استثناء الأسرى القادة من صفقات التبادل

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

الحوار المتمدن-العدد: 8494 - 2025 / 10 / 13 - 11:57
المحور: أوراق كتبت في وعن السجن
    

نهاد أبو غوش
علينا أن نتوقع الغدر والمراوغة من قبل الاحتلال في كل تفاصيل الصفقة، بدءا من تحديد أسماء الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم إلى كل تفاصيل الاتفاق وخاصة نطاق ومواعيد الانسحاب، وإدخال مواد إعادة الإعمار، وموضوع العلاقة بين مجلس الإدارة الفلسطيني وما يسمى مجلس السلام الذي قد يكون مدخلا لفرض وصاية على الشعب الفلسطيني وفصل قطاع غزة عن الضفة. وكذلك ما يسمى شروط إصلاح السلطة لكي تكون هي المعنية بإدارة غزة، وهنا ما يهمنا في قضية السلطة والمنظمة ليست الجهة والأفراد الذين يقودونها الآن بل الهيئة التي ترمز لوحدة الشعب الفلسطيني. إذن تلاعب الاحتلال في تحديد اسماء الأسرى المفرج عنهم متوقع، وكان يمكن التصدي له بكفاءة أكبر لو كان ثمة موقف عربي وفلسطيني موحد يضغط على الاحتلال وعلى الإدارة الأميركية، وليس على المفاوض الفلسطيني.
الاحتلال ومن ورائه الإدارة الأميركية لا يريدان إعطاء المقاومة أي صورة انتصار، محاولة الاحتلال الإبقاء على اعتقال القادة تعبر عن ذهنية عصابة تحكم إسرائيل ومسكونة برغبة الانتقام، ولا تحتكم لمعايير الدول الحديثة المستندة إلى قيم العدالة والقانون. المهم لدى حكومة إسرائيل بتركيبتها الأكثر تطرفا أن تجعل من هؤلاء القادة عبرة لمن يعتبر، وتردع الشعب الفلسطيني ومناضليه. يقينا أن هذه السياسة لا تردع القادة ولا الكوادر والمناضلين، وبالتالي فإن مسؤولية الإفراج عن هؤلاء القادة هي مسؤولية المجتمع الدولي باسره وبخاصة تلك الدول التي توسطت لإبرام الاتفاق، كما أنها مسؤولية المناضلين الفلسطينيين اينما وجدوا ومن اي فصائل كانوا، لأن مواصلة احتجاز هؤلاء القادة هي محاولة مستمرة للنيل من كرامة الفلسطينيين كشعب، وهنا لا ينبغي لنا أن نعفي القيادة الرسمية لمنظمة التحرير وقيادة السلطة من مسؤوليتها السياسية والأخلاقية، وهي التي أبرمت عشرات الاتفاقيات مع دولة الاحتلال بموجب اتفاق أوسلو وملحقاته، ودائما سكتت على الشروط الإسرائيلية لاستثناء بعض فئات المعتقلين وخاصة معتقلي القدس والداخل.
الاحتلال تاريخيا كان يضع شروطا عنصرية وتعسفية وتمييزية مثل استثناء أسرى القدس والداخل المحتل عام 1948، والأسرى الذين يدعي أن على أيديهم دم يهودي. لكن المقاومة استطاعت كسر هذه المعايير في السنوات الأخيرة، وخاصة الأسرى المحكومين بالمؤبدات واسرى القدس. هذه المرة وضع الاحتلال ثلاثة استثناءات هي: رموز الحركة الأسيرة، والأسرى المدانون بقتل أطفال – حكومة إسرائيل وقادتها هم أصحاب الرقم القياسي في قتل الأطفال على مستوى عالمي خلال العقود الحديثة- ، والأسرى الذين امضوا اقل من 10 سنوات، في جميع الأحوال الاحتلال يخالف المبادئ التي جرى التوافق عليها مع الوسطاء، ولذلك نحن إزاء خرق جسيم وعلى الدول الوسيطة أن تستغل وزنها وثقلها لإنقاذ سمعتها والاتفاقات التي رتبت لها
يوجد تغيير في معايير من خلال لجان خاصة شكلتها الحكومة الإسرائيلية تباعا بعد كل صفقة، وخلصت إلى توصيات غير معلنة في الغالب، ولكن بعضها تسرب للصحافة ومن أهم التبدلات عدم مبادلة جثث بأسرى أحياء، ومحاولة خفض الثمن ما أمكن، الموضوع لا يرتبط فقط بالأسرى والتبادل، بل بالتوحش وفظاعة حرب الإبادة والتهجير والتدمير التي استهدفت شعبنا وأرضنا في غزة ولذلك لا ينبغي عزل معادلة التبادل عن أهداف حرب الإبادة، كما أن موضوع معايير التبادل ليست معزولة عن أهواء حكومة نتنياهو ومركباتها الفاشية التي راينا بعض وزرائها يفرغون أحقادهم وسمومهم في الأسرى وقادة الحركة الأسيرة.
رفض الإفراج عن القادة الوطنيين يؤكد أن المعركة مع هذا الاحتلال ما زالت طويلة وشاقة، قدر الشعب الفلسطيني وقياداته أن نواجه اشرس احتلال وأحقر قيادات فاشية صهيونية لا تتورع عن ارتكاب أبشع الجرائم ضد الأطفال والنساء وسائر المدنيين، وهي التي اغتالت مئات القادة حتى الآن، معركة طوفان الأقصى رغم صعوبتها ونتائجها المؤلمة والدامية بخسارة حياة عشرات الالاف من شعبنا، ليست خاتمة المعارك، بل هي جولة انتهت بإفشال مخطط التهجير والاقتلاع، لكن معركة الحرية والاستقلال والتحرير ما زالت طويلة طالما ان شعبنا يرفض الاستسلام والإذعان.
أظن أن مكانة القادة في وجدان شعبهم تتأكد وتترسخ عند استثنائهم، استثناؤهم يؤكد أنهم كانوا وما زالوا هدفا للإجراءات الانتقامية الإسرائيلية، ودولة الاحتلال رضخت لمطالب الإفراج عن مئات الأسرى، واحتفاظها بقادة الحركة الوطنية لا يخص الحركة الأسيرة وحدها بل يخص عموم الحركة الوطنية لشعبنا والنظام السياسي الفلسطيني، ولذلك فإن مواصلة الضغط للإفراج عن القادة هي مسؤولية كل الحركة الوطنية، ولا يمكن تحميلها لقيادة المقاومة في غزة وحدها وهي التي كان هدفها الرئيسي وقف المقتلة وحماية شعبنا والتصدي لمخطط التهجير.
ولا شك ان استثناء القادة الأسرى يترك غصة في نفس كل وطني فلسطيني، لكن ذلك ينبغي ألا يدفع للإحباط أو التشكيك في نيّات المفاوض الفلسطيني الذي توصل إلى هذه الصفقة، بل يجب أن يحفزنا على مواصلة الجهود وإطلاق حملة عالمية للمطالبة بالإفراج عن قادة شعبنا وفي مقدمتهم القائد أحمد سعدات والقائد مروان البرغوثي والقائد عاهد ابو غلمي وعباس اليد وعبد الله البرغوثي وحسن سلامة وإبراهيم حامد ورفاقهم الذين جرى استثناؤهم.

مواصلة النضال بكافة السبل الجماهيرية والقانونية والسياسية والدبلوماسية والضغط على مراكز القرار العربية والفلسطينية لحظر وتجريم اي علاقة أو معاهدات مع الاحتلال دون الإفراج عن القادة الأسرى وجميع الأسرى والأسيرات في سجون الاحتلال.
*نص مقابلة مع مجلة الهدف الفلسطينية

#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          

---

ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل