مزهر جبر الساعدي
الحوار المتمدن-العدد: 8487 - 2025 / 10 / 6 - 13:32
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
(المقاومة الفلسطينية: تكتيكات ذكية كي تقع بين سندان ترامب ومطرقة نتنياهو)
في خطوة ذكية ومحسوبة سياسيا وعسكريا في تفويت الفرصة التي كان نتنياهو يتوقعها بالرفض لخطة ترامب؛ وافقت المقاومة الفلسطينية في غزة على خطة ترامب بخلاف ما كان نتنياهو يتوقعه، على الرغم من انها قد حققت كل ما كان يريده نتنياهو والعصابة المجرمة والعنصرية المحيطة به والتي تشكل طاقم حكومته. الاسئلة المهمة هنا، بل هي الاهم والاخطر: هل هذه الموافقة موافقة تدخل في خانة اللعبة التكتيكية؟ وهل هي التسليم بها وذلك لانعدام الاختيارات الأخرى؟ وهل ان هذه الخطة تحقق كل ما كانت تريده امريكا واسرائيل معا؟ وهل انها في حالة تطبيقها كليا على ارض الواقع تحقق لإسرائيل امنها المستدام؟ وهل انها؛ في حالة تطبيقها على الواقع بنجاح (ولو ان هذا الأمر في حدود محركات هذه اللحظة، وايضا لزمن الذي سوف يليها؛ وما سوف تنتجها من حلحلة؛ امرا في غاية الصعوبة)؛ يكتفي عرابوها الامريكيون والاسرائيليون بها من دون التحرك شرقا الى ايران تاليا؟. وهل انها تخدم الامن والسلام والاستقرار ليس في فلسطين فقط، بل في كل الاوطان العربية وفي جوار هذه الاوطان؟
هذه الخطة يكتنفها الكثير من الغموض المقصود وليس الغموض البريء او غموض حسن النوايا، بل الغموض المقصود. الكثير من فقراتها وهي لاتزال في الورقة الترابمبية، ولم يتم ترجمتها على ارض الواقع حتى هذه اللحظة؛ تختلف تفسيراتها من كل من المقاومة والسلطة الفلسطينية وامريكا واسرائيل؛ اسرائيل نتنياهو وامريكا ترامب لا تريد ان تكون لحماس(المقاومة الفلسطينية) اي وجود في التحولات المرتقبة لهذه الخطة، ليس المقاومة فقط، بل حتى السلطة الفلسطينية، وهنا تكون الصعوبة في الاتفاق والتوافق هذا اولا وثانيا، تكون عند البحث في تطبيقاتها في المفاوضات امام معضلة صعبة بين إرادتين الإرادة الفلسطينية سواء إرادة المقاومة او الإرادة السياسية التي تجسدها السلطة الفلسطينية معا في خطاب فلسطيني موحد؛ المرجو او هذا هو ما يجب ان يكون عليه الخطاب الفلسطيني موحدا في المفاوضات الجارية او التي ستجري لاحقا؛ في الاصرار على ان تكون الإدارة لغزة من قبل السلطة الفلسطينية التي ترتكز بعد الاتفاق على خطاب فلسطيني واحد وجامع كما قد ورد في بيان المقاومة الفلسطينية الذي تضمن الرد الايجابي الجزئي على خطة ترامب. في رأيي المتواضع ان امريكا ترامب واسرائيل نتنياهو؛ سوف يقوما بعلمية التفاف على هذا السيناريو بسيناريو مختلف ومضاد. ترامب يهدد بطريقة سمجة جدا ويقول فيها ان على حماس ويقصد هنا المقاومة الفلسطينية في غزة على الافراج الفوري للرهان وهو هنا يقصد الاسرى الاسرائيليين والا فان كل شيء سوف يتعرض الى الضياع في وقت كانت المقاومة قد اعلنت من انها سوف تطلق سراح الاسرى، الاحياء، و الاموات. المقاومة الفلسطينية في ردها الايجابي الجزئي، على خطة ترامب، وفي ديباجتها اشارت وبكل وضوح بان حكم غزة في اليوم الذي يلي انتهاء المحارق الصهيونية منوط بالاتفاق على خطاب وطني فلسطيني جامع. بينما وفي الجانب الامريكي الاسرائيلي يتم التأكيد على عدم مشاركة السلطة او المقاومة في ترتيبات الاعمار وحكم غزة الا مشاركة هامشية للسلطة الفلسطينية وهذا هو ما اشارت له خطة ترامب. ان موافقة حركة المقاومة الفلسطينية على الخطة الترامبية النتنياهوية بالاشتراك مع بعض الدول العربية والاسلامية؛ كانت موافقة جزئية. ان فحص ومعاينة رد المقاومة، في اي قراءة حيادية ومنصفة؛ يتوصل الى نتيجة مفادها، ان المقاومة؛ لم توقع على البياض في ردها الايجابي الجزئي عليها. في كل الاحوال ان هذا كلها منوط حتما في الذي سوف تتمخض عنه المفاوضات بين اسرائيل والمقاومة الفلسطينية في المقبل من الايام، لذا؛ من السابق لأوانه التنبؤ بجميع مآلات ما سوف تنتجه هذه المفاوضات لكنها وفي جميع الاحوال سوف تركز على: اولا، اطلاق سراح الاسرى الاسرائيليين سواء ما كان منهم لايزال على قيد الحياة او الذي غادرها قبل وقت ما. وثانيا، البحث في ألية تنفيذ بقية بنود الخطة. وثالثا، محاصرة المقاومة اثناء المفاوضات سواء من قبل امريكا واسرائيل او من غيرهما؛ على جميع بنود هذه الخطة. رابعا، ستجد المقاومة نفسها محصورة في خانق ضيق، تنعدم فيها المناورة السياسية والعسكرية؛ في اختيارين اما الموافقة عليها( البنود) او الانتحار اذا ما تناولنا الوضع كما هو مطروح اعلاميا من دون الأخذ في الاعتبار عند التحليل قوة الإرادة السياسية وروح المقاومة لقيادة المقاومة والمقاومين المرابطون على تحقيق الحق او انتزاع الحقوق المغتصبة التي كفلها لهم القانون الدولي وقرارات الهيئة الدولية، في مواجهة إبادة اجرامية لامثيل لها، وحنكتها وقوة حجتها التي تجلت تجليا تاما وكاملا في بيان المقاومة في الرد على خطة ترامب لجهة قبولها بها جزئيا؛ عليه فان المقاومة لسوف تناور سياسيا في المفاوضات بروح المقاومة وبخطاب فلسطيني جامع وموحد؛ بمناقشة بنود الخطة بندا بندا وليس كما يريد ترامب ونتنياهو الموافقة عليها او على كل بنودها بصفقة واحدة. ان الخطة شائكة وفيها كل العراقيل التي ربما تكون سببا في خسارة حضها في الوجود على ارض الواقع؛ بطريقة سلمية؛ من دون معاودة اسرائيل على ممارسة ابادتها للفلسطينيين في غزة مرة اخرى، وهذا من وجهة النظر الشخصية المتواضعة امرا ربما يكون بعيدا عن الواقع الموضوعي. أن المقاومة بالاستناد الى بيانها الذي ردت فيه على خطة ترامب بقبولها المشروط لها الذي تجنبت اظهاره واضحا في صياغة الرد، لكن القبول المشروط بها كان واضحا من بين اسطر الرد او اسطر بيان المقاومة الفلسطينية؛ سوف تكون هناك في المفاوضات تكتيكات سياسية محسوبة بدقة؛ بالموافقة على بعض بنودها موافقة مشروطة بالانسحاب الاسرائيلي انسحابا كاملا من غزة، وان تكون إدارة غزة من قبل الفلسطينيين حصرا سواء من السلطة الفلسطينية او من فصائل المقاومة؛ الى حين عبور هذه المرحلة الخطيرة والمفصلية في كل تاريخ المقاومة الفلسطينية خلال قرن مضى والى الآن. ترامب يريدها ان تنفذ بسرعة جنونية وهذا امر لن يحدث، بل انها سوف تستغرق فترة ليست قليلة، ويكون الطريق الى نهايتها فيه الكثير من المطبات والكثير الكثير من الحفر، وتجاوزها هو ليس بالأمر البسيط والهين، على عكس ما يريد ترامب ان يحصل لها، او ان يكون بطل سلام بما يتقاطع تقاطعا كليا مع نواياه واهدافه منها؛ ليس حبا بالشعب الفلسطيني، فخطته اذا ما تحولت الى واقع على الارض؛ تخدم مخططات اسرائيل خدمة ذات ابعاد استراتيجية حسب ما يراد لها ان تحققه وليس حسب مجريات الواقع الموضوعي الذي سوف يكون له كلمته الفصل في نهاية المطاف. ان ترامب يريد من هذه العجالة والسرعة الجنونية في تطبيق خطته حتى يتم منحه جائزة نوبل للسلام، كما حصل عليها اوباما حين دمر ليبيا واسقط نظامها هو وفرنسا ماركوزي. ترامب يقول عن خطته من انه يريد ان تنتهي الحرب في غزة طبقا لخطته حتى تعود اسرائيل الى سابق عهدها في مساندة العالم لها وتنتهي عزلتها الحالية. ماذا عن مئات الألاف التي ارتقت ارواحهم الى عليين وماذا عن كل هذا الدمار والخراب التي قامت به اسرائيل والتي وصفها كاتب اسرائيلي يساري بان هذا الدمار والخراب لم يكن هناك في العالم على مر تاريخه مثيلا له الا ما قامت به امريكا بأسقاط قنبلتين نوويتين على هيروشيما وناغزاكي في خواتيم الحرب العالمية الثانية. في النهاية اقول: ان حصاد الحقل يختلف عن حصاد البيدر..
#مزهر_جبر_الساعدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟