أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين غسان الشمخي - سجن الرضوانية: صيدنايا العراق في عهد النظام البائد














المزيد.....

سجن الرضوانية: صيدنايا العراق في عهد النظام البائد


حسين غسان الشمخي

الحوار المتمدن-العدد: 8490 - 2025 / 10 / 9 - 00:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أروي لكم مقتطفا من رسالة كتبها أحد سجناء سجن الرضوانية عام 1991 عقب الانتفاضة الشعبانية، وقد نقلها الكاتب كنعان مكيّة في كتابه ( الفتنة ). تصوّر هذه الرسالة بشاعة ذلك السجن وما جرى فيه من فظائع تُقشعرّ لها الأبدان:
أنا اليوم في الجحيم، سجنّ يسمى (الرضوانية) يقع على مقربة من مطار صدام الدولي.
جلبونا إلى هنا في باص مليء بركاب من النجف والعمارة ومدن وقرى أخرى. ما أن غادرنا الباص حتى واجهونا بعدد من الكلاب الجائعة، ولم يكن بالإمكان الخروج من الباص بدون المرور من بين تلك الكلاب المرعبة ، يتبعها سجّانون يقفون خلف تلك الكلاب ماسكين هراوات خشبية طويلة. هناك أمرأة كانت معنا في الباص فقدت إحدى عينيها بعد النزول منه.
في يوميّ الأول في السجن شاهدت ما هو أسوا. شاهدت رجلاً عطشاناً يستجدي قطرة ماء ليشربها. جاء أحد الحراس وبيده طرف صوندة وقام بهزها لتسقط منها بعض القطرات في فم الرجل. لكن هذا الرجل اليائس حاول الإمساك بطرف الصوندة رغبة بمزيد من الماء. توجه خمسة حراس نحوه وأخذوا بضربه بقوة وكأنه نظّم عصياناً داخل السجن أو قام بشتم صدام حسين. وحين سقط على الأرض ركلوه في كل مكان من جسده، على ضلوعه وبطنه ورأسه حتى تمدّد على الأرض وكأنّه ميت. تصورت ان معاناة هذا المسكين قد انتهت عندها لكن العقول المريضة لهؤلاء السجانين لم تتوقف عن الابتكار، فهم متميزون في ابتكار طرق صنع الألم. أخذ أحدهم الصوندة وأدخلها في فمّ الرجل ودفعها عميقاً لتبلغ بلعومه من أجل أن لا تؤدي قوة جريان الماء إلى انفلاتها. فتحوا الحنفية بكل قوتها واندفع الماء بسرعة إلى معدة الرجل المسكين بحيث انها بدأت تنتفخ وأخذ الماء يخرج من كل فتحة من جسد الرجل، من أنفه وأذنيه وفمه. وبعد عشر دقائق رفرفت أطرافه ثم توقف عن الحركة نهائياً.
عند وصولنا إلى الرضوانية شرعوا بتحقيق ثقيل معنا بدءاً مع المسكين ( قاسم ) الذي اتهموه أمام أنظارنا جميعاً بالمشاركة في الانتفاضة الشعبانية . أنكر التهمة فانهالوا عليه ضرباً بعصي طويلة وصعقوه بالكهرباء واستخدموا معه أشكال التعذيب الأخرى التي اتقنوها.
اتجه رئيس المحققين نحو المسكين قاسم صارخا بوجهه : " هل ستعترف ؟ " لكن قاسم كان في وضع مزرٍ وربما لم يتمكن حتى من سماع السؤال. رفع عصاه وهبط بها بقوة نحو رأس قاسم متأكداً من أن تأتي الضربة بالبصيلة المعدنية للعصا. (واحد) صرخ حارسه الشخصي الذي يبدو انه اعتاد هذا المشهد، ثم (اثنين)مع الضربة الثانية، وأخيراً (ثلاثة). (مات) صرخوا جميعا وهم ينظرون نحونا. كان قاسم قد تمدد على الأرض الكونكريتية ودماؤه في كل مكان حتى على قميص رئيس المحققين وعلى وجهي وعلى ملابس الحراس الواقفين هناك.
و لا تتوقعوا العثور على جثث السجناء . فالقاعدة هنا في الرضوانية أن لا يتم حمل الجثة بعيداً بل يتم سحبها من الكاحلين نحو الباب الرئيسي وتوضع مع كومة من الجثث الأخرى قد يصل عددها إلى ست. وفي نهاية اليوم تأتي سيارات لجمع الأزبال ويقوم الحراس برمي الجثث فيها. وبوسعنا مشاهدة تلك السيارات من شبابيك السجن لنراها تذهب نحو تل من الجثث ويتم وضع باودر أبيض فوق كل وجبة جديدة ثم تُرمى فوق التلّ. كان التلّ ينمو أمام أعيننا في كل يوم.
ليشهد اللّٰه هذا ما رأيته. الرضوانية تعني الموت. هذا ما اتضح لي وأنا أشهد هذه الفظاعات.



#حسين_غسان_الشمخي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صباح السابع من أكتوبر
- اليوم الوطني العراقي
- شعب الله المختار
- سقراط والموت
- البابليون : أوّلُ من رصد خسوف القمر
- محاورة كريتو لأفلاطون
- أسطورة الخليقة السومرية
- بين الطوفان البابلي والطوفان التوراتي
- تموز وعشتار
- العالم الآخر في الحضارة السومرية
- قضية الدكتورة بان والعقل الجمعي.
- أصل التطبير
- المجالس في بلاد الرافدين القديمة
- زياد الرحباني… عاصفة الفن التي لن تتكرر.
- حربُ الاثنَي عشرَ يومًا: رؤيةٌ موضوعية مجرّدة من العاطفة.


المزيد.....




- أسبوع الموضة في باريس: كيف نجد المعنى في الأزياء؟
- رحلة العمر معًا.. أب وابنه يخوضان مغامرة بالدراجة حول العالم ...
- شاهد كيف احتفل إسرائيليون وفلسطينيون بعد اتفاق وقف إطلاق الن ...
- لماذا يمثل فضل شاكر أمام القضاء؟
- شتان بين عنصري ومناضلة من أجل رفع المظلومية
- ترامب: إسرائيل وحماس وقعتا على المرحلة الأولى من خطتنا للسلا ...
- غزة وسكانها ينتظرون تنفيذ خطة السلام.. ما تفاصيلها؟
- كاتب تركي: إسرائيل مصنع لمعاداة السامية وشعبيتها في أميركا ت ...
- إعلام إسرائيلي: الاتفاق يدخل حيز التنفيذ بغزة بعد المصادقة ع ...
- طلاب جامعات في أميركا اللاتينية يطالبون بمقاطعة أكاديمية لإس ...


المزيد.....

- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حسين غسان الشمخي - سجن الرضوانية: صيدنايا العراق في عهد النظام البائد