حسين غسان الشمخي
الحوار المتمدن-العدد: 8488 - 2025 / 10 / 7 - 12:15
المحور:
القضية الفلسطينية
صباحٌ لم يكن كغيره من الصباحات، حين خرج رجالٌ لا يشبههم أحدٌ في الشجاعة ، حاملين البنادق فوق أكتافهم ، وببضع دراجات نارية، وبنادق قديمة، وقلوبٌ مؤمنة بأن المواجهة لا تُقاس بالعتاد ولا بالعدد. عبروا الحدود الشائكة ، كانوا يعبرون إلى ارضهم ؛ الأرض التي تحفظ أسماءهم كما تحفظ الأم أبناءها، نحو ترابٍ يعرف خطواتهم واحداً واحداً، ويستعيد أبناءه الذين لا تليق بهم سوى هذه الأرض.
إسرائيل، التي طالما تباهت بجبروتها الاستخباري وتفوّقها العسكري، ذاقت في ذلك اليوم طعم الذلّ الذي لم تعرفه من قبل. سقطت منظومتها الأمنية التي هي كما قال السيد : " أوهن من بيت العنكبوت". وانكشفت أسطورة “الجيش الذي لا يُقهر”، إذ إن الطائرات المقاتلة لا تملك شجاعة رجلٍ واحدٍ خرج من تحت الحصار يحمل إيمانه سلاحاً.
أثبت ذلك أن فلس.طين ما زالت خافقة في القلوب ؛ لم تمت و ليست “قضية منسية”. ففي شوارع أمستردام ولندن وسيدني خرج مئات الآلاف من الناس، هاتفين باسم فلس.طين، رافعين رايتها الحقة. تحوّلت فلس.طين من خبرٍ عابرٍ في آخر النشرات إلى حدثٍ يتصدّر كل العناوين. وفي مقاهي أوروبا وميادين العواصم الغربية، صارت الكوفية الفلسط.ينية رمزا ضد الاستعمار، وشارةً للضمير الحرّ الذي يأبى الخضوع.
في وجوه الأطفال الذين فقدوا بيوتهم، تتجلّى ملامح سؤالٍ لا يعرف جوابا : كم هو هشٌّ هذا الكوكب حين يفقد رحمته؟ وكم هي كبيرة تلك الأرواح التي رغم الحصار والجوع والموت ما زالت تُؤمن بمستقبل أفضل. وأدرك الناس، في الشرق والغرب، أن هناك مظلوماً يقاتل وحده في مواجهة آلةٍ نازية لا تعرف سوى القتل.
السابع من أكتوبر أسقط أقنعة الكثير من حكّام العرب، الذين وبّخهم أبو عبيدة : “إننا لا نطالبكم بتحريك جيوشكم ودباباتكم للدفاع عن أطفال العرب والمسلمين… لأننا أخذنا على عاتقنا كنس هذا الاحتلال وإساءة وجهه.”
كانت فلس.طين، ولا تزال، اختبارا أخلاقيا للبشرية جمعاء ، وسيبقى السابع من أكتوبر محفوراً في ذاكرة التاريخ .
فما زلنا هنا. ما زال لنا وطن. وما زال لنا حقٌّ لن نساوم عليه.
#حسين_غسان_الشمخي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟