أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - إسرائيل ومشاريع تفتيت سوريا














المزيد.....

إسرائيل ومشاريع تفتيت سوريا


نهاد ابو غوش
(Nihad Abughosh)


الحوار المتمدن-العدد: 8299 - 2025 / 4 / 1 - 02:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


بقلم: نهاد أبو غوش
على الرغم من الطابع غير الدموي للحدث السوري الذي أطاح بالنظام الحاكم من دون قتال تقريبا، وأدى لانهيار الجيش وفرار الرئيس، وسيطرة مجموعات "معارضة إدلب" وأبرزها هيئة تحرير الشام (نواتها جبهة النصرة/القاعدة برئاسة ابو محمد الجولاني) على مقاليد الأمور، إلا أن معظم المتابعين والمراقبين يصفون الحدث المفاجئ بأنه زلزال عاصف ستكون له تأثيرات كبيرة على المعادلات الإقليمية والدولية. وتداعيات بعيدة المدى تؤثر على كل المتصلين بالشأن السوري، بين هؤلاء دول وقوى نشطت فعليا على الساحة السورية كالولايات المتحدة وروسيا وتركيا وإيران وإسرائيل وحزب الله، بالإضافة لدول الجوار. وإذا كان التكهن بسير الأحداث المستقبلي صعبا فمن السهل رؤية أن سوريا باتت على مفترق طرق مصيري يفتح على احتمالات عديدة متناقضة أفضلها أن تواصل سوريا السير على طريق التحولات الديمقراطية التي تبني دولة الكرامة والحريات والمواطنة في سوريا الجديدة الموحدة، أو على العكس قد تستبدل طاغية بطاغية، أو تفضي إلى الأسوأ وهو الدخول في حالة من التآكل والاحتراب الداخلي والتدمير الذاتي.
من بين القوى الدولية، ثمة من هم خاسرون بشكل مؤكد وأبرزهم روسيا وإيران وحزب الله، وهناك من دفعوا إلى تشكيل هذا الوضع الجديد، ويسعون إلى استثماره لصالحهم وأبرزهم الولايات المتحدة وتركيا وإسرائيل. وإذ تحاول هذه الأطراف الاستفادة من التطورات إلى أقصى حد، يبرز دور إسرائيل بأطماعها التوسعية والاستيطانية، وسعيها إلى أن تكون لاعبا رئيسا في رسم مستقبل سوريا التي كانت حتى الأمس القريب ألد أعداء إسرائيل.
لم تنتظر إسرائيل انجلاء الأمور حتى تحدد اتجاهات سياساتها تجاه سوريا الجديدة، فسارعت إلى تدمير قدرات الجيش السوري، وهي مقدرات للشعب السوري بالطبع، وليست للنظام السابق، فدمرت أكثر من 85% من الطائرات والمطارات والمصانع العسكرية وأنظمة الدفاع الجوي، ومستودعات الأسلحة ومراكز الأبحاث. وسارعت إلى احتلال المنطقة العازلة (اي الجزء السوري المحرر من هضبة الجولان) ثم وسعت اجتياحها ليشمل أجزاء إضافية في محافظات ريف دمشق والقنيطرة ودرعا بحيث باتت تتحكم بطريق دمشق بيروت من جهة، والطرق الداخلية في لبنان وبخاصة طريق البقاع الجنوب.
تريد إسرائيل إذن إلى تحويل سوريا إلى دولة منزوعة السلاح، ومنزوعة السيادة، وهي تدعي بان سيطرتها على الأراضي السورية إجراء مؤقت خشية وقوع هذه المناطق في أيدي جهات متطرفة، لكن من يعرف إسرائيل وتاريخها يدرك أن هذا "المؤقت" قد يتحول إلى دائم، وسوف يستخدم دائما كاداة ابتزاز لانتزاع تنازلات سياسية واستراتيجية.
إلى جانب التدمير والاحتلال الجديد، شرعت إسرائيل في مغازلة بعض مُكوّنات المجتمع السوري، وبخاصة الدروز والأكراد، فزعمت بأنها معنية بحماية دروز سوريا وتجري اتصالات معهم من خلال دروز إسرائيل ( اللافت أنها لم تحاول ذلك من خلال دروز الجولان المتمسكين بهويتهم العربية السورية والرافضين لكل سياسات الاحتلال وإجراءاته).
وتكشف هذه الاتصالات والنزعات عن مشروع إسرائيل القديم الجديد، بتفتيت دول المنطقة إلى دويلات وكيانات طائفية ومذهبية وإثنية، وهو مشروع سبق ان تبنّته، إسرائيل، وشجعته عمليا، في سبعينات القرن الماضي بدعم فكرة تقسيم لبنان إلى كانتونات مارونية وشيعية وسنية ودرزية، لكن هذا المشروع دُحر عمليا من معظم فئات الشعب اللبناني بإسقاط اتفاق 17 أيار، ثم تحرير الجنوب اللبناني.
تدعم إسرائيل أيضا تقسيم العراق، سواء تجسد ذلك بتقسيم رسمي أو فعلي، وهي الآن أمام فرصة دعم خيار التقسيم في سوريا وتعزيز النزعات الانفصالية من خلال تخويف الأقليات من هيمنة الطائفة الكبرى ( السنة).
لماذا تدعم إسرائيل خيارات التقسيم والتفتيت؟
إسرائيل لا تخفي رغبتها في تقسيم دول الجوار، بما في ذلك دعم فصل سيناء عن مصر، وسبق لها أن دعمت انفصال جنوب السودان، والهدف هو إضعاف كل الكيانات الوطنية في ما تعتبره إسرائيل "المجال الحيوي" لها، إلى ذلك لإسرائيل عدة أهداف من مخطط التفتيت ومن بينها:
• وجود كيانات طائفية ومذهبية وعرقية في محيط فلسطين يجعل من وجود "دولة يهودية" أمرا طبيعيا منسجما مع محيطها، بل ستجعل إسرائيل القوة الرئيسية التي تتحكم في الإقليم دون اي منافس.
• تفتيت سوريا يدفع إلى سقوط الجولان كثمرة سائغة في حضن إسرائيل التي ستطمع على الأرجح في قضم مزيد من الأراضي.
• دخول الكيانات الطائفية في حروب ونزاعات مما سيضعفها جميعا، ويصرف نظر شعوب المنطقة عن الخطر الإسرائيلي.
• أي أزمات جديدة في المنطقة ستدفع إلى تهميش القضية الفلسطينية، وتمكّن إسرائيل من الاستفراد بالفلسطينيين وتحويل القضية الفلسطينية إلى شان داخلي إسرائيلي لا يهم أحدا.
• تقويض النظام الإقليمي القائم، أي المنظومة العربية وعنوانها جامعة الدول العربية، واستبداله بنظام إقليمي جديد تندمج فيه إسرائيل وتهيمن عليه بحجة مواجهة الخطر الإيراني أو أي خطر آخر يجري افتعاله.
من المؤكد أن المشيئة الإسرائيلية ليست قدرا محتوما بالنسبة لشعوب المنطقة، فقد سبق للشعب اللبناني أن أفشل مخططات التقسيم، والشعب السوري قادر بالطبع على إحباط ذلك حيث أن سوريا الحديثة قامت على رفض محاولات الانتداب الفرنسي إنشاء كيانات طائفية في عشرينات ثلاثينات القرن الماضي، والشعب السوري بكل فئاته يذكر بكل اعتزاز الثورات التي قادها سلطان الأطرش (الدروز/جبل العرب) وابراهيم هنانو (حلب) والشيخ صالح العلي (جبال العلويين) وكلها قامت ضد التقسيم ودعما للوحدة، كما أن الشعب الفلسطيني قادر على إحباط محاولات تصفية قضيته إذا وحّد صفوفه وأحسن إدارة طاقاته الكفاحية، علاوة على أن مشروع التفتيت والتقسيم الإسرائيلي منافٍ لروح العصر ولمصالح الشعوب، لكن هذه المخططات تظل خطيرة وبخاصة بسبب الإرث الثقيل للشعوب العربية من أنظمة الاستبداد التي فشلت في كل شيء وبشكل خاص في بناء الدولة الوطنية الحديثة، دولة الحرية والازدهار والكرامة لكل المواطنين.



#نهاد_ابو_غوش (هاشتاغ)       Nihad_Abughosh#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عن إغلاق الجزيرة وتحطيم صورة شيرين
- مخططات تغيير الوضع القائم في القدس والمسجد الأقصى
- عنف المستوطنين مكوّن رئيسي لعنف دولة الاحتلال
- مستقبل غزة
- خطاب نتنياهو: رقم قياسي في الأكاذيب
- السيطرة على معبر مدخل إسرائيل للتحكم في مستقبل غزة
- شهادات إسرائيلية ضد الحرب وفظائعها
- حوار الفصائل الفلسطينية في بكين وربع الكأس الملان
- نتنياهو بضع العصي في دواليب الصفقة
- غموض اقتراح نتنياهو للصفقة وموقفه الفعلي منها
- قرارات العدل الدولية بشأن فلسطين
- الاحتلال : من مصدر قوة إلى عبء على إسرائيل
- نتنياهو ليس معنيا بتقديم هدايا لبايدن
- خلافات نتنياهو وقيادات جيشه (2 من 2)
- عن خلافات نتنياهو وقيادات الجيش الإسرائيلي (1 من 2)
- غطرسة إسرائيل واستخفافها بأدوات القانون الدولي
- ظروف مروّعة يتعرض لها آلاف الأسرى الفلسطينيين
- عن الصفقة وخلافات نتنياهو مع قيادة الجيش
- إسرائيل دولة على أعتاب الفاشية
- الضغط على الشعب انتقاما من المقاومة


المزيد.....




- -قبل وبعد.. نحبك-.. أولاد الأمير ويليام يهنؤونه بعيد الأب
- حقيقة الفيديو المنسوب إلى تساقط صواريخ إيرانية على إسرائيل
- مسؤول أمريكي لـCNN: ترامب رفض خطة إسرائيلية لاغتيال المرشد ا ...
- صراع إيران وإسرائيل.. شاهد فوضى وأعمدة دخان بمناطق مكتظة بال ...
- نتنياهو يعلن تصفية رئيس الاستخبارات الإيرانية ونائبه
- إسرائيل وإيران: هل تتحول المواجهة بينهما إلى حرب مفتوحة؟
- أقارب مقاتلي -داعش- الألمان يطالبون بإعادتهم من سوريا
- أردوغان لترامب: هناك حاجة إلى تحرك عاجل لوقف التصعيد بين إير ...
- إسقاط مسيّرتين إسرائيليتين في سماء محافظة زنجان الإيرانية (ص ...
- وزير الخارجية المصري يبحث مع ويتكوف الحد من التصعيد بين إسرا ...


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نهاد ابو غوش - إسرائيل ومشاريع تفتيت سوريا