أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - الثورة الاشتراكية - نضال من أجل مجتمع حر وعادل - أشهد أننا خُلقنا لنُقتل، فدماؤنا هي الأسهل والأرخص ثمنًا














المزيد.....

أشهد أننا خُلقنا لنُقتل، فدماؤنا هي الأسهل والأرخص ثمنًا


الثورة الاشتراكية - نضال من أجل مجتمع حر وعادل
منظمة سياسية

(Socialist Revolution - Struggle For A Free And Just Society)


الحوار المتمدن-العدد: 8495 - 2025 / 10 / 14 - 00:36
المحور: القضية الفلسطينية
    


محمد السايس

اليوم منذ الساعات الأولى يتوافد القتلة ومؤيدي المجزرة، يجتمع القادة رعاة الحروب، وتجار الدم الفلسطيني، والسماسرة الذين باعوا الإنسانية في المحافل الدولية.

أتوا من أمريكا وفرنسا وبريطانيا وألمانيا ومصر والأردن والإمارات، ليضعوا توقيعاتهم على ورقةٍ جديدة تُسمّى «سلامًا». يجتمعون في شرم الشيخ، مدينة البحر والقصور والمواكب الرسمية، ليحتفلوا بما يسمونه “انتصار العقل”، بينما تتصاعد من غزة رائحة لحمٍ بشريٍ محترق.

مشهدٌ فخم، مُضاء بالأعلام والابتسامات، يتصدره قادةٌ فقدوا صلتهم بالحقيقة، يقفون أمام الكاميرات يبتسمون كأنهم صانعي الحياة. لكن خلف كل كاميرا طفلٌ يبحث عن بقايا خبزٍ تحت الركام، وأمٌ تتوسد صورة ابنها الذي لم يبقَ منه إلا شظية صغيرة من كفّه.

العالم في شرم الشيخ يرتدي بدلًا أنيقة ويتحدث عن “الأمل في السلام”، بينما في غزة، حيث الأرض سوداء من الرماد، يبحث الناس عن معنى للنجاة. أيُّ سلامٍ هذا الذي يُوقّعه من صنع الموت؟ وأيّ أملٍ يُمنَح من يدٍ لم تغسل بعد دماء الأطفال؟

يا لها من مفارقةٍ تُوجع القلب: قاعات مكيفة بالوعود، وأجساد تتفحم بالفسفور. موائد ممتدة بالرفاهية، و مخيمات مكتظة بالجوعي و العراة. أصوات موسيقى واحتفال هناك، وصوت أمهات يودعن أبناءهن هنا.

كل شيءٍ في الصورة مُزيّفٌ ورغم انه مُصمَّمٌ بإتقان: البساط الأحمر، العدسات، خطابات “التعاون المشترك” و“إعادة الإعمار” وقلادة النيل .لا أحد يذكر أن من يُعاد إعمارُه هو شعبٌ يُباد، وأن “الإعمار” صار كلمةً تاليةً في القاموس بعد “الدمار”.

تتسابق الشاشات على بث اللقطات الباذخة للقادة، والمذيعون يتحدثون عن «حقبة جديدة من السلام»، وكأننا لم نرَ الحقبة القديمة وهي تدوس على صدور الناس.

سلامهم هذا لا يُبنى على المحبة، بل على الركام. لا يقوم على العدالة، بل على توازن القوة بين السيد والعبد. سلامٌ يُحرس بالدبابات ويُسوَّق بالابتسامات، سلامٌ لا مكان فيه للضحايا إلا كأرقام في تقريرٍ دوليٍ بارد.

اليوم، وأنا أتابع الصور الفخمة التي تُبث من شرم الشيخ، لا أرى إلا مشهدًا سرياليًا من نهايات الحضارة، أرى العالم يضحك وهو يفقد روحه. أرى القيم الإنسانية تُدفن تحت أقدام الملوك والرؤساء، بينما يصمت الشعراء والعلماء والفلاسفة خوفًا أو خضوعًا.

لم يعد العالم يبحث عن الحقيقة، بل عن توازنٍ بين الكذب والمصلحة.

اليوم على غير عادتي، لن أشرح، لن أُحلّل، لن أُجادل في السياسة، أكتب من قلبٍ يختنق، أكتب وأنا أرى قوافل القتلة تصل إلى البحر الأحمر محاطةً بالموسيقى والأضواء، وأتذكر البحر الآخر في غزة، حيث يطفو الموتى على السطح، وحيث البحر نفسه امتلأ بالبكاء.

أيها العالم المنهار…

كيف تجرؤ أن تتحدث عن السلام بينما تبارك حصار الجائعين؟

كيف تنصّب القتلة رُسلًا للحياة؟

أيها العالم الذي غفر للقاتل وأدان الضحية، إنك تسير نحو هاويتك بابتسامةٍ واثقة.

هناك في غزة، لم يعد الناس يحلمون بالنصر، بل بلقمة، بقطرة ماء، بساعة نومٍ دون انفجار. وهناك في شرم الشيخ، يتحدث السادة عن “الازدهار الإقليمي” و“آفاق التنمية”، بينما تتبخر الإنسانية في صمتٍ مُخزٍ.

يا لعار هذا القرن الذي بدّل الخريطة الأخلاقية للعالم: صارت الجرائم وجهة نظر، وصار القاتل صديقًا استراتيجيًا، وصارت الحقيقة تهمة.

لقد دخلنا زمنًا يُكافأ فيه من يُتقن قتل الأبرياء، ويُعاقب من يقاوم على «تهديد الاستقرار».

أكتب اليوم، لا لأُسجّل موقفًا سياسيًا، بل لأصرخ من قاع إنسانيتي. أكتب لأن الكلمات آخر ما تبقّى لنا حين تخذلنا العدالة، وحين يضيع صوت المظلوم وسط التصفيق.

أكتب وأنا أرى الشعوب رغم مقاومته تدفع دفعا للاضمحلال، القيم تتساقط، والإنسانية تُستبدل بالهمجية، والموت يُغلف بورق سلامٍ فاخر. سلامهم إعلانٌ لزمنٍ بلا روح، سلامهم أكفانٌ بيضاء على هيئة أوراق دبلوماسية، سلامهم هو أن تموت الشعوب بصمتٍ ليعيش القتلة بكرامةٍ مزيفة.

وفي النهاية، بينما ترتفع الكؤوس في شرم الشيخ، تقابلها في غزة صورة مغايرة حيث ترتفع الأكف إلى السماء، شتّان بين مَن يحتفل بالحياة المزيّفة، ومَن يطلب الحياة الحقيقية، بينما تحتاج غزة للسلام لتلتقط أنفاسها، ربما لن يسأل احد عن غزة غدا، ولن تُذكر في نشرات الاخبار بعد الغد، لكن رائحة الرماد ستبقي في الهواء تذكّر هذا العالم بما فعله بنفسه حين اختار أن يغفر للقتلة والمجرمين، فليس أسوأ من عالم يعتاد الدم، إلا عالم يرى الدم جميلاً إذا صُوِّر جيداً.

https://soc-rev-egy.org/



#الثورة_الاشتراكية_-_نضال_من_أجل_مجتمع_حر_وعادل (هاشتاغ)       Socialist_Revolution_-_Struggle_For_A_Free_And_Just_Society#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الإصطفاف غطى على أي إنحراف
- من اشتري الذل بدم الشهداء؟ رحلتنا من عبور العزة إلى انكسار ا ...
- مقتل طفلة عاملة بشركة بالإسكندرية.. جرائم الرأسمالية في حماي ...
- قافلة الصمود المصري: العدو أمامك وحولك فلا تنخدع.. أو على ال ...
- رسالة معتقل: كل منشور “حرز” وكل تعاطف “جريمة”
- حادث قطار مطروح.. إسقاط النظام ضرورة للنجاة
- النجم الساطع ليس إلا العار الساطع
- يا تجهزوا جيش الخلاص… يا تقولوا على المسكن خلاص
- جريمة جديدة في سلخانة قسم شرطة المنشية بالإسكندرية
- أما أن تكون أنسًا شريفًا.. وأما أن تكون أثر حذاء على تراب ال ...
- من الجون إلى نيرون: كيف يحرق السيسي المصريين بالغاز الإسرائي ...
- الغاز ممزوج بدم غزة
- مفيش محكمة هتحميك من ديكتاتور… اللي هيحميك هو نضالك مع جارك ...
- انتخابات الشيوخ : الكوميديا الأمنية في موسم العبث الوطني
- الجمهورية الأمنية: كل مواطن ضابط وكل خلاف جنحة
- من يحاصر شعبة لا يؤتمن على قضية
- ضحية تعذيب جديدة في قسم بلقاس..النظام يقتل المصريين ويحاصر ا ...
- عن عملية قسم المعصرة - حين يُغلق المجال العام لا يبقى سوى ال ...
- انتخابات الشيوخ: نظام يعزف منفردًا ومعارضة أتلفها القمع
- المسؤولية السياسية عن كارثة حريق سنترال رمسيس


المزيد.....




- عرض مبهر لـ -Anyma- في مصر وانطلاق موسم الرياض.. الأبرز في أ ...
- مصر تتحرك لتعويض فجوة الطاقة.. والسيسي يلتقي ممثلي -أباتشي- ...
- بعد إدانته في قضية التمويل الليبي.. ساركوزي إلى السجن في 21 ...
- العاهل الأردني لبي بي سي: -الشرق الأوسط سيُواجه مصيراً مظلما ...
- قمة شرم الشيخ: الوسطاء يوقّعون اتفاق دونالد ترامب لوقف إطلاق ...
- قمة شرم الشيخ.. قادة الولايات المتحدة وقطر ومصر وتركيا يوقعو ...
- بين الدفاع الجوي وصواريخ -توماهوك-.. زيلينسكي يزور واشنطن هذ ...
- نهاية -كابوس طويل ومؤلم-.. توقيع وثيقة وقف الحرب في قطاع غزة ...
- قمة شرم الشيخ: اتفاق تاريخي حول مستقبل غزة
- فرنسا: ساركوزي يودع السجن في 21 أكتوبر تنفيذا لحكم في قضية ا ...


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - الثورة الاشتراكية - نضال من أجل مجتمع حر وعادل - أشهد أننا خُلقنا لنُقتل، فدماؤنا هي الأسهل والأرخص ثمنًا