مزهر جبر الساعدي
الحوار المتمدن-العدد: 8482 - 2025 / 10 / 1 - 13:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
طرحت مؤخرا ما سميت بانها خطة ترامب للسلام ووقف اطلاق النار في غزة والمباشرة في اعمارها وبكل تأكيد بأموال دول الخليج العربي وعلى رأس هذه الدول بل في اولها هما العربية السعودية والامارات. ان هذه الخطة ما هي الا وثيقة استسلام وانها ايضا تلبي كل ما كان يريده نتنياهو او اسرائيل نتنياهو، او انها تريد او في صلبها، وفي جوهرها؛ انهاء المقاومة الفلسطينية انهاءًا تماما. ومن الجانب الثاني وضع حدا نهائيا؛ لحل الدولتين. كما ان التهجير لفلسطيني غزة لم يتم في خطة ترامب الغاءه او ان التهجير لن يتم، فقد تُركَ الباب طبقا لهذه الخطة الأستسلامية مفتوحا تماما وعلى مصراعيه؛ عندما اكدت الخطة ان للغزيين الذين يرغبون في المغادرة لهم الحق كل الحق بالعودة الى غزة حين يتم اعمارها ونشر السلام والامن والاستقرار في ربوعها؛ خصوصا وان خطة الاعمار كما ورد فيها؛ تستغرق على الاقل خمس سنوات. كما وكما ورد في هذه الخطة الترامبية والتي نشرتها جريدة تايمز اوف اسرائيل؛ لم يكن للسلطة الفلسطينية دورا مركزيا ابدا، بل ان دورها لسوف يكون هامشيا الى حين يتم اصلاحها من داخلها؛ تغييرها بسلطة اخرى لا يكون رئيسها الحالي رئيسا لها، وللأمارات في هذا الاصلاح دورا محوريا فيها؛ بما ينسجم كليا مع تطمح إليه الخطة. ان هذه الخطة الترامبية لم تكن كما يتصور الكثيرون، او كما يُصور الكثيرون؛ من انها خطة ترامبية على عكس الحقيقة تماما التي تؤكد من انها لم تكن جديدة ابدا، بل هي ذات الخطة التي روج لها في عام 2016 كوشنر صهر ترامب، انها عملية تصفية القضية الفلسطينية في الذي عرف في وقته بصفقة القرن، الفرق بين عام 2016 وبين عام 2025؛ في الاول لم تكن هناك ابادة اسرائيلية للشعب الفلسطيني في غزة وفي الثانية تجري منذ ما يقارب السنتين عملية اجرامية لامثيل لها وفي كل ما تعرض له الشعب الفلسطيني العربي خلال ما يقارب القرن. ان كل ما ورد في خطة ترامب هو التصفية التامة للقضية الفلسطينية بطريقة قانونية وشرعية حسب قوانين شريعة الغابة الامريكية وليس حسب القانون الدولي والانساني وشريعتهما. هذه العملية هي من بنات افكار كوشنر وستيف ويتكوف وبلير؛ فهي تظهر وكأنها عملية انقاذ للشعب الفلسطيني في غزة واطفاء محارق اسرائيل نتنياهو على عكس الحقيقة التي تؤكد اجرام هذا الكيان والذي هو اداة للإمبريالية الامريكية. حقا انها لا يقوم بها الا شيطان الشياطين؛ بينما في حقيقتها هي ليس تصفية القضية الفلسطينية فقط، بل انها ايضا اعادة رسم شرق اوسط جديد وكما تقول الخطة شرق اوسط ينعم بالأمان والسلام والاستقرار، لكنه اي هذا الشرق الاوسط الجديد لسوف يكون كله بخيراته وبثرواته فضاءات مفتوحة تماما للنفوذ الامريكي بأداة اسرائيلية، بعد احداث التغييرات المطلوبة في انظمة دول المنطقة العربية وجوارها على سبيل المثال ايران وغير ايران من دول المنطقة العربية. فقرات او بنود ومواد خطة ترامب كما نشرتها الصحيفة الاسرائيلية، تايمز اوف اسرائيل: في الفقرة الاولى نقرأ التالي؛ ستكون غزة منطقة خالية من التطرف والإرهاب، لا تُشكّل تهديداً لجيرانها. كيف لمنظمة ترفع شعار مقاومة الاحتلال من اجل ان يكون له وطنا معترف به دوليا؛ بتحرير الارض الفلسطينية على الاقل تلك التي تم احتلالها في الخامس من حزيران؛ لإقامة دولة فلسطينية عليها بما فيها القدس الشرقية كما نصت عليها المبادرة العربية واتفاقات اوسلو التي تنصلت منها اسرائيل ولم يعد لها وجود، وجودها فقط في وجود الامن الوقائي التابع للسلطة الفلسطينية والذي وجوده شكل ويشكل الى الآن عونا لإسرائيل في التحكم في الضفة الغربية وضبط الامن لصالح اسرائيل. المقاومة الفلسطينية في غزة وفي الضفة الغربية لا تريد اكثر مما ورد في المبادرة العربية وفي اتفاقات اوسلو وهذا هو ما تم تأكيده على لسان اكثر من مسؤول في حركة حماس( المقاومة الفلسطينية) ومن كل حركات المقاومة الفلسطينية بما فيها حركة فتح التي يترأسها الرئيس الفلسطيني محمود عباس. هذا يعني تماما الاستسلام وانتظار الهبات التي لن تأتي كما في انتظار جودو الذي لن يأتي مهما طال عليه الانتظار. وفي الفقرة الثانية نقرأ التالي؛ ستُعاد تنمية غزة لصالح شعبها. الفقرات التالية سوف تنسف كليا مقولة الخدعة والكذبة والتي هي كما وردت في اعلاه؛ لصالح شعبها.. في الفقرة السادسة نقرأ؛ بمجرد إعادة الرهائن، يُمنح أعضاء حماس الملتزمون بالتعايش السلمي عفواً، بينما يُمنح الأعضاء الراغبون في مغادرة القطاع ممراً آمناً إلى الدول المستقبلة. هذا يعني انهاء اي مقاومة سواء في الوقت الحاضر او في المستقبل القريب حسب هذه الخطة وليس حسب الواقع فان الواقع له شكل اخر يختلف كليا عما تريده هذه الخطة ان يكون واقعا على الارض. طالما تعرضت المقاومة الفلسطينية في كل تاريخها الى المؤامرات سواء كانت عربية وما اكثرها عربيا، فلا يكاد يمر عقد من الزمن الا وتعرضت المقاومة الى المحاربة من الانظمة العربية؛ انظمة الطوق، وبكل تأكيد لقسم من الانظمة بالتعاون مع امريكا، والقسم الأخر، وفي احسن الاحوال بضغط من امريكا او بتهديد امريكي؛ لصالح الكيان الاسرائيلي. في الفقرات الأخرى تؤكد هذه الخطة لجهة الاعمار؛ ان لا يكون اي دور لحماس فيها. كما انها سوف تدار من قبل تكنوقراط فلسطينيين وبأشراف عربي ودولي في كل المرحلة الانتقالية. على ان يكون البناء بناءًا حديثا كما سوف يكون؛ في كل مدن الشرق الاوسط الحديث. هذا يعني ان هناك في المقبل من الزمن شرق اوسط حديث. من جانب ثاني تؤكد هذه الخطة ان تقوم الدول العربية والاسلامية بعملية تدريب للفلسطينيين لتشكيل قوة امنية داخلية لحفظ الامن. يبدوا في هذا؛ الخطة تحاكي مخرجات اوسلو في تشكيل الامن الوقائي الفلسطيني التابع للسلطة الفلسطينية والذي كان له دورا امنيا في مساعدة اسرائيل في الضفة الغربية. كما تؤكد الخطة في الفقرات سابقة الاشارة لها في اعلاه؛ ان يمتثلوا اعضاء حماس من الذي شملهم العفو للتعايش السلمي مع جيرانهم. كما تؤكد الخطة على عدم شن هجمات اسرائيلية في المستقبل على قطر. انها تؤكد على التعايش السلمي بين كل الايدان وان لا يكون هناك اي توجيه ضد اسرائيل والاسرائيليين اي خلق جيل منبطح من الفلسطينيين حتى من دون ان تكون لهم دولة تمثلهم؛ هذا يعني الاعتراف بإسرائيل كدولة غير محتلة للأرض الفلسطينية حسب ما سوف تخرج بها خطة ترامب من مخرجات انها خطة جهنمية وشيطانية الى ابعد الحدود، والتحايل على كل تاريخ فلسطين والشعب العربي الفلسطيني. في الخطة لم يكن هناك اشارة او محددات زمنية لإقامة دولة فلسطينية سوى اشارة عبارة ومن ثم في الفقرة الأخيرة يتم نسف هذه الفقرة تماما حين تشير هذه الفقرة؛ على ان امريكا سوف تواصل رعاية الحوار بين الفلسطينيين والاسرائيليين من اجل التعايش بسلام وئام. من وجهة النظر الشخصية هذه الخطة اذا لم يتم تعديلها ربما كبرة جدا؛ سوف ترفضها المقاومة الفلسطينية رفضا كاملا حتى ولو تعرضت للضغط من قطر ومصر ومن تركيا. كل الدول العربية تقريبا وتركيا وباكستان واذربيجان ودول أخرى اسلامية وغير اسلامية قد اشادت بها وباركتها، باستثناء ايران، واعتبرتها الطريق الامثل للأمن والاستقرار والسلام والطريق الوحيد لوقف اطلاق النار في غزة واعمارها. الكرمين هو الأخر قد باركها واعتبرها بوابة لوقف نزيف الدم في غزة وفي الضفة الغربية، لكنه في تصريح لاحق قال بما معناه ان روسيا سوف تعطي رأيها عندما تطلع على رأي دول الجوار بها. كل هذه الدول قد تناست انها بهذا تكون قد اصطفت مع امريكا واسرائيل في منح اسرائيل نتنياهو مكاسب لم يكن حتى يحلم بها، والتي تتركز على نزع سلاح المقاومة وتغير كل البيئة التي تساعد الفلسطينيين على مقاومة الاحتلال الاسرائيلي الى حين رضوخها( اسرائيل) للقانون الدولي ولكل مقررات وقرارات المنظمة الدولية التي تطالبه بها في انهاء احتلاله للأرض الفلسطينية التي احتلها في حزيران عام 1967. ان خطة ترامب هذه هي الوجه الأخر لصفقة القرن سيئة الصيت والهدف والنية. الخطة محكوم عليها بالفشل حتى ربما قبل ان يتم الأخذ بها بصرف النظر عن رفضها من قبل المقاومة الفلسطينية؛ فقد ورد في احد فقراتها؛ من انها يمكن تطبيقها بمعزل عن المقاومة الفلسطينية في الاراضي التي تخضع في الوقت الحاضر لجيش الاجرام الاسرائيلي. في رأيي المتواضع ان العمل بها لسوف يبدأ من تلك الارض من قطاع غزة وهنا تبدأ قواعد الاشتباك والصراع في التغير وهو تغير سوف يكون تغييرا كليا في كل قواعد اللعبة؛ لتكونا امريكا واسرائيل هما الخاسران في نهاية المشوار، او على اقل تقدير يكون مصير هذه اللعبة، الخطة؛ الفشل كل الفشل.
#مزهر_جبر_الساعدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟