حسين غسان الشمخي
الحوار المتمدن-العدد: 8448 - 2025 / 8 / 28 - 17:15
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
تبرز ملحمة أتراحاسيس باعتبارها واحدة من أقدم النصوص التي تحدثت عن خلق الإنسان. يروي النص أن الآلهة العظام – وعلى رأسهم آنو (إله السماء)، أنليل (إله الهواء والسيادة)، وآيا/إنكي (إله الحكمة والمياه العذبة) – تقاسموا الكون فيما بينهم.أوكل أنليل الأعمال الشاقة إلى الآلهة الأدنى شأنًا، المعروفين باسم الإيگيگي (Igigi). كانت مهمة هؤلاء الآلهة الصغار أن يحفروا القنوات ويشقوا الجداول وينظموا مياه الري.وبعد أربعين عامًا من الكدّ، ضاق الإيگيگي ذرعًا بما أوكل إليهم :
لقد قتلنا عبء العمل الشاق
كان عملنا ثقيلاً، وعناؤنا كبيراً
فثاروا ليلًا على سيدهم أنليل، وأضرموا النار في أدواتهم (المساحي والسلال) ورفعوها كمشاعل، وساروا جماعات إلى معبده احتجاجا على العناء :
أضرموا النار في مرارهم (ومساحيهم)
وسلطوا اللهب على أدواتهم وسلالهم
ورفعوها كالمشاعل وهم يسيرون
ردا على هذا العصيان، استدعى أنليل مجمع الآلهة للتشاور. عندها اقترح آيا (إنكي) الحكيم، حلا عبقريا: لماذا لا يُخلق كائن جديد يتحمل عبء العمل عن الآلهة؟ وهكذا وُلدت الفكرة المحورية في خلق الانسان عند السومريين : الإنسان خُلق ليخدم الآلهة ويخفف عنهم مشقة العمل.
وافق مجمع الآلهة على الاقتراح، وأُنيطت بالمعبودة مامي (أو نينتو/ماما) – وهي إلهة الخلق والولادة – مهمة تشكيل الإنسان. غير أن الطين وحده لا يكفي لبثّ الحياة، لذلك تقرر خلطه بـ دم ولحم إلهٍ يُضحى به. وقع الاختيار على إله مجهول في مجمع الآلهة يُدعى وي (We)، فذُبح ليُصبح جسده ودمه جزءًا من تكوين الإنسان.أُطلق على هذا الكائن الجديد اسم لولّو (Lullû أو Lullûlu). والاسم مركب من المقطع السومري lu بمعنى “إنسان” أو “رجل”، وulla بمعنى “الأول”. فيكون المعنى: “الإنسان الأول”.
#حسين_غسان_الشمخي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟