مزهر جبر الساعدي
الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 12:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(مخرجات مؤتمر شرم الشيخ: التوقيع على خطة ترامب..)
انتهى مؤتمر شرم الشيخ (المنتجع السياحي المصري على البحر الاحمر) الذي حضره عدد من رؤساء وملوك وامراء الدول العربية في المنطقة العربية وفي الخليج العربي والدول الاسلامية والدول الغربية. المؤتمر تم عقده بناءًا على طلب امريكا ترامب؛ لمعالجة اليوم التالي لوقف اطلاق النار في غزة بعد ان تم وقف اطلاق النار. تمخض المؤتمر عن التوقيع من امريكا وتركيا ومصر وقطر، على وثيقة او لائحة اليوم التالي في غزة بما فيها من استدامة وقف اطلاق النار حتى يتحول الى حالة دائمة او الى السلام والاستقرار والبناء والاعمار في غزة المدمرة تدميرا يكاد يكون كليا فلم يبقَ حجرا على حجر، اي عمار غزة على ان لا يكون لحركة المقاومة الفلسطينية اي وجود فيها او في ادارة غزة وفي عملية اعمارها وكذلك السلطة الفلسطينية حسب ما تريد اسرائيل نتنياهو، إنما من الجانب الثاني وحسب التسريبات الصحفية؛ ان المقاومة الفلسطينية في غزة لم تعطِ اي التزام في نفي قادتها او التخلي عن سلاحها؛ وهذا يفسر قول ترامب في واشنطن عند عودتها من الشرق الاوسط؛ اذا لم تنزع المقاومة الفلسطينية في غزة فسوف نحن من نعمل على نزع سلاح بالقوة. ان هذا كلها لسوف يتوقف على المفاوضات التي تجري لاحقا؛ لمناقشة شروط وبنود وأليات عملية الاعمار وإدارة غزة. كل التصريحات سواء من الرئيس الامريكي او من رؤساء الدول العربية او الاسلامية، او من الدول الغربية المشاركة في هذا المؤتمر؛ اكدت بان هذا اليوم او هذه الوثيقة التي سميت بوثيقة السلام، او لائحة السلام؛ اعتبرت تاريخية او انها لحظة تاريخية لم تمر بها المنطقة من قبل، وان شرق اوسط جديد هو في الطريق ليكون واقعا على الارض ولسوف تنعم المنطقة وشعوبها بالأمن والسلام والاستقرار والبناء والتقدم حسب التوصيف الذي وصفها به ترامب. ان هذا كله لسوف يفتح بابا واسعا للتطبيع المجاني حسب رؤية ترامب او رغبته في تحقيق هذا، من دون ان يتطرق الى خط موازي بخطوات محددة وواضحة وقابلة للنقاش على طريق إقامة دولة فلسطينية كاملة الاستقلال والسيادة. ان هذه التصريحات كلها ماهي الا الالتفاف على حقائق الواقع المتحركة تحت الارض. هذه التحركات التي تغتال الحقيقة على رؤوس الاشهاد وفي وضح النهار، ولسوف تتابع حركتها على الارض متجاوزة الإرادة الفلسطينية الحقيقية بإرادة أخرى مغايرة ديدنها المهادنة والرضوخ تحت ضغط الواقع الظالم الذي برز واضحا بسبب التدمير الشامل والواسع في جميع مناحي الحياة، حتى ابسطها. ان عملية التدمير لم تكن فقط من اسرائيل نتنياهو، بل انها من امريكا ترامب؛ فقد سكتت امريكا ترامب طيلة ثمانية اشهر ومن قبلها امريكا بايدن على جميع هذه الجرائم التي تم ادانتها ورفضها من كل الاشراف في العالم كل العالم حتى بلغ التدمير ما بلغه. خلال السنتين من عمر بطولة الصمود الفلسطيني الغزاوي كانت تجري المفاوضات جولة تلو جولة وهي وبكل تأكيد كانت تمثل غطاءًا لكل هذه الجرائم حتى وصلت الى المحطة المخطط لها ليس اسرائيليا فحسب، بل امريكيا واخرون وهم معروفون لكل متابع للمحرقة التي اتت على كل الحياة في غزة، انها عملية مدروسة ومخطط لها مسبقا لتصل الى ما وصلت إليه في مؤتمر شرم الشيخ. جميع ما ورد في الوثيقة او اللائحة هي ذاتها ما جاءت بها خطة ترامب المكونة من عشرين نقطة والتي تؤكد على نزع سلاح المقاومة او ان لا يكون لها وجود في إدارة غزة، انها وبكل بساطة نسخة جديدة وحديثة ومعدلة لصفقة القرن سيئة الصيت والاهداف. ترامب الرئيس الامريكي في معرض حديثه عن وثيقة السلام قال عنها او قال؛ انها بداية لعهد جديد في شرق اوسط جديد خال من الحروب والنزاعات وينعم بالسلام والاستقرار والتنمية، وما هي، هذه الوثيقة الا نقطة بداية سوف تليها تحولات تقود الى هذه الولادة. في ذات التصريح حذر ترامب ايران من انها مدعوة ان تساهم في عملية السلام وان تكف او تمتنع عن زرع بذور الشر في المنطقة، وان امريكا مستعدة للمفاوضات مع ايران حين تكون الأخيرة مستعدة لذلك. الخارجية الايرانية شجبت تصريحات ترامب ووصفتها بانها مخزية، ورفضت دعوته هذه؛ لأنها دعوة للاستسلام وليس دعوة سلام، وحسنا ما فعلت. ان ما يقصده ترامب بولادة شرق اوسط جديد ينعم بالسلام والامن والاستقرار والتنمية؛ هو ان تنصاع دول المنطقة العربية ودول جوارها للإرادة الامريكية الاسرائيلية، سلام التابع والخاضع لهذه الإرادة وليس احقاق الحق ومن ابرز هذا الحق هو حق الفلسطينيين في دولة مستقلة وكاملة السيادة وليس حكم ذاتي على جزء الجزء من الضفة الغربية. ان الايام او الاسابيع المقبلة هي من سوف تكشف بوضوح عن النوايا الحقيقية في إقامة سلام حقيقي وليس سلام الاستسلام وضياع الحقوق المشروعة والمكتسبة وغير القابلة للتجزئة والتصرف. ان عملية وقف اطلاق النار في غزة، عملية ومهمة ومهمة جدا لإيقاف هذه الإبادة ولو انها جاءت في وقت متأخر جدا وبقصدية كما اسلفنا القول في ذلك في اعلى هذه السطور المتواضعة؛ هذه القصدية هي احياء او بعث الحياة في صفقة القرن بوثيقة سلام تاريخية كما يقول عنها رعاتها من الامريكيين والعرب واقصد هنا عرب السلطة. اذا ما دققنا النظر فحصا في كل ما قيل عن وثيقة السلام والتي سميت جزافا وثيقة السلام على عكس ما جاء فيها من بنود فهي وثيقة استسلام. ان هذه العملية كلها او برمتها لا تنحصر في وقف اطلاق النار في غزة وبدء اليوم التالي فيها، من اعمار وامن وسلام، بل ان لها امتدادات لسوف تطال دول المنطقة العربية ودول جوارها، ايران على سبيل المثال لا الحصر وغير ايران من الدول العربية. إنما جميع هذه التحركات والتي سوف يتم تحريك حركاتها في الاسابيع او الاشهر المقبلة، لن تكون عملية سهلة، بل انها ستكون عملية صعبة للغاية في الذي يخص ايران، وغير اران من الدول العربية وليس دول الخليج العربي. امريكا ترامب تعتمد في محاولة تغير النظام في ايران على اقصى العقوبات الاقتصادية عليها. هذه العملية ربما كبيرة لن تنجح في احتمال يقع في خانة اليقين ربما مرة اخرى. ان العالم الآن ليس عالم قبل اكثر من عقدين، فالنظام الدولي تغير، وقوى الدولية عظمى برز تأثيرها في الساحة الدولية واضحا بدافع مصالحها الاستراتيجية وليس الوقتية او التكتيكية، اضافة الى ان ايران قد نسجت مشاركتها وتحالفاتها مع هذه القوى الدولية العظمى قبل زمن ليس بالقليل. ان كل هذا سوف يجعل ايران او يعطيها قوة وزخم في الاقتصاد والسياسة والسلاح. روسيا والصين عندما تم تفعيل ألية الزناد قالا مسؤولوها انهم لن يعترفوا بها. ان هذا يعني ان ايران سوف تواصل مشترياتها من السلاح من هذين الدولتين، اضافة الى المشاريع الأخرى، والعلاقات الاقتصادية والتجارية والمالية والتي من اهمها هي العلاقة الاقتصادية مع الصين التي تواصل شراء النفط الايراني. وثيقة السلام الترامبية محفوفة بالمخاطر وربما لا يكتب لها النجاح. حتى ان نجحت مرحليا؛ فسوف يكن نجاحها على حساب الحق الفلسطيني، وهنا تكون حركة السلام او الاستسلام هذه قد حطمت نفسها بنفسها في العودة الى الوضع الفلسطيني الى خط الشروع الاول عندما بدأ النضال الفلسطيني ضد الاحتلال من اجل دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة. جميع تقريبا المسؤولون الذين شاركوا في مؤتمر شرم الشيخ؛ اكدوا على اهمية اقامة دولة فلسطينية، وهي الطريق الوحيد للسلام والاستقرار في المنطقة ولا طريق اخر غيره؛ بالحوار والمفاوضات وهما كلمتان فضفضتان غير محددتان تحديدا واضحا لا لبس فيه؛ وتفتقران الى طرح ألية ونهج وبرنامج بتحديد محدد واضح يرسم خارطة طريق قابلة للحوار وللنقاش يفضي في النهاية في إقامة دولة فلسطينية مستقلة على اراضي فلسطين، قبل الخامس من حزيران. اتفاقات اوسلو كانت واضحة تماما ورسمت تلك الخارطة التي لو تم تطبيقها، لتم من سنوات عديدة اقامة دولة فلسطينية لكن اسرائيل رمتها في سلة المهملات ولم يتم محاسبتها او لم يتم اجبارها على تطبيق او تنفيذ ما اتفقت عليه. الادهى لم يعد احد يتحدث عنها. أما كان الجدر بوثيقة السلام( الاستسلام..) ان تقوم بأحياء اتفاقات اوسلو التي اتفق عليها الاسرائيليون والفلسطينيون. ان خطاب الدعوة الى المفاوضات للحصول او لانتزاع الحقوق من مغتصبيها، من دون استخدام القوة، قوة المقاومة لإجبار المغتصب على التخلي عن ما قام من زمن مديد باغتصابها او باحتلال الارض والتحكم بشعبها ومصيره، بجعله يدفع كلف باهظة، وجعل الطريق الى تقليلها، او تصفيرها طريقا مسدودا تماما، هذا هو الطريق الذي يدفعه دفعا الى تقديم التنازلات مجبرا والتسليم بأحقاق الحق. انها دعوة حق يراد بها باطل. اسرائيل سواء كان على رأس حكومتها نتنياهو او غير نتنياهو، معتدل او يميني عنصري، او يساري حر وديمقراطي؛ لن تغير طوعا سياستها في استمرار قضم الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربية، والتسليم بإقامة دولة فلسطينية مستقلة وكاملة السيادة وليس حكم ذاتي منقوص هو الأخر وعلى جزء الجزء من الضفة الغربية. في الختام اقول ان المقاومة الفلسطينية في غزة حققت بسنتين من الصمود البطولي الذي لانظير له في جميع المقاومات التي قاومت الغزاة والمستعمرين على مر العصور؛ اذا اخدنا بالاعتبار عند المقارنة والمقاربة؛ مساحة الارض وانبساطها وحجم ونوع السلاح المستخدم ضدها شعبا وارضا وتاريخا..
#مزهر_جبر_الساعدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟