|
الذين لا يحتفلون كتاب كامل
كاظم حسن سعيد
اديب وصحفي
الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 20:42
المحور:
الادب والفن
( الذين لا يحتفلون).
قصائد مع رؤى نقدية
كاظم حسن سعيد 2025
مقدمة
هذه القصائد كتبت باقل من أسبوعين بمنهج حداثوي سنة 2025 وقد تناول اغلبها نقدا الدكتور عادل عودة والكاتبة الفلسطينية رانية مرجية , وقد اخترت من رؤاهما النقدية تسليطهما الضوء على قصيدة ( ضيف متردد). قد يكون اختيار قصائد قليلة كمجموعة امرا مفاجئا لكنه نهج افضله في زمن مل القراء وحل زمن السرعة كاظم حسن سعيد 2025/ 10
1 (ضيف متردد)
ضفت الموت مرتين بهذا الشهر بكليهما لم اكرر ( تذكرت من يبكي علي فلم اجد...).. وكلما اجل جوازي أتساءل ( اهو مشغول بتافهين وطغاة وهجرني ) اعيش في الوقت الضائع فقد شهدت عشرات المرات سحل الملوك وتقطيع اعضائهم التناسلية... قال المقرب للرئيس وقريبه الذي عذّبني ( ان متم فللمزابل). لكني نجوت من المسلخة ورأيته ممدودا على القمامة.. افكر ربما يؤجلني لاكتب قصائد ندر من يقرؤها او لانقذ غرقى او لاصرخ بالنائمين ( انهضوا العدو الشرس على الحدود) وانا اعلم انهم يستمتعون باحلامهم ولن يستيقظوا... شهدت مدنا فتكت بها الحروب ثم رممت او اعيدت بمعمارية معاصرة تنتظر الخراب شهدت عشرات الرؤساء يلوحون للجماهير بسيارات مكشوفة الاف المآتم والاعراس..يتبادلان الادوار الخيانات الغادرة شهدت اجيالا تحبو ثم نضجت وتناست هفواتها في الطفولة مسحت دموع المغتصبات منعتهم من الانتحار كنت معلما وبدلا من دخول بعضهم الطب اصبحوا نشالين في الاسواق المزدحة. انا الذي اقتل النملة وابكي عليها،فربما لها صغار ينتظرون كيف اعيش في مرحلة العنف والتوابيت... لهذا كلما اقترب الموت اسرع لتنظيم غرفتي لا اريدهم يحكمون بخمولي اسرع لحذف اسراري اريد ان امضي لا كنبي بلا اثم بل كرجل دفع حياته ثمنا لانه يردد(( لا)) حتما ليست ( لاءات الخرطوم) اقولها للبشاعة لامرأة تغري لتقتلك لكذب الشعراء واقنعتهم للمسبحة وسيماء الجبين المزيفين للصليب المعلق للزينة على الصدور لحائط المبكى الذي زلزل المدن لنكرة يقود البلاد وهو مخنّث.. للشرف المرقع لنسيج العنكبوت البشرية لمذابح باسم الدين وتشريد الشعوب ومسخ لغتهم للثروة التي تصنع قتلة متسلسلين. لاغراء صبية غضة وسلب شرفها للخرافات بدل العلم للشعارات التي تعملق المقابر وتعجز عن الرغيف. .لا ادري باية لحظة - اخشى تكون مباغتة- امضي لاعلم اسرار القبور. 2025. ----------+-----* 2
2 (لدى الطبيبين) ازدحام...تآزر الانتظار الذي يفاقم الامهم وكلما صهرك الوجع تتذكر القادة والعظماء وتحاول ان تظل هادئا. تدخل العباءات وتمضي ،تسح صغارها يفتكهم المرض... الطفل يصرخ بيديه حلوى ولعبة . .. يصرخ بامه ( لا اريد ازرق). يستقطب المجهدين كشاشة تعرض لقطة فريدة.. ضحكات وثرثرات تعارفات سيالة تقود لاقراط عرس وبين الضحكات والوجوه التي تشع تألقا تلتقطهن يدا على الخد عيون براقة او ماكرة طأطأة ووجوم او كسيرة او ناحبة يرصدن القادمات بنهم وربما بغيرة والقادمين بدراسة معمقة ثمت صبية شقراء تدخل الاسنان بعد رجفة وخطى متارجحة تخرج قطنة بفم يحاول ان يبتسم الطبيب الاخر يستقل الفترة بين زائر واخر يقلب هاتفه ويدخن بلا نهم الف آلة الضغط من ثلاثين عاما يقرؤك قبل ان تشكو يقصدونه قلقين ويغلقون عليه الباب مبتسمين المنتظرون يتلاعب الانتظار باعصابهم الطفل يعلو صراخه يقول لامه ( الناقة ناصعة البياض التي رسمت شفتيها بعناية ) - لا اريد ان يزرقوني امطر زورقا من الدموع ناح واعول كظبي بين فكي نمر الام تقطر منه خجلا ومن الاخرين الطفل المنكوب كحمل يقدم للذبح تتضخم السكين في عينيه ( لا اريد..ساجعل ابي يسوطك بالعصا).. يتناسون وجعهم المتصاعد... ضجرهم من الانتظار ينشغلون به براءة تستغيث.. يقرؤهن وقد تركن الدموع والتأوهات..الندم والحزن المزمن واتين العيادة متبرجات جهود لساعات رغم تمزق الارواح سفحن للاناقة وقناع البهجة قبل عيادة الطبيب.. .الان وقد حل الطب مشكلة الارداف فصيرها متشابهة ومحا غضون الاجفان وقدم توردا خادعا للخدود هل يتمكن من ازالة حزنهن العميق في العيون.؟!! تسح الزوجة الانيقة الصغيرة زوجها مستندا على عصاه.... الشاب الذي يصحب اخته الصغرى المحجبة يحدّث عن ضعف بصره فقد اشترك بمظاهرة ضد ازمة الماء المالح ،ليلة امس.. واصيب بمسيلة دموع الصغير الذي يرعبه زرق ابرة يتعالى صراخه ( لا اريد...).... فكر بهن ليلا ، بعد يوم ارهاق فاتك سيستدعيهن الازواج لفراش مضجر وحين تحتج وببرود يقول ( وماذا فعلت طيلة النهار !؟). 2025 ---------++
( هولاكو)
التتر يتقدمون مخلفين موائد الجثث.. الناس خانت سيوفها فهجرتها بغداد حالمة تأكل الحشف والعاقول بعد شحة المطر يتناسلون في ظلمة الخنادق اعتادوا الانحناء وتفسخت ارواحهم. الجياد التترية عبرت باندفاع البركان.... وبغداد مكفنة فياتي رجالها بسيوف ليذبحهم بها التتر. حين زمجر القادمون كان الناس جثثا تسح ارواحها الممسوخة. اثمن المجلدات المحبرة للانهار الدماء الخاملة مستنقعات المقدسات للقمامة الظهور للسياط النساء عبيد وللاغتصاب الثروات لحفلات الهز ليلا ولصنع التفاهات هولاكو رعب تجسد في الشعاب والفيافي مع اول كسرة خبز تسكن الجوع يتجسد لحظة الالتصاق بين الاحبة في الاحلام في المجاري البولية في اعمق اعماق النبض. ( الا يا دولة السفل..اطلت المكث فانتقلي فهولاكو هنا امل..رحيل بعد مرتحل) انتظرتم 400 عام واتى منقذكم انه فنان المسخ والذل اهنئكم بعد قرون من الخدر والاكتفاء بطلب الغفران والحلم بالجنة وسخريتكم وخذلانكم الثوار ها انتم ركع للتتر تلمعون اوجههم وسيوفهم وربما تقدسون. عدتم تبكون الاطلال ( قل لمن يبكي على رسم درس..واقفا ما ضر لو كان جلس). بغداد الجميلة التي ركعت لها الجبابرة الان خرقة بالية لا تستقطب حتى جرذا فضوليا ولا ترتعش لنحرها السماء خنتم السماء فذلتكم (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها) اوصيكم بصنع مصانع للدمع والحسرات ومعامل للوهم فالتتر سيمضون وتبقون في انتظار تتريين بملابس امبراطور جديدة 2025 ---------------------- *
4 ( مهمة مزعجة )
اصحوه ميتا قبل ان يموت الرجل الناحل تنتظره مشنقة عيناه ضفدعيتان الشبح الانسان يساق للمشنقة تنمو على جسمه الاعشاب والطحالب حبال تخيط اجزاء جسده يبدأ منسوب الرعب يتصاعد في عينيه انه يواجه اشد لحظات البشرية رعبا عيناه مرآتان لثورة البركان لخيبة الانسان كانت الشمس شرعت بالعناق وهي نعسى للشجيرات على الانهار الصغيرة على اجنحة الطيور وهي تستعد لاول زغردة تنفذ من زجاج الشباك على عاشقين يغفوان بخدر على الازقة حيث بدات الكلاب بالتثاؤب يواجه جلاديه وهم يتثاءبون استعدوا منذ منتصف الليل للمهمة واستدعوا من بقاع نائية وانتقوا حبلا يلائم وزنه وطوله يستفزهم الملل يحاولون ان يفنوه باسرع ما يمكن كجيفة تستدعي الاشمئزاز ليمضوا الى تناول وجبة الصباح ولقاء اطفالهم... في ذات اللحظة فزعت امه من حلم مفزع افعى تحركت قرب قلبها في ذات اللحظة صغيرته ملاكا يغفو بضفيرتها الذهبية حين وضعوا الحبل برقبته تذكر طلابه والطباشير وامه تحمله على القناطر تحت ظلال النخيل. 2025 كاظم حسن سعيد ----------
5 ( قفاز الزانة)
يقولون الثعلب ،اقول الفأرة.. تتخطى مئات الكمائن تنكمش وتعبر من سم الخياط اسرع من برق واشد الحيوانات مكرا اتفهم قلق عينيها وحذرها اللامحدود اتفهم حقها بالرغيف لكنها تختفي خلف دزينة من مؤلفاتي وتنهش يفرحون بعودتها صغارها يستمتعون بدفيء اثدائها بجمالها برقة صوتها بحنان عينيها.. ما تشمئز منه انت يكون جمالا بنظر الاخرين. وضعت قفص البلبل على علبة ملساء لاجنبه الغزاة لكن المشهد تكرر في منتصف الليل وانا منهمك باسئلة لا جواب لها كالروح والقدر والفناء تقتحم الفأرة من اسفل الباب وتندفع مسرعة للقفص وكلاعب زانة متمرس تقفز مرتين وتنجح في الثالثة وتستقر في كوب البسكت الذي اعد للبلبل. 2025 ----------- 6 (مذكرات ماسنجر مزيح الاقنعة) كل شهر يصاب بالتخمة طلبات صداقة لمجهولين او تافهين رجال بشخصية انثى مهكرين يخيبون ....... بملصقات تهنئات كجمعة مباركة ببصمات وجدانية خادعة بحب مرقع بعروض متاجر ودعايات احذية ووجبات سريعة. . ثم يختغون يظهر سواهم باقنعة اخرى ويختفون تظهر صداقات قديمة من ركام النسيان طلبا لتجديد الصداقة متناسين طعناتهم وقسوة الجفاء بلا سبب يختفون. تظهر رسائل دفعها للظهور تشابه الاسماء ولان الدليت رصاصة رحمة للتفاهات لم يتخم بسخرية او شفقة فضربة زر تكفي لتوفير الامان. 2025 -------------
7 ( تفاعلات كيميائية) المخبر من بيت الرايات الحمراء ماذا يفعل في مرحلة الايمان لينجو فيعود ليفتك . مشمولا كان بمذبحة ، فتخفى حتى مرت عاصفة القتل وتصدر المجاهدون الجدد المسرح. ظهرت اسرته بحجاب ودخلن معاهد في تعقيم الروح وفهم الدين. بعد عامين ظهر وقد استكمل روح الحرباء:: بثياب سوداء ومسبحة حفظ للمشهور لبعض احاديث وآيات وسم الجبهة وبكى تحت المنبر في عاشوراء واقتنى محابس العقيق والمسبحة وانضم اليهم... اتقن دور العبد فاطمأنوا اليه فزودوه ثانية بكاتم الصوت وبهوية الجهاد وعاد مهابا في الطرقات يزاول القتل والتكميم. واطلقوا اسمه على احد الشوارع 2025 منتصف اكتوبر كاظم حسن سعيد ---------
رؤى نقدية
1 رانية مرجية الإنسان بين المسلخة والنجاة: قراءة في قصيدة «ضيف متردّد» للأديب كاظم حسن سعيد بقلم: رانية مرجيّة تأتي قصيدة «ضيف متردّد» للشاعر كاظم حسن سعيد بوصفها شهادةً وجوديّة وسياسيّة في آنٍ معًا؛ نصّاً ينهض من رماد الموت إلى حوارٍ مفتوح مع الله والإنسان والقدر. إنّها قصيدةُ من عاشَ أكثر من مرّة في مواجهة النهاية، ونجا ليقول «لا» في وجه الخراب. منذ السطر الأوّل: «ضفتُ الموت مرّتَين هذا الشهر»، يضع الشاعر قارئه في قلب التجربة المأزومة، في منطقةٍ بين النجاة والفناء، حيث تتحوّل الحياة إلى عبءٍ والكتابة إلى فعلِ تطهيرٍ وتأجيلٍ مؤقّت للموت. ⸻ أولًا: صوت الشهادة وأخلاقيّات البقاء يتجلّى في القصيدة ضمير «الأنا» وهو يروي بوعيٍ مأساويّ سيرةَ نجاةٍ غير مكتملة. ليست هذه النجاة انتصارًا بل تكليفًا: «أفكّرُ ربما يُؤجّلني لأكتب قصائد ندر من يقرؤها». هنا يربط الشاعر بين فعل النجاة وفعل الكتابة، وكأنّ البقاء نفسه لا يكتسب معناه إلا من خلال الشهادة الفنيّة. في المقطع الذي يقول فيه: «أنا الذي أقتل النملة وأبكي عليها»، ينكشف جوهر الأخلاق في النص؛ تعارض الفعل والضمير. هذه الجملة وحدها تختصر مأزق الإنسان الذي يشارك في العنف ثمّ يعي فداحته. البكاء على النملة ليس ضعفًا بل يقظة ضمير في زمنٍ يستسهل القتل. ⸻ ثانيًا: المدن المدمّرة والإنسان المخلوع يستعيد الشاعر في مقاطع متتابعة مشاهد الخراب السياسي والاجتماعي: «شهدتُ مدنًا فتكت بها الحروب ثمّ رُمّمت بمعماريّةٍ معاصرة تنتظر الخراب». المفارقة هنا قاسية؛ إذ تتحوّل الحداثة إلى قناعٍ مؤقّت فوق جرحٍ مفتوح. المدن لا تُرمَّم بل تُهيَّأ لانفجارٍ جديد، في دورةٍ عبثيّة من الهدم وإعادة التجميل. هذا التوصيف لا ينفصل عن نقدٍ أخلاقيّ حادّ للسلطة والمجتمع معًا. فحين يقول: «نكرة يقود البلاد…»، فهو لا يهاجم شخصًا بعينه بقدر ما يهاجم البنية التي تسمح للفراغ الأخلاقي أن يتقدّم الصفوف. كلّ ما في القصيدة يصرخ ضدّ الرداءة العامّة: الزيف الديني، النفاق الاجتماعي، والاقتصاد الذي يصنع «قتلة متسلسلين». ⸻ ثالثًا: البنية الإيقاعيّة واللغة التصويريّة تتحرّك القصيدة على إيقاعٍ حرّ، تُديره الجملة القصيرة المشحونة بالانفعال. التكرار البنائي للفعل «شهدتُ» يصنع إيقاعًا سرديًّا أقرب إلى نبضٍ داخليّ يتراكم كما لو أنّ الشاعر يُفرغ ذاكرةً مكتظّة. أما التوازي في سطور الرفض: «أقولها للبشاعة… لامرأةٍ تغري لتقتلك… للمسبحة وسيماء الجبين المزيفين… للشعارات التي تُعملِق المقابر وتعجز عن الرغيف»، فيحوّل القصيدة إلى بيانٍ أخلاقيّ ضدّ العالم الفاسد. إنّها «لاءات» أخلاقيّة، وليست «لاءات الخرطوم» السياسية، كما يقول الشاعر نفسه. الصورة هنا ليست زخرفًا بل أداةُ صدمة. من مشهد «المسلخة» إلى «الرؤساء الذين يلوّحون بسيارات مكشوفة» وصولًا إلى «الأعراس والمآتم التي تتبادل الأدوار»، نلمح أن الشاعر يعيد كتابة العالم ككابوسٍ بصريّ، لا يحتمل التأويل إلا بصفته شهادة على سقوط المعنى. ⸻ رابعًا: الضيف المتردّد… بين الكتابة والموت العنوان نفسه مفتاح قراءة: «ضيف متردّد» — فالإنسان في القصيدة ليس مقيمًا في الحياة ولا راحلًا عنها؛ إنّه عالقٌ في الانتظار، يتهيّأ للموت كما يتهيّأ لزيارةٍ غير مؤكَّدة. وحين يقول: «كلّما اقترب الموت أسرع لتنظيم غرفتي… لحذف أسراري»، تتجلّى لحظةُ الصدق القصوى: الخوف لا من الموت ذاته، بل من أن يُساء تأويل الحياة بعده. يختتم الشاعر نصّه بجملةٍ تفتح الأفق: «لا أدري بأيّة لحظة — أخشى تكون مباغتة — أمضي لأعلم أسرار القبور». هكذا يتحوّل الموت من نهايةٍ إلى سؤالٍ معرفيّ، ومن رعبٍ إلى رغبةٍ في الفهم. ⸻ خامسًا: بين السياسة والميتافيزيقا تتجاوز القصيدة حدود الاحتجاج السياسي لتغدو تأمّلًا في معنى الوجود ذاته. فحين يتساءل الشاعر: «أهو مشغول بتافهين وطغاة وهجرني؟»، لا يُخاطب حاكمًا بل القدر الإلهي. إنها لحظةُ مواجهةٍ بين الإنسان وربّه، بين الإيمان والخذلان، حيث يصبح الصمت الإلهيّ علامةً على عمق المأساة. بهذا المعنى، لا يمكن قراءة القصيدة كبيانٍ سياسيّ فحسب، بل كصرخةٍ ميتافيزيقيّة تبحث عن عدالةٍ تتجاوز الأرض. ⸻ خاتمة: قصيدة الوعي في زمن الانهيار «ضيف متردّد» نصٌّ متخم بالمرارة والجمال، يكتبه شاعر عاش أكثر مما يحتمل، ونجا أكثر مما يُفترض. هي قصيدةٌ عن الإنسان الذي يُنظّف غرفته قبل أن يرحل، ليترك العالم أقلّ اتساخًا. إنها من النصوص القليلة التي تنجح في الجمع بين السيرة الفرديّة والوعي الجماعي، بين البكاء على نملةٍ صغيرة وفضح ملوكٍ يُسحلون في القمامة. تلك هي المفارقة التي تجعل الشعر، في زمن العنف، آخر أشكال الحقيقة الممكنة. ---------------- طابت اوقاتكم 🌹 (قراءة أدبية للنص الشعري "ضيف متردد" للشاعر كاظم حسن سعيد) هذا النص الشعري ليس مجرد قصيدة بل هو شهادة وجودية مكثفة وصياغة فنية لصراع الإنسان مع الموت والحياة والعجز في عالم مفعم بالتناقضات والبشاعة. إنه حوار داخلي عميق لروح تئن تحت وطأة التجارب المريرة وتتأمل مصيرها بإحساس مرهف من التردد والقبول في آن معاً. يبدأ الشاعر نصه بتصريح صادم: "ضفت الموت مرتين"، ليؤسس فوراً لمناخ من التلاحم بين الحياة والفناء. لكن الموت هنا ليس الهم الوحيد، بل إن التفكير في من سيبكيه يكشف عن جرح أعمق: الوحدة والإحساس بالتهميش. هذا الإحساس يتجسد في ذلك التساؤل الأليم الذي يطارده: هل هو مهمل حتى من قبل "ضيفه" الموت، المنشغل بـ"تافهين وطغاة"؟ من هذه النقطة ينطلق النص في رحلة عبر ذاكرة جماعية وفردية مثقلة بأعباء التاريخ والواقع. يقدم الشاعر نفسه كشاهد عيان على مسرح الحياة المأساوي، فهو الذي "شهد عشرات المرات سحل الملوك" و"مدناً فتكت بها الحروب" و"خيانات غادرة". هذه المشاهدات ليست سرداً تاريخياً محايداً، بل هي تراكم للقسوة التي تشكل وعيه. إنه يرى العالم في صورة مفارقة كبرى: المدن تُرمم بـ"معمارية معاصرة تنتظر الخراب" والرؤساء يلوحون للجماهير بينما يتبادل "المآتم والأعراس" الأدوار في مشهد سريالي يعيد إنتاج الدورة المأساوية للحياة. في قلب هذه الفوضى يحاول الشاعر أن يجد مبرراً لبقائه، لتردده في لقاء الموت. فيتساءل: "ربما يؤجلني لاكتب قصائد ندر من يقرؤها". هذه العبارة تختزل مأساة المثقف في زمن اللامبالاة.. فشعره، كصرخاته التي يحذر بها "النائمين" من عدو على الحدود يذهب سدى لأن الجماهير "تستمتع بأحلامها ولن تستيقظوا". هنا يلتقي العجز الشخصي بالعجز الجماعي. ثم ينتقل النص إلى تعقيدات النفس الإنسانية ذاتها فيكشف عن تناقضها الأبدي. فهو الذي "يمسح دموع المغتصبات" ويمنعهن من الانتحار هو نفسه من "يقتل النملة ويبكي عليها". هذه الحساسية المفرطة تجاه الألم، حتى ألم حشرة تتعارض مع عالم قاسٍ يعج "بالعنف والتوابيت". هذا التناقض هو ما يدفعه إلى الاستعداد للموت بتنظيم غرفته وحذف أسراره رغبة في الرحيل "كرجل دفع حياته ثمناً لأنه يردد (لا)". تلك الـ "لا" هي جوهر القصيدة وروحها الثائرة. إنها ليست مجرد رفض، بل هي موقف وجودي يرفض أن يصبح الإنسان أداة للبشاعة والزيف. إنها "لا" موجهة إلى كل أشكال الخداع والاستغلال: للمرأة التي "تغري لتقتلك" لـ "كذب الشعراء" لـ "المسبحة وسيماء الجبين المزيفين" للرموز الدينية الجوفاء مثل "الصليب المعلق للزينة" و"حائط المبكى الذي زلزل المدن". إنه يفضح "الشرف المرقع" و"نسيج العنكبوت البشرية" و"المذابح باسم الدين" و"الثروة التي تصنع قتلة متسلسلين". إنها قائمة الرفض الشاملة لنظام عالمي قائم على الوهم والقسوة والاستغلال. يبلغ النص ذروته في تصوير العجز عن مواجهة هذا الطوفان. فـ "الشعارات التي تعملق المقابر وتعجز عن الرغيف" هي خاتمة مأساوية لفشل الأيديولوجيات والأحلام. وفي النهاية يعود الشاعر إلى نقطة البداية: الموت. ذلك الموت الذي يخشى أن يكون "مباغتاً" فيمنعه من معرفة "أسرار القبور". الخاتمة : تترك القارئ في حيرة الوجود الإنساني نفسه، بين رغبة في المقاومة بواسطة الـ "لا"، وإدراك حتمية المصير المجهول. هكذا يصبح "ضيف متردد" سيمفونية من الأسى والعناد، كتبت بلغة شعرية جمعت بين الصورة الصادمة والمفارقة العميقة، والإيقاع الداخلي المتوتر، لترسم لوحة لا تنسى عن إنسان يحاول أن يظل إنساناً في عالم فقد إنسانيته. ------------ *
2 دكتور عادل جودة طابت اوقاتكم 🌹 (قراءة أدبية للنص الشعري "ضيف متردد" للشاعر كاظم حسن سعيد) هذا النص الشعري ليس مجرد قصيدة بل هو شهادة وجودية مكثفة وصياغة فنية لصراع الإنسان مع الموت والحياة والعجز في عالم مفعم بالتناقضات والبشاعة. إنه حوار داخلي عميق لروح تئن تحت وطأة التجارب المريرة وتتأمل مصيرها بإحساس مرهف من التردد والقبول في آن معاً. يبدأ الشاعر نصه بتصريح صادم: "ضفت الموت مرتين"، ليؤسس فوراً لمناخ من التلاحم بين الحياة والفناء. لكن الموت هنا ليس الهم الوحيد، بل إن التفكير في من سيبكيه يكشف عن جرح أعمق: الوحدة والإحساس بالتهميش. هذا الإحساس يتجسد في ذلك التساؤل الأليم الذي يطارده: هل هو مهمل حتى من قبل "ضيفه" الموت، المنشغل بـ"تافهين وطغاة"؟ من هذه النقطة ينطلق النص في رحلة عبر ذاكرة جماعية وفردية مثقلة بأعباء التاريخ والواقع. يقدم الشاعر نفسه كشاهد عيان على مسرح الحياة المأساوي، فهو الذي "شهد عشرات المرات سحل الملوك" و"مدناً فتكت بها الحروب" و"خيانات غادرة". هذه المشاهدات ليست سرداً تاريخياً محايداً، بل هي تراكم للقسوة التي تشكل وعيه. إنه يرى العالم في صورة مفارقة كبرى: المدن تُرمم بـ"معمارية معاصرة تنتظر الخراب" والرؤساء يلوحون للجماهير بينما يتبادل "المآتم والأعراس" الأدوار في مشهد سريالي يعيد إنتاج الدورة المأساوية للحياة. في قلب هذه الفوضى يحاول الشاعر أن يجد مبرراً لبقائه، لتردده في لقاء الموت. فيتساءل: "ربما يؤجلني لاكتب قصائد ندر من يقرؤها". هذه العبارة تختزل مأساة المثقف في زمن اللامبالاة.. فشعره، كصرخاته التي يحذر بها "النائمين" من عدو على الحدود يذهب سدى لأن الجماهير "تستمتع بأحلامها ولن تستيقظوا". هنا يلتقي العجز الشخصي بالعجز الجماعي. ثم ينتقل النص إلى تعقيدات النفس الإنسانية ذاتها فيكشف عن تناقضها الأبدي. فهو الذي "يمسح دموع المغتصبات" ويمنعهن من الانتحار هو نفسه من "يقتل النملة ويبكي عليها". هذه الحساسية المفرطة تجاه الألم، حتى ألم حشرة تتعارض مع عالم قاسٍ يعج "بالعنف والتوابيت". هذا التناقض هو ما يدفعه إلى الاستعداد للموت بتنظيم غرفته وحذف أسراره رغبة في الرحيل "كرجل دفع حياته ثمناً لأنه يردد (لا)". تلك الـ "لا" هي جوهر القصيدة وروحها الثائرة. إنها ليست مجرد رفض، بل هي موقف وجودي يرفض أن يصبح الإنسان أداة للبشاعة والزيف. إنها "لا" موجهة إلى كل أشكال الخداع والاستغلال: للمرأة التي "تغري لتقتلك" لـ "كذب الشعراء" لـ "المسبحة وسيماء الجبين المزيفين" للرموز الدينية الجوفاء مثل "الصليب المعلق للزينة" و"حائط المبكى الذي زلزل المدن". إنه يفضح "الشرف المرقع" و"نسيج العنكبوت البشرية" و"المذابح باسم الدين" و"الثروة التي تصنع قتلة متسلسلين". إنها قائمة الرفض الشاملة لنظام عالمي قائم على الوهم والقسوة والاستغلال. يبلغ النص ذروته في تصوير العجز عن مواجهة هذا الطوفان. فـ "الشعارات التي تعملق المقابر وتعجز عن الرغيف" هي خاتمة مأساوية لفشل الأيديولوجيات والأحلام. وفي النهاية يعود الشاعر إلى نقطة البداية: الموت. ذلك الموت الذي يخشى أن يكون "مباغتاً" فيمنعه من معرفة "أسرار القبور". الخاتمة : تترك القارئ في حيرة الوجود الإنساني نفسه، بين رغبة في المقاومة بواسطة الـ "لا"، وإدراك حتمية المصير المجهول. هكذا يصبح "ضيف متردد" سيمفونية من الأسى والعناد، كتبت بلغة شعرية جمعت بين الصورة الصادمة والمفارقة العميقة، والإيقاع الداخلي المتوتر، لترسم لوحة لا تنسى عن إنسان يحاول أن يظل إنساناً في عالم فقد إنسانيته. تحياتي واحترامي · هولاكو من جديد: قراءة في نص كاظم حسن سعيد بقلم رانية مرجية في زمنٍ تتناسل فيه الهزائم بأسماء جديدة، يأتي نصُّ الشاعر العراقي كاظم حسن سعيد بعنوان «هولاكو» ليعيد إلى المشهد الثقافي العربي ذاكرة الخراب بلغةٍ لا تعرف التزيين. إنّه نصٌّ يخرج من ركام التاريخ ليواجه حاضرًا يتكرّر فيه الغزو بأشكالٍ أكثر نُعومة، وأشدّ فتكًا. هذا العمل ليس قصيدةً في المدح أو الرثاء، بل صرخةٌ شعرية تمزج الذاكرة بالراهن، وتعيد طرح سؤالٍ قديمٍ متجدّد: لماذا يتكرّر هولاكو فينا؟
الفهرست 1 (ضيف متردد) 2 (لدى الطبيبين) 3 ( هولاكو) 4 ( مهمة مزعجة ) 5 ( قفاز الزانة) 6 (مذكرات ماسنجر مزيح الاقنعة) 7 (تفاعلات كيميائية)
ـــــــــــــ 8 نقد ا رانية مرجية 9 نقد د. عادل جودة
#كاظم_حسن_سعيد (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تفاعلات كيميائية قصيدة
-
(مذكرات ماسنجر مزيح الاقنعة
-
هولاكو قصيدة
-
مهمة مزعجة قصيدة
-
لدى الطبيبين قصيدة
-
ضيف متردد قصيدة
-
الذين لا يحتفلون
-
رؤى نقدية لقصيدة الثوري المهمش
-
تثبيت الدين بالسيوف
-
لعبة الحروب قصيدة
-
اضاءة في اعماق السقوط
-
سقوط لسقوط قصيدة
-
التفريغ لاجل الامتلاء)
-
رؤى نقدية حول قصيدة الايام الاولى بالجنة
-
الايام الاولى بالجنة
-
بلاغة الاختفاء كتاب يهتم بادب البريكان
-
نسيج البروق ج2 كتاب كامل
-
محاولة لاستعادة الانوثة قصيدة
-
نسيج البلبروق ج1 كتاب كامل
-
مقدمة كتابي نسيج البروق ج 1
المزيد.....
-
استبدال بوستر مهرجان -القاهرة السينمائي-.. ما علاقة قمة شرم
...
-
سماع الأطفال الخدج أصوات أمهاتهم يسهم في تعزيز تطور المسارات
...
-
-الريشة السوداء- لمحمد فتح الله.. عن فيليس ويتلي القصيدة الت
...
-
العراق يستعيد 185 لوحا أثريا من بريطانيا
-
ملتقى السرد العربي في الكويت يناقش تحديات القصة القصيرة
-
الخلافات تهدد -شمس الزناتي 2-.. سلامة يلوّح بالقضاء وطاقم ال
...
-
لماذا قد لا تشاهدون نسخة حية من فيلم -صائدو شياطين الكيبوب-
...
-
محمد المعزوز يوقع روايته -أول النسيان- في أصيلة
-
مهرجان كتارا الـ11 يواصل فعالياته بمشاركة نخبة من الروائيين
...
-
مهرجان كتارا الـ11 يواصل فعالياته بمشاركة نخبة من الروائيين
...
المزيد.....
-
الذين لا يحتفلون كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
شهريار
/ كمال التاغوتي
-
مختارات عالمية من القصة القصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
شهريار
/ كمال التاغوتي
-
فرس تتعثر بظلال الغيوم
/ د. خالد زغريت
-
سميحة أيوب وإشكالية التمثيل بين لعامية والفصحي
/ أبو الحسن سلام
-
الرملة 4000
/ رانية مرجية
-
هبنّقة
/ كمال التاغوتي
-
يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025
/ السيد حافظ
-
للجرح شكل الوتر
/ د. خالد زغريت
المزيد.....
|