حجي قادو
كاتب وباحث
(Haji Qado)
الحوار المتمدن-العدد: 8496 - 2025 / 10 / 15 - 09:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أين اختفى أولئك الذين كانوا يتصدرون المشهد يومًا، يعقدون ورشات العمل تحت عناوين براقة مثل "صياغة دستور سوريا الجديدة"؟
أين هي منظمات المجتمع المدني التي كانت تتحدث باسم الشعب السوري، وأين ذهبت مقراتها التي كانت تعجّ بالناشطين والمشاريع؟
وأين اختفى التمويل الضخم الذي كان يُغدق عليها من الدول الداعمة؟
بل أين مدراء تلك المنظمات الوهمية، الذين راكموا الثروات باسم الحرية والكرامة، وسرقوا أموال الدعم الإنساني دون أن يرفّ لهم جفن؟
وأين أعضاء "الائتلاف اللاوطني السوري المعارض"، الذين كانت لهم في يومٍ من الأيام أكثر من مئةٍ وثلاثين دولة صديقة حول العالم؟
كانوا يعقدون المؤتمرات في أفخم فنادق العواصم، ويتحدثون بلغة المنتصرين، وكأنهم يعملون حقًا من أجل الشعب السوري.
لكن سرعان ما انكشفت الحقيقة، وتبيّن أن معظمهم لم يكونوا سوى تجّار أزمات، هدفهم الأول هو ملء الجيوب وتكديس الأرصدة في البنوك، لا نصرة قضية ولا تحقيق عدالة.
وأين اختفى أعضاء "الحكومة السورية المؤقتة" التي تشكّلت في تركيا، وتحولت إلى كيانٍ شبه مستقل داخل الأراضي السورية، تضم وزارة الدفاع والداخلية ورئاسة الحكومة برئاسة أحمد طعمة آنذاك؟
لقد شكّلها "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية" في 18 آذار/مارس 2013 أثناء الحرب الأهلية السورية، وبسطت سلطتها على المناطق الخاضعة للسيطرة التركية شمال البلاد، قبل أن تتحول مع مرور الوقت إلى واجهةٍ شكليةٍ بلا فاعلية تُذكر، لا حضور سياسيًا حقيقيًا لها ولا تأثيرًا ميدانيًا فعّالًا.
وفي المقابل، نرى أبا محمد الجولاني، الخارج من سجون "بوكا" و"أبو غريب"، يشق طريقه عبر التنظيمات المتطرفة من داعش إلى جبهة النصرة، ثم إلى هيئة تحرير الشام، ليصل في النهاية إلى مشهدٍ سياسي ينافس فيه على سلطة الأمر الواقع، دون مؤتمراتٍ ولا اتفاقياتٍ ولا إقاماتٍ فندقيةٍ فاخرة!
وعلى هذا المنبر نقولها بوضوح:
كل من تاجر بدماء السوريين، وجعل من مأساتهم سلّمًا لمصالحه الشخصية، يجب أن يُحاسَب.
فكما يطالب الشعب السوري بمحاكمة الطغاة، فإن العدالة تقتضي أن تمتد المحاسبة لتشمل أولئك الذين ارتدوا عباءة المعارضة زورًا، وتاجروا بالشعارات والآلام، حتى صاروا شركاء في الجريمة بصمتهم وفسادهم ونفاقهم.
لقد آن الأوان لأن يُرفع الغطاء عن كل فاسدٍ أو متسلّق، وأن يُكشف المستور عن مرحلةٍ طويلةٍ من المتاجرة بالقضية السورية، حتى لا يبقى الدم السوري وقودًا لمشاريع الآخرين، ولا تبقى المأساة مادةً للثراء والارتزاق.
#حجي_قادو (هاشتاغ)
Haji_Qado#
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟