أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - قمة عربية ب600 مليون دولار... يا حسرة على وطن يُبدد أحلامه بأيدي ساسته














المزيد.....

قمة عربية ب600 مليون دولار... يا حسرة على وطن يُبدد أحلامه بأيدي ساسته


عبدالباقي عبدالجبار الحيدري

الحوار المتمدن-العدد: 8346 - 2025 / 5 / 18 - 09:34
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في مشهدٍ صارخٍ يُجسد الفجوة المؤلمة بين واقع الشعب العراقي المُثقل بالأوجاع، وقرارات الطبقة السياسية المُنعزلة عن هموم الناس، كشف النائب في البرلمان العراقي، زهير الفتلاوي، أن تكلفة استضافة القمة العربية الأخيرة في بغداد بلغت قرابة 600 مليون دولار. رقم فلكيّ، يُثير الغضب والذهول، لا سيما في بلدٍ يعاني أبناؤه من فقرٍ مدقع، وبطالة متفاقمة، وانهيار في البنية التحتية، وتقصيرٍ فاضح في توفير أبسط الخدمات الأساسية.

في وقتٍ تتأخر فيه رواتب موظفي إقليم كردستان لأسابيع وربما لأشهر، ولا تُصرف إلا بشقّ الأنفس، تقرر الحكومة ببساطة أن تنفق ما يُعادل ميزانيات وزارات بأكملها على "حدث دبلوماسي عابر"، سيطويه النسيان بعد أيام قليلة، دون أن يترك أثراً يُذكر في واقع المواطن أو في خارطة العلاقات العربية.

يا حسرة...... ما الذي يفعله السفهاء في بغداد؟

هكذا يتساءل العراقي البسيط، الذي أرهقته الوعود، وأذلّه الإهمال، وعبثت بحياته السياسات المرتجلة. فهل يُعدُّ إنجازًا أن تُزين شوارع العاصمة لبضعة أيام، بينما تنهار أرصفة المحافظات الأخرى؟ هل يُعقل أن تُنفق مئات الملايين لتجميل وجه بغداد مؤقتًا، بينما الأحياء الشعبية تعاني العتمة والخراب، والقرى تُصارع الجفاف، والمستشفيات تفتقر إلى الأدوية، والمدارس تعاني من اكتظاظ وقلة تجهيزات؟

وزيرة المالية تصمت أمام الألم... وتُجيز الترف

اللافت أن وزيرة المالية، طيف سامي محمد، التي طالما امتنعت عن صرف مستحقات موظفي الإقليم بحجة "عدم توفر الأموال"، كانت من أوائل الداعمين لتخصيص هذا المبلغ الضخم لاستضافة القمة. وكأنَّ قوت آلاف العوائل، ورواتب المعلمين، وحقوق الموظفين، أدنى شأنًا من حفلات استقبال ومآدب رسمية وهدايا بروتوكولية لا تسمن ولا تغني من جوع.

هذا التناقض الصارخ يُعيد إلى الواجهة السؤال القديم الجديد: هل المشكلة حقًا في قلة الموارد، أم في سوء إدارتها؟ وهل يُعاني العراق من شحّ الأموال، أم من تخمة في الفساد؟

الفساد يُخفي الرقم الحقيقي

وراء الرقم المُعلن، تُشير تقديرات غير رسمية إلى أن التكلفة الحقيقية ربما تجاوزت المبلغ المذكور بكثير، بفعل عقود وهمية، وصفقات مشبوهة، ومشتريات مُضخّمة، كل ذلك تحت غطاء "المصلحة الوطنية" و"الصورة المشرقة للعراق". لكن أي صورة تلك التي تُلمع على حساب الجياع والمحرومين؟ وأي مشرَقٍ يُبنى على أنقاض الكرامة الإنسانية؟

العراق لا يحتاج إلى قاعاتٍ للخطابات... بل إلى مدارس وأمل

إن العراق اليوم بأمسّ الحاجة إلى بناء المدارس، لا إلى تأثيث صالات الاجتماعات؛ بحاجة إلى مراكز علاج، لا إلى موائد مآدب فاخرة؛ بحاجة إلى شوارع مضاءة ومياه نظيفة، لا إلى شاشات عرض وورود مستوردة. إن كل مليون من تلك الـ600، كان يمكن أن يُحدث فارقًا حقيقيًا في حياة الناس، لكنّ الأولويات هنا تُصاغ من أبراج عاجية، لا من خيم البسطاء.

"يا حسرة"... على وطنٍ تُبدَّد فيه الثروات وتُهدر فيه الكرامات

600 مليون دولار، كانت كفيلة ببناء ألف مدرسة حديثة، أو تجهيز مئات المستشفيات بالأدوية والمعدات، أو إطلاق مشاريع زراعية وصناعية تُشغل عشرات الآلاف من الشباب. لكنها ذهبت، للأسف، لتُسجّل "إنجازًا ورقيًا" يُضاف إلى أرشيف حكومة تجيد الاحتفال أكثر مما تجيد البناء.

في زمنٍ يئنّ فيه العراق تحت وطأة الأزمات المتراكمة، يصبح التباهي بقمة عربية مكلفة، ترفًا فجًّا لا يليق بحجم المأساة. إنها ليست قمة العرب... بل قمة العبث، بأموال شعب يستحق الحياة بكرامة، لا الفتات بعد الاحتفالات.

فيا حسرة... على وطن تحكمه الأهواء، وتُنسى فيه الأحلام، وتُكافأ فيه اللامبالاة بالتصفيق.



#عبدالباقي_عبدالجبار_الحيدري (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما الذي يُطبخ على الطاولة المستديرة لزعماء العرب في بغداد؟ ا ...
- زمن التفاهة: قمة الخليج مع ترامب بين المليارات والمهانة
- خريف الثورات الكردية: من اتفاق الجزائر 1975 إلى تخلي حزب الع ...
- صرخة المرضى في إقليم كردستان: عندما تُباع الرحمة وتُشترى الك ...
- عمليات التجميل في مجتمعنا الكردي: بين وهم الجمال وضياع القيم ...
- سورة يوسف تحت عدسة علم الاجتماع
- الرواتب المعلقة.. أزمة مزمنة بين بغداد وأربيل: إلى أين؟
- الأحزاب التركمانية في الميزان: أزمة القيادة والهوية في إقليم ...
- نحو قلعة نابضة بالحياة: مشاريع استراتيجية لتحويل قلعة أربيل ...
- في عصر الغابة: لماذا يجب على الدول الإسلامية أن تمتلك القوة ...
- تراث كردستان في الميزان: تقرير حول التغييرات الإدارية الكارث ...
- الغش في المجتمع: آفة تهدد القيم والأخلاق
- تحليل نقدي لسوق نشتيمان(بازار نشتيمان) في أربيل من منظور الت ...
- لا حياة لمن تنادي: واقع العراق وإقليم كردستان بين التحديات و ...
- أربيل في ظل الاحتلال البريطاني (1918-1920): قراءة في كتاب -س ...
- إربيل في مرآة التاريخ والفلسفة: دراسة مقارنة بين ابن المستوف ...
- أربيل عبر العصور: من مدينة تاريخية إلى لواء إداري في العراق ...
- دراسة سوسيولوجية لمدينة أربيل: التعددية الثقافية والتحولات ا ...
- -تاريخ اربل- لابن المستوفي: دراسة تحليلية علمية
- أربيل عبر العصور: تطور المخطط العمراني من القلعة إلى المدينة ...


المزيد.....




- تعرف إلى فيوليتا أنثى -قرد عنكبوت- تم إنقاذها في عملية مكافح ...
- جهاز أمام ترامب بلقاء أحمد الشرع ومحمد بن سلمان يثير تساؤلات ...
- بن عفير: إذا لم نتمكن من إسقاط حماس فلن يكون للحكومة الإسرائ ...
- الرئيس اللبناني يزور مصر غدا الاثنين
- غزيّون يروون معاناتهم لبي بي سي: -أطفالنا ينامون على الجوع- ...
- حفاوة استثنائية رافقت زيارة ترامب إلى الخليج: مكاسب شخصية أم ...
- -حتى المستحيل يحدث-.. أسطول البلطيق يحتفل بالذكرى السنوية ال ...
- بالفيديو.. الشرطة الرومانية تخرج مرشحا رئاسيا من مركز الاقتر ...
- بوتين: النتيجة التي تحتاجها روسيا من العملية الخاصة هي إزالة ...
- ليون الرابع عشر يقود قداس بداية حبريته بحضور قادة من أنحاء ا ...


المزيد.....

- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالباقي عبدالجبار الحيدري - قمة عربية ب600 مليون دولار... يا حسرة على وطن يُبدد أحلامه بأيدي ساسته