلة السياسية والدبلوماسية، ويقطع طريق الحوار المتاح حاليًا، وقد يُفسّر دوليًا كخطوة نحو الانفصال غير المعلن، ما يفتح بابًا لمواجهات سياسية أو اقتصادية وربما عسكرية.

إعلان الدولة الكردية؟
رغم أنه حق طبيعي للشعوب وفق مبدأ تقرير المصير، إلا أن المعطيات الإقليمية والدولية لا تشجع على مثل هذه الخطوة حاليًا. التجربة الفاشلة لاستفتاء 2017 ما زالت ماثلة، إذ واجه الإقليم عزلة دولية، وخسارة المناطق المتنازع عليها، وتدهورًا اقتصاديًا.

العودة إلى التفاهمات؟
هذا الخيار لم ينجح على مدى عشر سنوات، بسبب غياب إرادة سياسية حقيقية لدى الطرفين، وغياب آلية تنفيذ شفافة ملزمة.

الحل المقترح: تعاقد دستوري جديد بنظام مالي مستقل منظم
يمكن للإقليم أن يطالب بإعادة صياغة العلاقة المالية بينه وبين بغداد عبر آلية "نظام مالي اتحادي شفاف" على غرار النموذج الكندي أو الألماني، حيث تحصل الأقاليم على حصص مالية مباشرة من الخزينة المركزية وفق نسب سكانية واحتياجات تنموية، ويكون هناك جهاز رقابة مستقل مشترك.

كما يمكن اعتماد آلية الوسيط الدولي (مثل البنك الدولي أو الأمم المتحدة) لضمان تنفيذ الاتفاقات المالية، ووضع جداول دفع واضحة، وإنشاء صندوق سيادي مشترك يضمن الاستقرار المالي للإقليم.

الخاتمة: إرادة الشعب أولًا

إن استمرار معاناة موظفي الإقليم هي في جوهرها انعكاس لفشل النظام السياسي العراقي في بناء شراكة حقيقية قائمة على العدالة والشفافية. المطلوب اليوم ليس مجرد زيارة وفد إلى بغداد أو انتظار قرار سياسي، بل مشروع شامل يعيد تعريف العلاقة بين الإقليم والمركز ضمن دولة اتحادية مدنية عادلة، أو خيار استراتيجي مدروس للانفصال السلمي عبر التفاوض، لا الصدام.

الخيار بيد القيادة الكردية، لكن القرار النهائي يجب أن يُستفتى عليه شعب كردستان، فهو صاحب المصلحة، وصاحب السيادة.



#عبدالباقي_عبدالجبار_الحيدري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأحزاب التركمانية في الميزان: أزمة القيادة والهوية في إقليم ...
- نحو قلعة نابضة بالحياة: مشاريع استراتيجية لتحويل قلعة أربيل ...
- في عصر الغابة: لماذا يجب على الدول الإسلامية أن تمتلك القوة ...
- تراث كردستان في الميزان: تقرير حول التغييرات الإدارية الكارث ...
- الغش في المجتمع: آفة تهدد القيم والأخلاق
- تحليل نقدي لسوق نشتيمان(بازار نشتيمان) في أربيل من منظور الت ...
- لا حياة لمن تنادي: واقع العراق وإقليم كردستان بين التحديات و ...
- أربيل في ظل الاحتلال البريطاني (1918-1920): قراءة في كتاب -س ...
- إربيل في مرآة التاريخ والفلسفة: دراسة مقارنة بين ابن المستوف ...
- أربيل عبر العصور: من مدينة تاريخية إلى لواء إداري في العراق ...
- دراسة سوسيولوجية لمدينة أربيل: التعددية الثقافية والتحولات ا ...
- -تاريخ اربل- لابن المستوفي: دراسة تحليلية علمية
- أربيل عبر العصور: تطور المخطط العمراني من القلعة إلى المدينة ...
- مقارنة بين مجزرة الكرد في العراق ومجزرة سربرنيتسا في البوسنة ...
- مشروع إعادة تأهيل قلعة أربيل: من الفكرة إلى التنفيذ
- قصور إعادة تأهيل قلعة أربيل: الأسباب والمسؤولية
- إلى السيدة وزيرة المالية العراقية المحترمة، طيف سامي محمد
- حكومة العراق: بين النفوذ المسلح والتحديات السياسية
- سوق القيصرية في أربيل: رمز التراث والتاريخ
- أسماء الأحياء السكنية في قلعة أربيل


المزيد.....




- تسجيل صوتي يكشف تفاصيل مرعبة عن فقدان برج مراقبة بمطار أمريك ...
- لابوبو..كيف تحوّلت دمية صينية إلى ظاهرة موضة عالمية؟
- روسيا تؤكد التزامها بالهدنة لمدة 3 أيام لكنها -ترد- على الهج ...
- إسرائيل تستهدف جنوب لبنان بسلسة غارات جوية رغم سريان اتفاق و ...
- حجاج بريطانيون يبحرون من لندن إلى مكة من أجل الأيتام
- باكستان تُسقط -مسيّرات- أطلقتها نيودلهي، والهند تعلن -تحييد- ...
- إختراق واتساب - ميتا تكسب القضية ضد شركة -إن إس أو- لبرامج ا ...
- الدفاع الروسية: جميع قواتنا بمنطقة العملية العسكرية التزمت ب ...
- احتجاز 44 شخصا في باريس خلال أعمال شغب أثناء مباراة -باريس س ...
- لجنة التحقيق الروسية تنشر تقريرا حول أدائها في كشف وتوثيق جر ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - الرواتب المعلقة.. أزمة مزمنة بين بغداد وأربيل: إلى أين؟