أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي ابراهيم فودة - القيامة التي قامت... وانطفأت على رقمٍ بائس














المزيد.....

القيامة التي قامت... وانطفأت على رقمٍ بائس


سامي ابراهيم فودة

الحوار المتمدن-العدد: 8494 - 2025 / 10 / 13 - 10:23
المحور: القضية الفلسطينية
    


ثمرة كلّ هذا الدّم والركام: 250 أسيراً — هل هذه هي النهاية

لم تقُم القيامة في غزة لتُختصر نتيجتها في رقمٍ حقير يُعلن على شاشات الفخر والتمجيد: 250 أسيراً. لقد سُحِقَت المدن، وانهارت البيوت فوق ساكنيها، وذاب الصبر أمام طوابير الجوع، وسُحِقت الكرامة على الأرض — ثم يُقدَّم هذا الحساب كـ"انتصار". أيُّ تبريرٍ أقبح من هذا؟ وأيّ قانون أخلاقي يسمح بأن يُصبح دم الشعب ورماده ورقةً للتبادل والمهانة؟

ما بين القيامة والصفقة: خيانة أم فشل استراتيجي؟

ليست مجرد صفقة تفاوضية؛ إنها مأساة سياسية وأخلاقية. عندما تُقدَّم معاناة شعب على طاولة المساومات، فإن المسؤولية لا تقف عند حدود الأخطاء التكتيكية، بل تتعدّاها إلى خانة الخيانة.
قادة يقفون أمام الناس بكمائم الكلمات النظيفة، وكأن مهمة قيادة الحرب كانت عرضاً تلفزيونياً يمكن قطعَه وتغليفه بشعارات براقة. أما الواقع فقد كان ميداناً من الحفر: شهداء وجرحى ونازحون ومآسٍ إنسانية. ثم تأتي النهاية المعلنة: 250 أسيراً — وكأن شيئاً لم يكن!

حساب الدم: لا توازن بين الحريق والرقم

لا يجوز أن نقارن بين «حجم الدمار» و«حجم الرقم المُعلَن» وكأنَّ هناك مقياساً واحداً للإنجاز. إنجاز يعادله حيّ واحد، أو طريق يعود إليه طفلٌ، أو مسكنٌ لأسرة — هذه مقاييس لا تُقاس بأرقام تُبثّ على الهواء.
أما الأخطر فهو أن هذه النتيجة تُشرعن لفرضيةٍ سياسية خطيرة: أن الدم يمكن ترويجه ورقماً يُوظَّف إعلامياً لصياغة واقعٍ جديد. واقعٌ يجعل من غزة تابعيةً سياسيةً، ومن قضيتها فِتاتاً يُتنازع عليه أطراف لا تبالي بأوجاع الناس.

عن الوساطات والوسطاء: لماذا كل هذا؟

هل كانت الوساطات والوسطاء من أجل إنقاذ الشعب أم من أجل إعادة تشكيل مشهدٍ جيوسياسي؟ عندما يستدير ملف القضية ليجد مَن يوقّع عليه باسم الشرق والغرب، فإن السؤال الأخطر هو: من استفاد؟
الوسطاء الذين تباروا أمام الكاميرات لم يأتوا للكرامة، بل جاءوا لتثبيت مصالحهم. والشعب؟ سيبقى يُحصّي خسائره ويعيد بناء ما تبقّى من حياته بأيدٍ خاليةٍ من السلطة والرعاية.

أين الأقصى في هذا الحساب؟ وأين الكرامة؟

إذا كانت الحرب "من أجل المسجد والمقدسات"، فأين بندٌ واحد في الاتفاق يضمن حمايتها من اقتحامات المستوطنين؟ إن لم يكن هناك بندٌ واحدٌ يُعيد للمقدس هيبته، فماذا إذن كان الهدف الحقيقي؟ أصبحت الشعارات الكبيرة ذريعةً لارتكاب أصغر الحماقات: التفريط بالوطن تحت غطاء الوطنية.

الرسالة الردعية: محاسبة وليس تسامحاً ساهراً

لن يكون الصمت خياراً مقبولاً. إن كان هناك درسٌ وحيدٌ يفرضه هذا المشهد فهو: محاسبة القادة والمسؤولين عن الحسابات التي تُدفع بها دماء الناس.
ليست المحاسبة بدعوةٍ للعنف، بل بمطالبةٍ جماهيريةٍ شفافة:

كشف الحسابات والإفصاح عن تفاصيل المفاوضات.

مساءلة من اتخذ قرارات الحرب والهدنة.

إعادة بناء هيكل قيادةٍ يضع مصلحة الناس فوق التفاهمات الدولية والسياسات الخارجية.
هذه محاسبة وطنية، ليست انتقاماً؛ هي استرداد للكرامة وطوق نجاة أمام المزيد من التنازل.

في ختام سطور مقالي : غزة تستحق أكثر من رقمٍ بائس

تم الإفراج عن 250 أسيراً — نعم. لكن غزة، التي أُخذ منها الحياة وتركها الناس لتسابح موجةً من الخيبة والعوز، تستحق أكثر بكثير من إعلانٍ يُمحى بصورٍ وشعارات.
إنّ كلّ من صمت أو تواطأ أو نصب نفسه متحدثاً باسم الدم دون أن يقدّم حساباً حقيقياً، سيكون أمام سؤالٍ أخلاقيٍ وتاريخي لا يرحم.
غزة لم تُخلق لتُباع في سوق التفاهمات، بل تبقى الحكاية التي لا تموت؛ ونحن، أهلها وكل حيٍّ حرٍّ، مطالبون بحمايتها من كل من يستخدمها ستاراً لصفقات تُهدر الكرامة.



#سامي_ابراهيم_فودة (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القصيدة.. -ملوك الحرية-
- عامان على النكبة الجديدة… غزة بين الرماد والرجاء
- حين تأخّر الرد… دفعت غزة الثمن: قراءة في مناورة -حماس- أمام ...
- -غزة على صفيح المراوغة: دماء الشعب تُقايض على الطاولة السياس ...
- غزة… في قفص الاتجار والمتاجرة
- لا للغراب دليلًا… لا للخراب مصيرًا
- غَزَّةُ الحُذاءُ الّذي صَفعَ السُّكون
- بين تعطيل الدبلوماسية وتصنيع المبررات لابتلاع الضفة
- عنوان القصة: بيسان فياض… الفتاة التي دفنوها وهي تنبض بالحياة
- -أبو وديع.. وداع الدمعة والخلود
- على هذه الأرض… من لا يستحق الحياة
- أبو علي طانيوس… رحيل القامة التي حملت فلسطين في قلبها-
- سماسرة القبور… عارٌ على شرف الوطن
- انهيار السلطة… حلم الأبالسة وكابوس الشعب
- حماس بين فكّ الارتباط العسكري والانهيار المحتوم… قراءة في ال ...
- حقائب المال ومسرحية الحصار: كيف تُدار المعايير المزدوجة بين ...
- منع الرئيس محمود عباس: تصعيد أمريكي واستحضار تجربة عرفات
- الولايات المتحدة... القاتل الصامت في مجلس الأمن
- الولايات المتحدة... الراعي الرسمي للإرهاب والقاتل الصامت في ...
- رهائن العدو: بين فقه الضرورة وواقعية الميدان


المزيد.....




- من القادة الذين سيحضرون قمة شرم الشيخ في مصر ومن سيغيب؟
- -سيبقى شخصان وسيكونان الأفقر-.. ترامب يتحدث عن مبالغ هائلة ل ...
- حماس تُعلن أسماء أربعة رهائن موتى تعتزم تسليم جثثهم الاثنين ...
- ما هو الشكل الأنسب لقوة حفظ السلام في غزة، وقواعدها في الاشت ...
- نتنياهو من الكنيست: السنوات المقبلة سنوات السلام.. وترامب ل ...
- فرحة ممزوجة بالتوتر: استقبال حاشد للسجناء الفلسطينيين المُفر ...
- آلاف يتجمعون في مزار فاطمة للحج الأخير لهذا العام
- ترامب والسيسي يترأسان قمة من أجل -السلام- في غزة بشرم الشيخ ...
- ترامب يؤكد من الكنيست الإسرائيلي بزوغ -فجر تاريخي لشرق أوسط ...
- لوموند: قراءة مع يزيد صايغ في نقاط قوة وضعف خطة ترامب بشأن غ ...


المزيد.....

- بصدد دولة إسرائيل الكبرى / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى أسطورة توراتية -2 / سعيد مضيه
- إسرائيل الكبرى من جملة الأساطير المتعلقة بإسرائيل / سعيد مضيه
- البحث مستمرفي خضم الصراع في ميدان البحوث الأثرية الفلسطينية / سعيد مضيه
- فلسطين لم تكسب فائض قوة يؤهل للتوسع / سعيد مضيه
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سامي ابراهيم فودة - القيامة التي قامت... وانطفأت على رقمٍ بائس