أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ادم عربي - الدولة ومدنيتها!














المزيد.....

الدولة ومدنيتها!


ادم عربي
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8499 - 2025 / 10 / 18 - 20:06
المحور: المجتمع المدني
    


بقلم : د . ادم عربي

الدولة تعريفاَ ، في علم السياسة والاجتماع والقانون ، وعلى ما اصطلحَ عليه ؛ اجتماع هيئات الحكم والإقليم والشعب أو الأمة ، أو الخليط المتنوع عرقياً ودينياً ، وهذا التعريف يستصلحه الفكر الليبرالي .

ولقد شذَّ ماركس عن هذا المفهوم في تعريف الدولة وبرر ذلك إذ عرّف الدولة بمؤسساتها وأجهزتها على أنَّها نظام للسيادة الطبقية ثقافياً وسياسياً ، وإنْ صُورت دستوريا أنَّها الأمينة على مصالح الشعب .

الدولة المدنية نستدلُ عليها من نقيضها الدولة الدينية أو الدولة البوليسية ، فالدولة المدنية والتي هي نتاج البذور الفكرية لفلاسفة عصر التنوير ، ولذلك هي في المقام الأول ضد دولة يحكمها رجال دين أو دولة ثيوقراطية ، أو الدولة البوليسية ، ومن ثم هي دولة القانون ودولة المواطنة والحقوق لجميع مواطنيها ، وهي دولة الدستور المدني الذي يكفل حماية هذه الحقوق وتطبيق القوانين الدستورية ، إنَّها دولة فصل السلطات القضائية والتنفيذية . إنَّها الدولة المكفولة دستورياً وقانونياً بها تزدهر الديموقراطية بمبادئها وقيمها ، فلا يقع الحكم في قبضة العسكر أو رجال الدين ، إنَّها دولة المواطنة والمواطن ، فكل مواطنيها متساويين في الحقوق والواجبات بغض النظر عن العرق أو الدين أو الجنس وعن الانتماء الطبقي .

الدولة المدنية وعلى عكس الفهم السائد عنها ، فهي لا تُعادي الدين ، لكنَّها في الوقت ذاته ؛ تقف ضد تسييس الدين ، فبين الدين والسياسة برزخ فلا يبغيان ، ومن ثم فهي أداة لتخليص الحكم من قبضة رجال الدين ولتخليص الدين نفسه من قبضة السياسيين فلا تسييس للدين ولا تدين للسياسة.

الدولة المدنية تنظر إلى ديموقراطية صناديق الاقتراع المجردة ؛ بأنَّها طريق للفاشية وتحكُّم واستبداد الغالبية ؛ لذلك هي دولة الدستور المدني ودولة فصل السلطات ؛ وفي هذه الدولة تنمو وتزدهر الحياة الحزبية ومن ثم تسود الثقافة المدنية .

الدولة المدنية لا تنظر إلى "الديمقراطية" بوصفها مجرّد صناديق اقتراع، لأنّ هذه الصناديق إذا تُركت وحدها بلا ضوابط ولا مؤسسات ضامنة، قد تتحوّل إلى أداة لشرعنة الاستبداد. فالغالبية العددية يمكنها ـ باسم التصويت الحر ـ أن تفرض إرادتها المطلقة على الجميع، وأن تحوِّل الدولة إلى أداة للقمع والإقصاء، أي إلى صورة من صور الفاشية التي تتزيّن بواجهة ديمقراطية زائفة. لذلك، فجوهر الدولة المدنية ليس مجرد انتخاب حكّام كل بضع سنوات، بل بناء منظومة دستورية راسخة، يكون الدستور فيها مرجعا أعلى يحدد الحقوق والواجبات ويضع الحدود أمام أي سلطة، مهما كانت منتخبة.

ومن هنا ينبع مبدأ فصل السلطات؛ فبدون استقلال القضاء عن السلطة التنفيذية، وبدون برلمان حر قادر على مراقبة الحكومة، يصبح صوت الناخبين بلا قيمة عملية. إن الدولة المدنية الحقيقية هي التي تخلق توازناً بين السلطات وتمنع أي جهة من احتكار القرار.

وفي ظل هذه البيئة المحكومة بالدستور والفصل بين السلطات، تزدهر الحياة الحزبية؛ فالأحزاب لا تتحوّل إلى مجرد تكتلات انتخابية طارئة، بل إلى مؤسسات سياسية تعبّر عن مصالح المجتمع المتعددة والمتنوعة، وتتنافس ضمن قواعد متفق عليها، لا ضمن شريعة الغاب السياسية. ومع ازدهار الأحزاب، تتعمّق الثقافة المدنية، أي ثقافة الاعتراف بالاختلاف، وقبول التعددية، واحترام القانون باعتباره المرجعية العليا.



#ادم_عربي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل الرأسمالية مثالاً يُحتذى به؟
- مراثي النسيان!
- إرث الاشتراكية: قراءة في مرحلة ما بعد الانهيار!
- في ثورة أكتوبر الاشتراكية (5) والأخير
- في ثورة أكتوبر الاشتراكية (4)
- في ثورة أكتوبر الاشتراكية (3)
- في ثورة أكتوبر الاشتراكية (2)
- في ثورة أكتوبر الاشتراكية(1)
- طريقة فهم المنهج الجدلي!
- على شاطئ السماء!
- ديموقراطية طوباوية!
- ميكانيكا الكم والجدل الماركسي!
- سوسيولوجيا -الآلة-
- حرية التعبير.. حق أم وهم؟
- متى ينقشع ضباب التدين عن صراعنا الواقعي؟
- الوطن ليس قطعة أرض فحسب،بل فكرة تتبدل!
- مقال قديم لاينشتاين!
- في الإرادة!
- الحياةُ هي أيضاً فلسفة!
- قليلٌ من الجدل!


المزيد.....




- هذا ما نعرفه عن جثث الأسرى الإسرائيليين المتبقين في قطاع غزة ...
- اعتقال عشرات المحتجين في قابس جنوبي تونس
- اعتقال عشرات المحتجين في قابس جنوبي تونس
- مشوهة وبلا أسماء.. كيف يتعرف الطب الشرعي بغزة على جثث الأسرى ...
- فتح: إعدام هشام الصفطاوي يكشف الوجه الحقيقي لـ-حماس-
- مندوبة تركيا لدى اليونسكو: إسرائيل لا تملك حق حظر الأونروا
- بن غفير يهدد بحل الحكومة ما لم تحل حماس وتطبق عقوبة الإعدام ...
- تونس: اعتقال عشرات الأشخاص خلال احتجاجات ضد التلوث بقابس جنو ...
- الأمم المتحدة تحذر من مخاطر الذخائر غير المنفجرة في غزة
- هيئة الإغاثة التركية تبدأ رفع الأنقاض وفتح الطرق بغزة


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ادم عربي - الدولة ومدنيتها!