أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان - العقل الاستراتيجي الأميركي في سورية والمنطقة: شرعنة الانقسام باسم الاستقرار














المزيد.....

العقل الاستراتيجي الأميركي في سورية والمنطقة: شرعنة الانقسام باسم الاستقرار


أحمد سليمان
شاعر وكاتب في قضايا الديمقراطية

(Ahmad Sleiman:poet And Writer On Democratic Issues)


الحوار المتمدن-العدد: 8493 - 2025 / 10 / 12 - 04:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في المشهد السوري، تتجلى واحدة من أبرز المفارقات في السياسة الأميركية: واشنطن ترفع شعار وحدة الأراضي السورية، بينما ترسم بخطوط دقيقة خرائط الانقسام الميداني.
آخر تجليات هذه الازدواجية تمثّل في قانون تفويض الدفاع الوطني لعام 2026، الذي خصص عشرات الملايين من الدولارات لدعم تشكيلات محلية منفصلة عن مؤسسات الدولة، أبرزها ميليشيا "قسد" وما يُعرف بـ "جيش سورية الحرة" في قاعدة التنف.

هذه المخصصات لم تكن عشوائية؛ بل جاءت ضمن بنود دقيقة تشمل الرواتب، والتسليح، والتدريب، والصيانة، والدعم اللوجستي — وكل ذلك ضمن ميزانية دفاع أميركية تتجاوز 900 مليار دولار.
لكن خلف هذه الأرقام تقف سياسة ترسيخ الأمر الواقع لا تغييره. إذ بات تمويل الانقسام أداة دبلوماسية تستخدمها واشنطن لإبقاء الملف السوري في حالة "جمود قابل للإدارة".

ويزداد المشهد تعقيدًا مع تزامن هذه الخطوات مع زيارة رجل الأعمال الأميركي توماس باراك إلى دمشق، برفقة وفد على صلة بـ"قسد"، في وقت تتحدث فيه التسريبات عن ما يُعرف بـ "اتفاق 10 آذار" الذي يُحرّك في الظل منذ أشهر.
ورغم غياب التفاصيل الرسمية عن هذه الزيارة، إلا أنها تفتح الباب أمام تساؤلات جوهرية:
هل كانت محاولة لإعادة تسويق "قسد" كقوة قابلة للدمج في مؤسسات الدولة؟ أم خطوة لتكريس تقاسم النفوذ تحت غطاء "إعادة التوحيد"؟

باراك يجمع بين النفوذ المالي والسياسي، ويُعد من أبرز الشخصيات التي تمثل واشنطن في إدارة الملف السوري. يقود مساعي غير معلنة تهدف إلى دمج "قسد" ضمن مؤسسات الدولة السورية، في إطار مشروع يُراد له أن يوازن بين النفوذ الأميركي والروسي في الميدان. ويتم ذلك عبر تنسيق متشابك يشمل قنوات مع مسؤولين في دمشق، ومع ممثلين عن "قسد" في شمال شرق سورية، إضافة إلى وسطاء أتراك يسعون لتأمين موقع لأنقرة ضمن أي تسوية حدودية محتملة.

في جوهر المسألة، تطلب واشنطن من "قسد" الاندماج في مؤسسات الدولة، بينما تموّلها وتديرها ككيان مستقل.
فكيف يمكن لجسم يتلقى رواتبه من البنتاغون أن يصبح جزءًا من جيش وطني؟
وكيف يمكن الحديث عن "سورية موحّدة" بينما تُدار مناطقها بعقود مالية منفصلة وأوامر عملياتية مختلفة؟

بهذا النهج، تبدو واشنطن وكأنها تمسك بخيوط الجميع:
تفاوض مع دمشق، وتموّل لـ"قسد"، وتنسّق عسكريًا مع فصائل التنف.
وهكذا، تتحول من "وسيط استقرار" إلى مهندس انقسام دائم، يُبقي التوازن الميداني هشًا، ويمنع أي طرف من تحقيق حسم سياسي أو عسكري.

لكن سورية ليست الحالة الوحيدة في هذا النموذج.
ففي العراق، تدعم واشنطن حكومة موحدة، بينما تموّل تشكيلات مستقلة داخل المنظومة الأمنية.
وفي لبنان، تتحدث عن دعم المؤسسات الرسمية، بينما تنسّق مع قوى الأمر الواقع.
أما في فلسطين، فتستمر واشنطن في إدارة الانقسام لا حله، من خلال دعم ترتيبات تُبقي حماس في المشهد كأداة موازنة داخلية، بدل أن تدعم مسارًا يوحّد القرار الفلسطيني ويعيد الاعتبار للمشروع الوطني برمّته.

إنها عقيدة أميركية قائمة على تمويل التناقض: إبقاء الشرق الأوسط في حالة توازن غير مكتمل، بحيث لا تنتصر دولة ولا تنهار أخرى، ويبقى الجميع محتاجين للوسيط الأميركي.
لذلك، فإن تمويل الانقسام السوري ليس خللًا عرضيًا في السياسة الأميركية، بل جزء من منهج إدارة الفوضى المنظمة - منهج يحافظ على النفوذ الأميركي بأقل كلفة ممكنة، ويمنع أي استقرار قد يهدد شبكة المصالح التي بُنيت منذ عام 2003 وحتى اليوم.


* ينُشر في وقت واحد بالتزامن مع نشطاء الرأي






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- «قتلوا حبيبي يا رفيقنا...»، قالت غزل.
- غريتا تونبرغ تستحق نوبل
- الولايات المتحدة تتحمّل مسؤولية تفجير البنية الجغرافية السور ...
- قبل أول انتخابات بعد سقوط الأسد: لجنة التحقيق الدولية تبدأ ع ...
- انتخابات مجلس الشعب: هل تعكس إرادة السوريين أم إعادة إنتاج ا ...
- على أمل اتفاق سلام وشيك في غزة/ اتفاق 21 نقطة لإنهاء الحرب
- أهداف اللعبة الدولية في سوريا بشأن المفاوضات الأمنية
- المخاض السوري بين تحديات الداخل والتهديدات الإقليمية
- ابتسامة المُكر الأمريكي والثمن السوري... رفع العقوبات كهدنة ...
- سريالية المشهد السوري على شاشة أمريكية: التقاء الأضداد في لح ...
- اتفاق أمني سوري - إسرائيلي برعاية أميركية
- بين خارطة الطريق والبيان الرافض: أي مستقبل للسويداء؟
- قراءة في الاتفاق بشأن أحداث السويداء بين البيان الرسمي والهو ...
- سوريا بين موسكو وأنقرة وتل أبيب: قراءة في حوار الشرع وتحولات ...
- الإطار القانوني لاسترداد أصول شركات مخلوف في سياق العدالة ال ...
- ملف حقوقي موسّع حول بطلان عقود الاستثمار التي تبرمها ميليشيا ...
- سوريا: السُلطة في قبضة الفساد وتزييف الألقاب الأممية
- القضاء الفرنسي مدعو إلى تجاوز الإعلان نحو الملاحقة الفعلية
- تحقيق : السومرية بين مطرقة الحق التاريخي وسندان الواقع السكا ...
- العدالة العمياء: كان يجب أن يترافق تعليق قيصر مع مذكرة اعتقا ...


المزيد.....




- مصادر: أجزاء من غزة ستصبح -مناطق مغلقة- وهذا السبب
- -ليس ضعفا-.. السيسي يثير تفاعلا وتحليلات لمعنى تصريحه عن سد ...
- تعقّيب مصري رسمي على وفاة دبلوماسيين قطريين بحادث شرم الشيخ ...
- رغم توقّف الغارات على غزة.. مظاهرات في عواصم أوروبا تدعو لمح ...
- خبراء: منصات محادثة الذكاء الاصطناعي قد تزيد الأمراض العقلية ...
- أفغانستان تعلن مقتل 58 جنديا باكستانيا في مواجهات حدودية وإس ...
- صحفي فلسطيني يكشف معاناة الأصوات الفلسطينية بفرنسا بعد 7 أكت ...
- دراسة: 61% من أنواع الطيور في العالم تتراجع أعدادها
- معتقلو -أسطول الصمود- يصلون عمّان
- -كوانتاس- الأسترالية تعلن سرقة بيانات أكثر من 5 ملايين من عم ...


المزيد.....

- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أحمد سليمان - العقل الاستراتيجي الأميركي في سورية والمنطقة: شرعنة الانقسام باسم الاستقرار