نتنياهو بضع العصي في دواليب الصفقة

نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)

الحوار المتمدن-العدد: 8048 - 2024 / 7 / 24 - 13:04
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

نهاد أبو غوش
أغرب ما في العرض الذي قدمه الرئيس الأميركي بايدن عن الاقتراح الإسرائيلي، هو دعوته لإسرائيل للموافقة على الاقتراح! وكأن الاقتراح لم يكن إسرائيليا، وأن الحكومة الإسرائيلية لم تسمع به، عرض بايدن وتفسيرات الموقف الاسرائيلي الملتبس من الاقتراح يحمل عدة وجوه أبرزها أن نتنياهو سبق له أن نكث وعوده وموافقاته السابقة في ثلاث مناسبات على الأقل، أو أنه سيواجه مقاومة عنيدة من قبل وزراء اليمين المتطرف وبالأخص الوزيران بتسلئيل سموتريتش وايتامار بن جفير، وهذا ما أفصح عنه بايدن بصراحة ودون مواربة، وما ثبت لاحقا في تصريحات قادة اليمين المتطرف، بما في ذلك بعض قادة الليكود، الذين أعلنوا أنهم إما سيغادرون الحكومة وإما سيعملون على تفكيكها.
لم تبتعد الصيغة التي عرضها بايدن كثيرا عن صيغة الاقتراح الذي وافقت عليه حماس ورفضه نتنياهو في أواخر نيسان الماضي، ويكاد الاقتراح الجديد يكون مطابقا لما سبقه، لكن الجديد هو التحولات في الميدان والتطورات العالمية التي لم يكن معظمها في صالح إسرائيل وخاصة توصية مدعي عام الجنائية الدولية كريم خان لإصدار مذكرات اعتقال بحق كل من بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف جالانت، ، ثم قرار العدل الدولية، والاعترافات الاوروبية المتتالية بالدولة الفلسطينية، ثم الوقائع الميدانية وقدرة المقاومة على مواصلة التصدي لقوات الاحتلال في كل مناطق قطاع غزة، علاوة على تفاقم الخلافات الداخلية الاسرائيلية مثل الأزمة مع غالانت وبعدها مع غانتس، وكذلك استمرار التصعيد على الجبهة الشمالية ومع جبهة اليمن وخطر تحول هذا التصعيد إلى حرب إقليمية شاملة لا تبدو إسرائيل مستعدة لها بما يكفي.
إذن لم تتغير عوامل كثيرة خلال ثلاثة شهور ماطل فيها نتنياهو وتعمد إطالة أمد الحرب، وإن لم تكن المعطيات والنصوص الموجودة في الاقتراحات كافية يعمد نتنياهو لوضع العصي في دواليب الصفقة ولاختراع أسباب وشروط تعجيزية لإحباطها إما بالحد من صلاحيات وفده المفاوض، أو التشدد اللفظي والفعلي، أو تقديم تفسيراته المتعسفة وكأنه يطالب المقاومة الفلسطينية لإعفائه من الرفض وأن تقوم هي برفض الصفقة، وهو يفعل كل ذلك لسببين رئيسيين هما أنه لا يرغب في تقديم أي جائزة أو مكافأة لإدارة الرئيس بايدن يستثمرها هذا الأخير في حملته الانتخابية ( الآن حملة الحزب الديمقراطي بعد تنحي بايدن)، والثاني لأن إطالة أمد الحرب تعني تلقائيا وبالضرورة وقف القتال لعدة اسابيع (ستة أسابيع حسب الاتفاق وربما أكثر إذا مدد وقف اطلاق النار وجرى الانتقال للمرحلة الثانية) وهذا سيشدد الضغط على نتنياهو لإجراء انتخابات مبكرة في ظل ارتفاع نسبة الداعين للانتخابات المبكرة (أكثر من 72 بالمئة وفق الاستطلاعات) والتشكيك في أهلية نتنياهو لقيادة الجيش فضلا عن إدارة شؤون الدولة.
تقديرات المحللين الإسرائيليين أن بايدن حشر نتنياهو في زاوية يعصب الإفلات منها كما في كل مرة، ومبادرة بايدن لعرض الخطة بنفسه (وكان يمكن أن يعرضها بلينكين أو سوليفان وخاصة وليام بيرنز المشارك في المفاوضات) تعني أن الرئيس الأميركي يرمي بكل ثقله وراء الاقتراح، كما أن من المرجح أن بايدن طوّر الاقتراح، ووضع لمساته وبصماته عليه، أو اختار منه ما يناسبه وأهمل ما لا يناسبه، وزاد عليه بعبارات تشرح وتبين فوائد الاقتراح وتشير إلى أزمات إسرائيل بعد الحرب وما طرأ على مكانتها الدولية.
وإذا كان بنيامين نتنياهو برع في تلغيم الاتفاقات السابقة، وتفجيرها عند الحاجة، فيبدو أن ذلك سيكون صعبا في المرحلة الأولى، ولكنه ممكن بين المرحلتين وخاصة أن ثمة نوعا من الإبهام وعدم اليقين بشأن استمرار فترة التهدئة (طالما استمر التفاوض) بين المرحلتين الأولى والثانية، وكثير من المسؤولين الإسرائيليين وبينهم جنرالات في الاحتياط وحتى الوزير آيزنكوت عضو مجلس الحرب يؤكدون أن إسرائيل قادرة على اختراع أي سبب لاستئناف الحرب متى شاءت.
تهديدات بن جفير وسموتريتش لن تكون حاسمة، علاوة على أن تهديداتهما ليست بعيدة عما يريده نتنياهو، فشبكة الأمان جاهزة من قبل كل من يائير لابيد (24 مقعدا) وبيني غانتس (8 مقاعد حاليا)، لكن لكل شيء ثمن، وثمن مثل هذه الشبكة هو الاتفاق على موعد لانتخابات مبكرة، لكن نتنياهو قطعا لن يضع مصيره في أيدي لابيد ولا غانتس.
ثمة اعتبار آخر لا يجري الحديث عنه حاليا ولكنه حاضر في خلفيات النقاش حول مستقبل نتنياهو وحكومته وهو أن نتنياهو يمكن أن يغادر في حال إبرام صفقة حول مستقبله الشخصي تعفيه من المحاكمة والسجن، وهي محاولات بدأت بين محامين من طرف نتنياهو والنيابة، وقطعت شوطا وانحصر الخلاف فيها بشأن اعتراف نتنياهو بالذنب ما يمكن أن يلحق العار باسمه، او اعترافه بالاهمال والتسبب في اخطاء غير مقصودة.

#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات