مشتاق الربيعي
Mushtaq alrubaie
الحوار المتمدن-العدد: 8486 - 2025 / 10 / 5 - 10:24
المحور:
قضايا ثقافية
من أكبر درجات نضوج الإنسان
أن لا يغضب بسرعة،
ولا يتعكر مزاجه من أي شيء،
وأن يفهم أن الهدوء ليس ضعفًا،
بل قوةٌ ناعمة لا يمتلكها إلا من خاض معارك كثيرة بداخله وخرج منها مبتسمًا.
يُدرك حينها أن بعض الخسارات ما هي إلا حماية من الرب،
وأن انسحاب البعض من حياته لم يكن صدفة،
بل لطفًا من الرب أنقذه من طريقٍ لم يُخلق له.
فيتعلم أن لا يُطارد أحدًا، ولا يُعاتب كثيرًا،
وأن السلام الداخلي أغلى من أي بقاء زائف.
في هذه المرحلة، يتعامل الإنسان بهدوء،
يختار صمته على الجدال،
وراحته على إرضاء الآخرين،
ويُدرك أن الكلمات التي لا تُقال ليست ضعفًا،
بل حكمةٌ اختارها لئلا يخسر نفسه في نقاشٍ لا يستحق.
فتصبح روحه أكثر سكينة، وقلبه أكثر صفاء،
ونظرته للحياة أوسع وأعمق.
يسمّيها البعض مرحلة الملوكية،
لأنها تجمع بين الرضا، والهيبة، والطمأنينة.
فلا يفرح الإنسان كثيرًا ولا يحزن كثيرًا،
بل يعيش بتوازنٍ جميل بين ما كان وما سيكون.
لذلك، فإن السلاح الداخلي للإنسان
هو منبعه من أحبّته الإنسانية،
أولئك الذين يزرعون فيه الطمأنينة لا الصراع،
والنور لا العتمة،
ويُعطونه الأمان لا القلق، والصدق لا الزيف.
وعليه أن يبتعد قدر المستطاع
عن الأشخاص الذين يمنحونه طاقة سلبية،
ويُطفئون حماسه أو يُشكّكون بخطواته،
فالحياة قصيرة لتُقضى في محاولات إرضاء من لا يرى قيمتك.
فسلامه النفسي لا يُقدّر بثمن،
وذلك حقّ من حقوق الذات لا يُنتزع ولا يُتنازل عنه.
الحياة بسيطة،
لكن علينا أن نفهمها جيدًا،
وأن لا نسير في الطريق الخاطئ،
سواء في اختيار الصديق أو الحبيب.
فكلاهما مرآة لروحك،
إن كان نقيًا أراك جمالك،
وإن كان مريضًا شوّه صفاءك.
ليس كل من يبتسم لك صادق النية،
ولا كل من يرحل عنك كان يستحق البقاء،
فبعض الوجوه تُبتلى بها لتتعلّم،
وبعضها يُرسلها الرب لتُشفى.
تعلّم أن تختار بعقلك قبل قلبك،
لكن لا تترك قلبك خارج القرار،
فالعقل يُريك الطريق،
والقلب يُشعرك بمعناه.
وبرغم أن اختيارات العقل قاسية،
إلا أنها غالبًا ما تحمي القلب من انكساراتٍ مؤلمة،
فهي تقسو لتُنقذ،
وتُبعد لتُبقيك بخير،
ولعلّ ما تراه اليوم وجعًا،
هو غدًا سبب نضوجك وابتسامتك الأعمق.
#مشتاق_الربيعي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟