أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - رائد النافعي السارد الذي اختزن بابل في قلبه وحررها على الورق














المزيد.....

رائد النافعي السارد الذي اختزن بابل في قلبه وحررها على الورق


محمد علي محيي الدين
كاتب وباحث


الحوار المتمدن-العدد: 8489 - 2025 / 10 / 8 - 12:01
المحور: سيرة ذاتية
    


في مدينة الحلة، تلك الحاضرة التي امتزج فيها عبق التاريخ بأنفاس الفرات، وُلِد رائد كاظم جبر عبد الله النافعي بتاريخ السابع والعشرين من شباط عام 1978. كان قدره أن يولد في أرضٍ لا تهدأ فيها الذاكرة، حيث كل حجر يروي قصة، وكل زقاق يحتفظ بندبة أو بصمة، وربما لهذا السبب لم تكن الكتابة عنده ترفًا أو نزوة، بل كانت حاجةً روحية تشبه التنفس، وممرًا داخليًا يقوده من الحاضر إلى أعماق الذاكرة الجمعية.
أكمل رائد دراسته الأولية في مدينته، قبل أن ينتقل إلى رحاب جامعة بابل، التي احتضنته طالبًا في كلية التربية للعلوم الإنسانية حتى تخرّج عام 2004، ليبدأ رحلته الطويلة في عالم الحرف والفكر. سنوات قليلة فصلته عن أولى محاولاته للانخراط في المشهد الثقافي، وكانت بدايته الفعلية عام 1998، من خلال مشاركاته في الفعاليات الجامعية التي كانت آنذاك تشكل فضاءً خصبًا للطاقات الشابة.
لكن الطريق إلى الاعتراف الأدبي لم يكن معبّدًا؛ فقد طرق باب اتحاد الأدباء في بابل بعد تخرّجه، فقوبل طلبه بالاعتذار لعدم امتلاكه كتابًا مطبوعًا، غير أن خيبات البدايات لم تكن سوى وقودٍ أشعل عزيمته، فاستمر يكتب ويبحث وينشر ويجالس الكتّاب والنقاد، حتى غدا عضوًا فاعلًا في اتحاد أدباء بابل سنة 2018، ومن ثم عضوا في نادي السرد، ليتكرس حضوره الأدبي والفكري بعد ذلك.
لم يكن رائد كاظم كاتبًا نمطيًا، بل تعددت مشاربه ومواهبه، فكتب الدراما والنص التلفزيوني، إذ أنجز نصًا دراميًا بعنوان أنين الياسمين وُضِع في عهدة قناة العراقية، وكتب نصًا آخر بعنوان عيون المها للدراما الخليجية. غير أن صوته السردي بلغ ذروة حضوره في رواياته، التي تكشف عن مزاج أدبي يميل إلى التأمل والتحليل، ويشتبك مع الواقع العراقي من جهة، ومع البعد الإنساني من جهة أخرى.
في روايته العزيف، الصادرة عن دار الصادق عام 2017، يظهر انشغاله العميق بالتصدي للفكر المتطرف، من خلال بناء سردي محكم يوازن بين الخيال والواقع، وبين الشخصي والعام. وقد لاقت الرواية صدى طيبًا، حيث كُرّم من قبل جامعة الفرات الأوسط التقنية، وعدّت الرواية منجزًا يسهم في إشاعة خطاب الاعتدال والتنوير. أما روايته الثانية صنع في بابل، التي صدرت عن دار النخبة في القاهرة عام 2018، فقد أكدت من جديد انتماءه لمدينته لا بوصفها مكانًا فحسب، بل بوصفها رمزًا وملاذًا وموضوعًا للسرد، وقد عبّر فيها عن مزيج الذاكرة والتاريخ والمعاناة المعاصرة التي تعيشها الذات العراقية.

وقد استأثرت رواياته باهتمام بعض النقاد الذين رأوا في كتابته نزوعًا نحو الواقعية الرمزية، حيث تتقاطع الثيمات الوطنية والوجودية في نصوص تنبض بالشجن والصدق. يشير بعضهم إلى أن العزيف لا يمكن قراءتها بوصفها مجرد رواية عن الإرهاب، بل هي كشف عن البنية النفسية للإنسان العراقي وهو يواجه طوفان الخراب. بينما توقف آخرون عند صنع في بابل بوصفها محاولة سردية لاستعادة هوية مدينة شوهتها الحروب والخرائط المتبدلة.
يصفه النقاد بأنه كاتب يتقن رسم الشخصيات، ويمنحها عمقًا دراميًا واضحًا، كما يتميز بأسلوب لغوي يجمع بين البساطة والبلاغة، متجنبًا الزخرفة اللفظية لصالح تعبير أكثر فاعلية وأقرب إلى الواقع. وتتمثل قوة نصوصه – كما يرى البعض – في قدرته على التقاط اللحظات الهامشية وتحويلها إلى بؤر دلالية تنبض بالحياة.
لم يتوقف طموحه عند النشر أو الظهور الثقافي، بل واصل مسيرته الأكاديمية، فنال شهادة الماجستير في الأدب العربي من كلية التربية – جامعة القادسية عام 2021، ويواصل دراسته اليوم طالب دكتوراه في الجامعة نفسها، في قسم اللغة العربية، فيما يشغل موقعه الأكاديمي أستاذًا في كلية الآداب – جامعة بابل، مؤدِّيًا رسالته العلمية والتربوية في صمتٍ ورفعة.
نال قلادة الإبداع من مؤسسة ميزوبوتاميا للتنمية الثقافية في مهرجانها السنوي عام 2018، في إشارة واضحة إلى التقدير الذي يحظى به داخل الأوساط الثقافية العراقية. ولديه العديد من المشاريع الكتابية التي تنتظر أن ترى النور، منها رواية تلك الأيام، التي هي قيد المراجعة والطبع، بالإضافة إلى أعمال أخرى لا تزال محفوظة في أدراجه، بانتظار اللحظة المناسبة.
إن رائد كاظم هو أحد الأصوات السردية التي تمثل امتدادًا لتجربة العراق الثقافية، في زمنٍ ضاقت فيه المساحات وارتفعت فيه أصوات الرصاص فوق همس الأدب. لكنه، بصفته كاتبًا وباحثًا ومثقفًا، آمن بأن السرد يمكنه أن يكون فعل مقاومة، وأن الكتابة ليست هروبًا بل مواجهة، وأن بابل التي يسكنها يمكن أن تنهض من رمادها إذا ما أُعيد سردها بعين محبة وعقل واعٍ. وهو ما يفعله، نصًا بعد آخر، بإخلاصٍ قلّ نظيره.



#محمد_علي_محيي_الدين (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سعد الحداد حضور أدبي وعطاء إنساني
- الناقد سامر جلاب صانع المرايا في دروب الشعر والنقد
- حواريّة الموت-.. مرثية عراقية موجعة
- حيدر العميدي الناقد الذي قرأ المسرح بجسد الروح
- شريف هاشم الزميلي شاعرٌ بنكهة الأسطورة وناثرُ حلمٍ لا يشيخ
- صدام غازي الشاعر الذي يسكب القصيدة في كأس الخمر والخراب
- طبع الذهب حين تحترق القصيدة بنار الحب.. علي الشباني ومرآة ال ...
- شاكر نصيف الشاعر الشهيد الذي اشتعل بالشعر وانطفأ برصاص الطغا ...
- سعد الشريفي شاعر الغربة والجمرات
- جبر داكي شاعر غنّى للحياة حتى رحيله
- جابر القاري صوت السدة الذي ذاب في الحسين
- كريم النور... شاعر الطين والنخوة والكرامة العالية
- رياض أبو شبع شاعر الغربة والتمرد النبيل
- صباح العسكري: الشاعر الذي أضحك القمر وبكى العراق
- راسم الخطاط شاعر الومضة ومهندس القصيدة
- الراحل كاظم الرويعي بين الأغنية الملتزمة والاغتراب الموجع
- شاكر ميم.. شاعر الغفوة والابتسامة العابرة
- عبد الستار شعابث شجرة الشعر التي نبتت على ضفاف الحلة
- الناقد والقاص سلام حربة صوتٌ نقدي وقلمٌ سردي في المشهد الثقا ...
- حامد كعيد الجبوري شاعرٌ خرج من رحم الحلة ومضى ليكتب للوطن وا ...


المزيد.....




- بعدما لوّح ترامب باستخدامه.. ما هو قانون مكافحة التمرد بأمري ...
- رأي.. جيفري ساكس وسيبيل فارس يكتبان: خطة سلام من 20 نقطة بدو ...
- تفاؤل يسود مفاوضات شرم الشيخ، والسيسي يدعو ترامب لحضور مراسم ...
- هل تفرض ألمانيا رقابة على تطبيقات المحادثات الإلكترونية؟
- لماذا يجري الجيش الفرنسي اختبارات إطلاق طائرات مُسيرة انطلاق ...
- رواية -إسم الملوك-: لبنان أرض الأساطير إلى أن جاءت الحرب... ...
- إسبانيا وإسرائيل.. تاريخ من العلاقات المضطربة
- توغلان إسرائيليان وإصابة مدني بالرصاص في القنيطرة
- واشنطن تايمز: هكذا تستغل روسيا الهجرة للضغط على الغرب
- شاهد لحظة اعتراض القوات الإسرائيلية لأسطول مساعدات متجه لغزة ...


المزيد.....

- أعلام شيوعية فلسطينية(جبرا نقولا)استراتيجية تروتسكية لفلسطين ... / عبدالرؤوف بطيخ
- كتاب طمى الاتبراوى محطات في دروب الحياة / تاج السر عثمان
- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - محمد علي محيي الدين - رائد النافعي السارد الذي اختزن بابل في قلبه وحررها على الورق