أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نهاد ابو غوش - انقِلاب الصّورَة: كَيفَ تَحَوَّلَت فِلِسطين إلى رَمزٍ قِيَميّ عالَمي؟














المزيد.....

انقِلاب الصّورَة: كَيفَ تَحَوَّلَت فِلِسطين إلى رَمزٍ قِيَميّ عالَمي؟


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 8483 - 2025 / 10 / 2 - 21:43
المحور: القضية الفلسطينية
    


نهاد أبو غوش
مَع اكتمال العام الثّاني من حرب الإبادة والتدمير والتهجير، التي تَشنّها إسرائيل ضدّ الشعب الفلسطيني في غَزة ويَجري مَدُّها بالتّدريج إلى الضّفة، وما اقترفَته من جرائم حرب وجرائم ضدّ الإنسانية، علاوة على كُبرى الجرائم وهي جَريمة الإبادة الجَماعيّة (Genocide)، يُبشّر قادةُ إسرائيل جمهورَهم بأن العامَ القادم هو عامُ حَرب وقتال مثلما أكد رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو مرارًا وتكرارًا بقوله: إن الحرب لن تتوقف حتى تَحقيق أَهدافها الكاملة والنَّصر السّاحق، وتَلاه رئيس الأركان إيال زامير في خِطاب لِجُنوده لمناسبة رأس السَنة العبريّة الجَديدة. تتكرَّر هذه التأكيدات على استمرار الحَرب على الرّغم من إدراك معظم الإسرائيليين بأن هذه "الانتصارات التَّكتيكيّة" تقود حتمًا إلى "هَزيمة استراتيجية"، وأنّ إنجازات نتنياهو هي في الحقيقة خَسائر مؤكَّدة لإسرائيل، في ضَوء فشَلها في تحقيق أهداف الحَرب المعلَنَة، واتّساع مَوجات التّضامن الدوليّة العارِمة مع الشعب الفلسطيني وحُقوقه الوطنيّة، المندِّدة بالسّياسات الإسرائيلية، التي قادَت إلى عُزلة غَير مَسبوقَة في تاريخ إسرائيل، عُزلة آخذة في الاتساع يومًا بَعد يوم، وتُنذر بموجات متلاحِقة من العقوبات الرسميّة والشعبيّة ضد إسرائيل.
ليسَت هذه الجرائم أمرًا مُستحدثًا في الحروب الإسرائيلية، ولا تدابيرَ اضطراريّة لجَأت إليها دولة الاحتلال لافتقارها لوسائل أُخرى من أَجل قَهر أعدائها. فأيّ متابِع للتاريخ العسكري لإسرائيلي سيجِد أن المَجازر كانت دائمًا أسلوبًا معتمدًا في تَنفيذِ السّياسات وتحقيق أَهداف الرَّدع. حَصل ذلك قَبل إنشاء الدولة على أيدي عصابات "ليحي" و"ايتسيل" و"الأرغون"، ثم جَرى اعتمادها في كلّ الحروب التي خاضتها إسرائيل لاحقًا، وما أكثرها! بل استخدَمَتها حتى في أوقات السّلم إنْ وُجِدَت، وفي المَعارك بين الحُروب. وأمامَنا سلسلة لا تَنتهي من الأدلّة على ذلك: دير ياسين والطنطورة واللد والدوايمة وسحماتا خلال النكبة (1948)، وقبية (1953)، وخان يونس (1956) وكفر قاسم (1956)، والمَجازر ضدّ مئات الأسرى المصريّين خلال حرب 1967، وكفر أسد/ الأردن (1968)، وبحر البقر/ مصر (1970)، والطائرة الليبية (1973)، وصبرا وشاتيلا (1982)، وحمام الشطّ/ تونس 1985، وقانا/لبنان (1996) وصولًا إلى المجازر اليوميّة خلال الحَرب الحاليّة على قطاع غزة.
واصَلَت إسرائيل ارتكاب المَجازر وهي مطمئِنّة إلى أنّها في حِلّ من أيّ محاسَبة أو مساءَلة طالما أنّها محميّة من إدارات الولايات المتحدة، وأنّها قادرة على إِخماد صَوت الضحايا كما أَخمدت أنفاسَهم وأرواحَهم. ثمّ أنّها قادرة على تزييف الرّوايات وفَبْركتها، ومواصلَة احتكار دور الضحيّة وصورتها التي تَستجلب عطفَ العالم الغربي وتضامُنه، وحتى تفهّمه لما يسمّى "حقّ إسرائيل في الدّفاع عن نفسها" وما يُمليه ذلك من ضَرورة الحِفاظ على تفوّق إسرائيل العسكري على جيرانها، حتى لا يتكرّر ما حصل في "الهولوكست".
لكنّ الحَرب على غزَة قَلَبَت الصّورة رأسًا على عقب، وباتَ العالَم يرى أن إسرائيل ليست تلك الدولة الناعِمة الوديعة التي تنشُد السلام، وتوفّر ملاذًا آمنًا لضحايا المحرَقة، بل هي وَحش يعتاش على الحُروب، وتَقطِر يَداه وأسنانُه دمًا. وتَتباهى إسرائيل ليلَ نهار بفائضِ القوة التي تَملكها وبالحروب التي تَخوضها على سبع جبهات على الأقل، وبأنّ يَدَها الطويلة قادرة على الوصول إلى أيّ هَدَف.
تضافَرَت عوامل عدّة في إحداث التّغيير، أبرزها الصّمود الأسطوري للشعب الفلسطيني، ونَمَط مقاومَته النّابعة من إِرادة الناس، والّتي تَخْلق من العَدَم وسائل وأَدوات مبتكَرة لمواجهة المحتلّ، ولا تَعرفُ للاستسلام سبيلًا. هذا إلى جانب حَجم الفَظائع الإسرائيلية ونوعيّتها وتِكرارها اليوميّ على امتداد أكثر من 725 يومًا، والخِطاب الاستعلائيّ المشبَع بالعنجهيّة والغطرسة، إلى افتِضاح زَيف النّظام الدولي القائم، واختلال موازينه، وازدواجيّة معاييره. ثمّ ما أتاحَته ثورة الاتصالات والإعلام الجديد من إمكانيات لنقل الأحداث من قَلب جحيم غزة إلى أرجاء العالم كلّها خلال ثوانٍ معدودة، وهكذا تعرّف العالَم على قصصٍ وحِكايات مِثل قصّة هند رجب، والطبيبة آلاء النّجار وأطفالها، ومسعفي "الهلال الأحمر" والدفاع المدني، و"روح الروّح"، وقوافل الصحافيين والطواقم الطبيّة، وعشرات آلاف الأطفال المُجوّعين، وغيرهم وغيرهم.
ساهَمَ ما سَبَق كلّه في تحوّل قضيّة غزة وشعبها إلى قضيّة للعالَم بأَسره، كَرَمز للظّلم الفادح، وقَسوة الإِنسان والسّياسة، وبشاعَة النّظام الدّولي، وعَجْز مؤسَّساته عن وَقف الحَرب وحِماية الضّحايا. ولَدى الحَديث عن العَجز والتّخاذل تَجدر الإشارة إلى عَجز النّظام العربي بمؤسساته كلّها، حيث فَشِل العرب في إدخال أبسط مقوّمات الحياة إلى غزة، بل حافَظَت بعض الدول العربيّة على علاقاتها السياسية والتجارية والأمنية مع إسرائيل في أَسوأ ظروف حرب الإبادة.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تصريحات عباس زكي الرافض لخطة ترامب والرد عليها
- دلالات الإضراب العالمي عن الطعام في أكثر من 100 مدينة
- عن اغلاق الجسر وسياسات العقاب الجماعي
- إسرائيل ومشاريع تفتيت سوريا
- عن إغلاق الجزيرة وتحطيم صورة شيرين
- مخططات تغيير الوضع القائم في القدس والمسجد الأقصى
- عنف المستوطنين مكوّن رئيسي لعنف دولة الاحتلال
- مستقبل غزة
- خطاب نتنياهو: رقم قياسي في الأكاذيب
- السيطرة على معبر مدخل إسرائيل للتحكم في مستقبل غزة
- شهادات إسرائيلية ضد الحرب وفظائعها
- حوار الفصائل الفلسطينية في بكين وربع الكأس الملان
- نتنياهو بضع العصي في دواليب الصفقة
- غموض اقتراح نتنياهو للصفقة وموقفه الفعلي منها
- قرارات العدل الدولية بشأن فلسطين
- الاحتلال : من مصدر قوة إلى عبء على إسرائيل
- نتنياهو ليس معنيا بتقديم هدايا لبايدن
- خلافات نتنياهو وقيادات جيشه (2 من 2)
- عن خلافات نتنياهو وقيادات الجيش الإسرائيلي (1 من 2)
- غطرسة إسرائيل واستخفافها بأدوات القانون الدولي


المزيد.....




- ماذا قال بوتين عن نجل مسؤول بـCIA مات في أوكرانيا خلال القتا ...
- أول تعليق لأمريكا بعد اعتراض إسرائيل لـ-أسطول الصمود-
- إسرائيل تواجه إدانات دولية عقب اعتراضها -أسطول الصمود العالم ...
- بعد الاشتباه بارتباطه بـ-أسطول الظل- الروسي.. قبطان ناقلة ال ...
- ما خيارات إيران المتاحة للرد على العقوبات الأممية؟
- الاحتلال يقتل أبا وأبناءه الأربعة ويواصل استهداف المجوّعين ب ...
- فرنسا تعتقل 100 مناصر لغزة وألمانيا تحاكم أشخاصا بتهمة العما ...
- قيادي بحماس: ردنا على خطة ترامب لن يتأخر ولا نقبل التهديدات ...
- الحرب على غزة مباشر.. غارات عنيفة على القطاع وحماس تعد برد ق ...
- بعد العنف: -جيل زد- يشدد على السلمية وأخنوش يفتح باب الحوار ...


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - نهاد ابو غوش - انقِلاب الصّورَة: كَيفَ تَحَوَّلَت فِلِسطين إلى رَمزٍ قِيَميّ عالَمي؟